الإرهاب في الساحل الإفريقي

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

إذا كانت الحرب الأوكرانية باتت تشكل قلقاً عالمياً جراء تداعياتها الأمنية والاقتصادية، فإن منطقة الساحل الإفريقي (بوركينا فاسو، مالي، موريتانيا، النيجر، وتشاد) سبقت الحرب الأوكرانية في أن تكون سبباً لقلق ومخاوف القارة الإفريقية وأوروبا، وقد تزايدت هذه المخاوف مع تصاعد الإرهاب بشكل متسارع، وبزيادة وصلت إلى 140 بالمئة منذ العام 2020، إذ أدى الإرهاب إلى مقتل نحو ثمانية الآف شخص، ونزوح أكثر من مليونين ونصف المليون، حسب إحصاءات المنظمات الدولية.

وإذا كانت هذه الدول تسعى لصياغة استراتيجية موحدة لمواجهة الإرهاب، بعد انسحاب مالي من القوة المشتركة لدول الساحل، ومن ثم انسحاب القوات الفرنسية من مالي، فإن هذه الجهود تصطدم بعقبات مالية ولوجستية، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار التي تواجه بعض هذه الدول، في حين تعمد المنظمات الإرهابية في منطقة الساحل إلى تعزيز وجودها وقدراتها وتغيير تكتيكاتها وفقاً للظروف التي تسمح لها باستباق أية خطوات تتخذها دول الساحل.

كما أن الإستراتيجية المشتركة لدول الساحل تفتقر إلى التفعيل، وتحتاج إلى دعم دولي إضافة إلى الدعم المالي المتواصل. وكانت المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد قد أشارت خلال مناقشة مجلس الأمن للوضع في الساحل الإفريقي خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إلى «أن الإرهاب في إفريقيا يمثل مصدر قلق للمجتمع الدولي بأسره، وأن مواجهته تتطلب نهجاً وقائياً»، ذلك أن الإرهاب بات سبباً رئيسياً للهجرة الجماعية التي تجد طريقاً للهروب غير الشرعي نحو القارة الأوروبية، ومواجهة ما يمكن أن يمثله ذلك من أزمات إنسانية، واحتمال انتقال التطرف والإرهاب إلى القارة.

ووفقاً لتقديرات مؤشر الإرهاب للعام 2022 الصادر عن «معهد الاقتصاد والسلام»، فقد فشلت حتى الآن كل الاستجابات الإقليمية والدولية في وقف الزيادة المتواصلة في مستويات الإرهاب، وذلك بسبب النمو السكاني العالي في المنطقة، والزيادات الكبيرة في معدلات انعدام الأمن الغذائي، والنزوح بسبب عوامل التغير المناخي والنزاعات الأهلية. وقد تصدرت بوركينا فاسو ومالي والنيجر قائمة بلدان المنطقة من حيث عدد ضحايا العمليات الإرهابية، إذ سقط في البلدان الثلاثة خلال العام 2022 نحو ألفي شخص، كما عادت معدلات الارتفاع في عدد الضحايا في نيجيريا إلى الارتفاع، بعد أن كانت قد انخفضت إثر مقتل زعيم جماعة «بوكو حرام» أبوبكر الشوكي في يونيو/ حزيران 2021.

لقد أدت العمليات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة إلى إغلاق عشرات المدارس، حيث تعرضت لهجمات إرهابية نتج عنها اختطاف مئات الطلاب، كما تعطلت منشآت صحية وخدمية تعرضت أيضاً لهجمات مماثلة، حيث وسعت الجماعات الإرهابية من هجماتها التي كانت تقتصر سابقاً على الثكنات والمراكز الأمنية، وبدأت في مهاجمة القرى والمدارس والمستشفيات والمناطق الآهلة، إضافة إلى البنى التحتية مثل خطوط السكك الحديدية.

إن ازدياد العمليات الإرهابية سببه الضعف الأمني وعدم وجود استراتيجيات فاعلة لمكافحة الإرهاب، إضافة لعدم وجود خطط إنمائية تساعد في تقليص مساحة الفقر التي تستغلها المنظمات الإرهابية في عمليات التجنيد التي تقوم بها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/tvcvncmj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"