عادي
قصة الأجداد في تطويع الطبيعة.. ووجهات فريدة لعشّاق السياحة البيئية

«الغاف» و«المانغروف».. ظل الأصالة

01:12 صباحا
قراءة 4 دقائق

تحظى أشجار القرم «المانغروف» والغاف بمكانة خاصة عند الإماراتيين، نظراً لقيمتها البيئية وفوائدها المتعددة، واقترانها بهوية الإمارات وتراثها، وأصبحت غابات هاتين الشجرتين مقصداً للزوار المحليين والسياح، وتمثل فرصة فريدة لخوض تجربة سياحية بمذاق مختلف، خصوصاً خلال النسخة الثالثة من حملة «أجمل شتاء في العالم» التي تبرز مقومات الموروث والهوية الوطنية، ومنظومة القيم الإماراتية الأصيلة المتوارثة، والضاربة بجذورها في تكوين المجتمع المحلي، والتي حملها الآباء عن الأجداد، ويتوارثها الأبناء والأجيال اللاحقة، في نسق تلقائي يتسم بالاستدامة.

حظيت أشجار «الغاف» بمكانة خاصة في التراث الإماراتي، وبرز ذلك من خلال الاهتمام الكبير من قبل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أصدر توجيهاته بمنع قطعها في كافة إمارات الدولة، كما أمر باستزراع غابات جديدة واسعة.

وتم إعلان «الغاف» الشجرة الوطنية لدولة الإمارات في عام 2008، ويرجع هذا الاختيار لما تمتلكه هذه الشجرة من قدرة عجيبة على التأقلم المثالي مع البيئة الصحراوية القاحلة للدولة، كونها تتحمّل الجفاف ويمكن أن تظل خضراء حتى في البيئات الصحراوية القاسية، إلى جانب أهميتها للإنسان والحيوان والحفاظ على توازن البيئة كذلك.

الصورة

وتكتسب شجرة «الغاف» قيمتها المعنوية والوطنية كونها شجرة يتجمع تحتها الناس للتشاور منذ القدم؛ إذ درجت العادة في المساء أن يتوسط كل شيخ من شيوخ القبائل مجلساً تحت أشجار «الغاف»، كما يحق لأبناء القبائل المجاورة الانضمام إليه دون قيد أو شرط وحتى عابر السبيل الذي يلقى كامل الترحيب به، وتدور حول موقد النار فناجين القهوة وحبات التمر، ويناقش الحضور أمورهم المهمة.

رمز التسامح

في عام 2019 تم اختيار شجرة «الغاف» رمزاً للتسامح في عام التسامح بدولة الإمارات، كما انتشرت في جميع أرجاء معرض «إكسبو 2020 دبي» لتحكي قصة أخرى عن الاستدامة ونشر روح التسامح على الأجنحة المشاركة.

ولعبت أشجار «الغاف» دوراً مؤثراً في حياة البدو، لأنها مصدر الغذاء الرئيسي للحيوانات البرية التي كانت تأتي لتقتات منها وتستظل بها عندما ترتفع الحرارة في فصل الصيف، كما أنها تعد ثروة عظيمة متعددة الفوائد وفي مقدمتها مكافحة التصحر وتقليل الانبعاثات الكربونية، كما تدخل مكوناتها في صناعة الأدوية والمنتجات التجميلية. ولأهمية هذه الشجرة من الناحية البيئية، أقيمت لها محمية «غاف نزوى» في دبي، وتتميز بوجود أعداد من هذه الأشجار تظهر على شكل غابات تكسو المنطقة وتوفر بيئة ظليلة وجاذبة لمختلف أنواع الطيور والحيوانات، وتعد المحمية وجهة مثالية لعشاق الطبيعة والراغبين في الاسترخاء والهدوء.

الصورة

موائل طبيعية

تتمتع دولة الإمارات بطبيعة متنوعة، تضم العديد من الكائنات البرية والبحرية، وكذلك النباتات التي ترسم ملامح تفرد المنطقة وتميزها من ناحية البيئة، ومنها أشجار القرم «المانغروف» التي تكثر على ساحل دولة الإمارات بمساحات كبيرة، وتنتشر في العديد من المحميات الطبيعية في الدولة. وتلعب غابات «القرم» دوراً مهماً في حماية سواحل دولة الإمارات من ارتفاع مستويات سطح البحر، والعواصف الشديدة، إضافة إلى فعاليتها في خفض الانبعاثات الكربونية، كما تعتبر موائل للعديد من الأنواع البحرية، ما يجعلها مقصداً سياحياً للزوار المحليين والسياح وعشاق السياحة البيئية.

وجهة سياحية مثالية

ويعد منتزه القرم الوطني في أبوظبي وجهة مثالية للعائلات والمصورين وعشاق مراقبة الطيور، ويتميز المنتزه بتنوّع بيولوجي وفير ويشمل غابات أشجار القرم والمستنقعات المالحة والسهول الطينية وتجمّعات الطحالب. ويتمتع الزائر للمنتزه بالطيور النادرة، مع بعض الكائنات البحرية الغريبة والجميلة، كما يستفيد الزائر من تعلم الكثير عن حياة الطيور والثدييات والأسماك واللافقاريات التي تعيش في غابة القرم.

وفي وجهة مميزة لعشاق الطبيعة، تتميز محمية رأس الخور بدبي بوفرة أشجار «القرم» التي تستخدمها الطيور ملاذاً آمناً للتكاثر وبناء الأعشاش عليها.

فيما تعتبر محمية أشجار «القرم» والحفية في مدينة كلباء بالشارقة من المناطق الغنية بتنوعها الحيوي، وتتميز بكونها موطناً رئيسياً لأنواع كثيرة من الكائنات الحية المهددة بالانقراض، مثل السلاحف الخضراء وسلاحف منقار الصقر، كما تسهم في حماية الساحل من خلال الحد من عوامل التعرية الناتجة عن العواصف والتيارات والأمواج والمد والجزر.

الطبيعة الساحرة

تمتد محمية الزوراء على مساحة 2 كيلومتر وتتميز بغابات أشجار «القرم» ذات الطبيعة الساحرة ويقطن فيها العديد من الفصائل البرية والبحرية، كما أنها تشكل موطناً لأكثر من 100 نوع من أنواع الطيور المحلية والمهاجرة بما في ذلك طيور الفلامينجو الوردية التي يمكن مشاهدتها على مدار السنة، إضافة إلى مالك الحزين.

وتشكل «الزوراء» إحدى أجمل المزايا الطبيعية في إمارة عجمان، وأهم الوجهات السياحية في دولة الإمارات بشكل عام وفي إمارة عجمان بشكل خاص، وهي وجهة مثالية لعشاق السياحة البيئية والطبيعية، خاصة أنها تعد خوراً شبه استوائي خاضع لحركة المد والجزر، وتكثر فيها الشعب المرجانية.

وفي أم القيوين، يحظى شاطئ «القرم» بإقبال من الزوار المحليين والسياح ليستمتعوا بطبيعته الخلابة ومناظره الساحرة التي تتيح مشاهدة غابات القرم التي تكتسي بها سواحل وخيران أم القيوين.

كما تغطي أشجار «القرم»، مساحات كبيرة من خور مدينة رأس الخيمة الذي يقسمها إلى قسمين، حيث تعد محمية طبيعية للطيور والأسماك. (وام)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrx6rj47

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"