«الناتو» على تخوم الصين!

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

يبدو أن العلاقات بين الصين والدول الغربية بدأت تأخذ مساراً تصادمياً أكثر من أي وقت مضى. فلا التواصل المباشر بين قيادتي الصين والولايات المتحدة يأخذ طريقه نحو التهدئة وإبقائها في إطار المنافسة وعدم تحولها إلى صراع، ولا الزيارة التي من المنتظر أن يقوم بها وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن إلى بكين في الخامس من الشهر المقبل يمكن أن تؤدي إلى التهدئة.

مجلة «بوليتكو» الأمريكية وصفت زيارة بلينكن بأنها ستكون «اختباراً» للعلاقات بين البلدين، وهي الزيارة التي رحبت بها بكين على أمل أن تشكل انعطافاً إيجابياً في العلاقات.

لكن الوزير الأمريكي الذي يحمل في حقيبته جملة من الملفات، من بينها أزمة تايوان والعلاقات الصينية - الروسية وانعكاسها على الحرب الأوكرانية، كان قد أعلن موقفاً سلبياً من الصين في أكتوبر (تشرين الأول ) الماضي خلال منتدى في جامعة ستانفورد، حيث اتهمها بالاستعداد للاستيلاء على تايوان ضمن «جدول زمني أسرع بكثير من السابق»، متهماً الرئيس الصيني شي جين بينغ بأنه «يتبع نهجاً أكثر عدوانية»، معتبراً أن هذا النهج «يطرح في كثير من الحالات تحدّياً لمصالحنا وقيمنا».

مع هذه الأفكار المسبقة يذهب بلينكن إلى بكين، وهي في حال طرحها سوف تبدد أي أمل بتحسين العلاقات بين البلدين، لأن موقف الصين واضح بالنسبة لأزمة تايوان والعلاقات الاستراتيجية مع روسيا، وغيرهما من القضايا الخلافية.

الجديد في الأمر، هي الزيارة التي قام بها أمين عام حلف «الناتو» ينس ستولتنبرغ خلال الأيام القليلة الماضية إلى كل من كوريا الجنوبية واليابان بهدف تعزيز العلاقات العسكرية بين الجانبين، وبحث سبل مواجهة تنامي النفوذ الصيني في آسيا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ. إذ لم يُخفِ ستولتنبرغ نوايا الزيارة في هذا التوقيت، حيث أكد أن الهدف هو التصدي للصين في منطقة وصفها بأنها «مهمة لأوروبا»، مشيراً إلى أن «الناتو» بصدد إجراء اتفاقيات عسكرية ودفاعية لزيادة التعاون مع القوات اليابانية.

من الواضح أن واشنطن و«الناتو» يستغلان توتر العلاقات بين بكين وكل من طوكيو وسيول في تعزيز وجودهما العسكري في المنطقة. وسبق لليابان أن وقعت اتفاقاً عسكرياً مع بريطانيا، كما وقعت اتفاقاً مماثلاً مع الولايات المتحدة تضع واشنطن بموجبه حوالى 47 ألف جندي على الأراضي اليابانية، مع توفير أسلحة متطورة للجيش الياباني، وقد وصفت اليابان هاتين الاتفاقيتين بأنهما لمواجهة الصين التي تشكل «تحدياً استراتيجياً غير مسبوق لها».

يذكر أن حلف «الناتو» اعتبر في استراتيجيته التي أعلنها العام الماضي في قمة مدريد أن الصين «تشكل تحدياً لمصالح دول الحلف وأمنها»، وهو تحول استراتيجي غير مسبوق في العلاقات بين الطرفين، وهو الأمر الذي اعتبرته الصين «محاولة خبيثة لتشويه سمعتها»، واعتبرت أن «الناتو هو الذي يخلق مشكلات في جميع أنحاء العالم».

من الواضح أن «الناتو» بدأ نشاطه العسكري على تخوم الصين، بعد أن كان قد توسع شرقاً باتجاه تخوم روسيا، وذلك يعني أن أفق المواجهة سوف يتسع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4x5ak8p8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"