شهدت الأسهم العالمية أسبوعاً قاسياً شهد تقلبات حادة قادتها أسهم البنوك على ضفتي الأطلسي، تمحورت حول المخاوف المرتبطة ببنك كريدي سويس في أوروبا وفيرست ريبابليك في الولايات المتحدة، رابع بنك إقليمي على مشرحة الانهيار.
خسر مؤشر المصارف الأوروبية 11,47% خلال الأسبوع. وكانت الخسائر الأسبوعية ملحوظة بشكل أكبر لسوسيتيه جنرال -16,94% وكومرتس بنك -19,53% وآي إن جي -14,76% وستاندرد تشارترد -14,3% ويونيكريديت -14,31%.
وأعلنت «إي في بي فاينانشال»، الشركة الأم لمصرف سيليكون فالي بنك، الجمعة، أنها أشهرت إفلاسها.
كذلك، تعهدت 11 من كبرى المصارف الأمريكية، الخميس، بمساعدة مصرف فيرست ريبابليك، الرابع عشر بين مصارف الولايات المتحدة من حيث حجم الأصول، لإخراجه من وضع صعب بعد انهيار بنك سيليكون فالي وسيغنتشر بنك وسيلفرغايت، لا سيما أن زبائنه من الأثرياء بشكل أساسي.
وأوضح الاحتياطي الفيدرالي، الخميس، أنه أقرض حوالى 12 مليار دولار للمصارف منذ الأحد من خلال برنامج جديد يسمح لهذه البنوك بتفادي مشكلات السيولة والاستجابة لطلبات عملائها سحب ودائعهم. أما القروض الاعتيادية لآجال قصيرة جداً، فسجلت ارتفاعاً كبيراً خلال أسبوع من حوالى خمسة مليارات دولار إلى 152 مليار دولار.
كما أقرض الاحتياطي الفيدرالي 164,8 مليار دولار إلى الكيانين اللذين أنشأتهما الهيئات الضابطة لخلافة سيليكون فالي بنك وسيغنتشر بنك. لكن ذلك لم يكن كافياً لتهدئة المستثمرين. خلال أسبوع، انخفض سهم فيرست ريبابليك 66% وكريدي سويس 25%.
الأسهم الأمريكية
انخفضت المؤشرات الرئيسية للأسهم الأمريكية في منتصف الجلسة، الجمعة، في نهاية أسبوع مليء بالاضطرابات شهد مؤشرات على بدء أزمة مصرفية وركود محتمل. قادت أسهم البنوك الخسائر، بقيادة فيرست ريبابليك الذي هبط بنحو 32.8% وبحوالي 70% هذا الأسبوع.
وكان سهم البنك المحلي قد تعافى، الخميس، في أعقاب إعلان مجموعة بنوك كبرى ضخ ودائع بقيمة 30 مليار دولار في فيرست ريبابليك. لكن استمرار الاضطرابات المرتبطة ببنك كريدي سويس السويسري وإعلان شركة «إس في بي» المالكة لبنك سيليكون فالي التقدم بطلب للإفلاس ساهما في عودة القلق بشأن القطاع المصرفي.
وفي نهاية جلسة الجمعة، هبط المؤشر داو جونز بنسبة 1.2% أو ما يعادل 384 نقطة إلى 31822.79 نقطة ليسجل خسارة أسبوعية 0.2%. كما انخفض ستاندرد آند بورز بنحو 1.1% إلى 3914.07 نقطة لكنه ارتفع 1.4% في الأسبوع الجاري. وسجل ناسداك تراجعاً 0.8% إلى 11624.12 نقطة لكنه أيضاً حقق مكاسب 4.4% هذا الأسبوع. وعلى جانب آخر، ينتظر المستثمرون اجتماع السياسة النقدية من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الأسبوع المقبل، وسط توقعات برفع الفائدة 25 نقطة أساس.
أسهم أوروبا
من جهتها، تخلت الأسهم الأوروبية عن مكاسبها المبكرة، الجمعة، وسجلت أكبر انخفاض أسبوعي لها في خمسة أشهر بعدما فشلت إجراءات داعمة اتخذتها الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة وأوروبا في تهدئة المخاوف من حدوث أزمة مصرفية عالمية.
وأغلق المؤشر ستوكس 600 منخفضاً 1.3% متأثراً بانخفاض المؤشرات الفرعية لقطاعات البنوك وشركات التأمين والخدمات المالية.
وخسر مؤشر قطاع البنوك 2.6% مع تراجع أسهم بنك «إتش.إس.بي.سي» و«بي.إن.بي باريبا» و«أليانز» و«يو.بي.إس جروب» ما بين 1 و3%. وخسر المؤشر «ستوكس 600» 3.9% خلال الأسبوع، وهو أسوأ أداء له منذ سبتمبر 2022، مع نزول أسهم البنوك 11.5% بعدما أثار انهيار بنوك أمريكية وأوروبية قلق المستثمرين بشأن وضع القطاع المالي.
عدم تكرار 2008
وانتقلت المؤشرات الأمريكية الرئيسية مساء الخميس إلى الارتفاع بعدما بدأت التداولات على تراجع، فأغلق مؤشر «إن أند بي 500» على 1,8%.
وقالت ماريس أوغ من مكتب تاور بريدج أدفايزرز للخدمات المالية، إن وول ستريت «تأمل أن الأسوأ بات خلفنا»، مضيفة «إذا سحبتم فرضيات إفلاس فيرست ريبابليك وكريدي سويس، فهذا يطمئن الناس». وأوضحت «لا أعتقد أننا سنكرر 2008 لأن المشكلة لا تأتي من محفظات الاعتمادات بل من أن الاحتياطي الفيدرالي رفع معدلات فائدته من صفر إلى 4,5% خلال 9 أشهر». وكانت البورصات الأوروبية عاودت الارتفاع، الخميس، بعد رسالة الثقة التي وجهها البنك المركزي الأوروبي إلى القطاع المصرفي. ورفع البنك، الذي يتخذ مقراً في فرانكفورت، معدل فائدته الرئيسية نصف نقطة مؤكداً استعداده للتدخل عند الحاجة من أجل «الحفاظ على الاستقرار المالي» في منطقة اليورو.
وتمت السيطرة على بؤرة مخاطر أخرى، الأربعاء، مع تعهد البنك المركزي السويسري بإقراض ما يصل إلى 50 مليار فرنك سويسري من السيولة لمصرف كريدي سويس الذي كان يواجه وضعاً خطيراً مع انتقال عدوى المصارف الأمريكية.
