عادي

«يوكاتان».. جنة المكسيك المنسية

22:15 مساء
قراءة 5 دقائق

إعداد: أحمد البشير
تقع شبه جزيرة «يوكاتان»، في المناطق الداخلية من «ريفييرا مايا» في دولة المكسيك، وهي أرض توجد فيها الكثير من آثار حضارة المايا، والمزارع الأنيقة، والملكيات الخاصة، والمشاريع الفنية غير العادية. وبعيداً عن المنتجعات الشاطئية البراقة التي تنتشر على طول الطريق في ساحل البحر الكاريبي بالبلاد اللاتينية من «كانكون» إلى جيب «تولوم»، تقع مكسيك أخرى تماماً، تتكون من عزب وبرك مقدسة وأطلال ومعابد، حيث لم تنجح حضارة المايا القديمة فقط في البقاء على قيد الحياة في مواجهة الغزو الاستعماري الإسباني، ولكنها احتفظت كذلك بلغتها والعديد من ملامح حياتها التقليدية.

في حين احتفظت «يوكاتان» لزمن طويل بأهراماتها، ومدنها الاستعمارية، فإن ما هو أكثر حداثة والذي يجعل أمر زيارتها أكثر إقناعاً، هو حقيقة أن العديد من العزب والملكيات الزراعية الكبيرة التي كانت تتداعى، قد أعيد ترميمها وتحويلها إلى فنادق وملكيات عقارية خاصة يمكن استئجارها بنظام اليوم أو الأسبوع، وتقريباً كل واحدة منها يمكن أن تشكّل قاعدة ساحرة لرحلة لا تنسى عبر هذا المكان الرائع.

والعزب هناك الآن هي أكثر بكثير من مجرد مكان للراحة، فهي جزء لا يتجزأ من تاريخ المنطقة، وهي بالنسبة ل «يوكاتان» مثل مزارع عمق الجنوب بالنسبة للولايات المتحدة. ويعود تاريخها إلى أيام الغزو الإسباني، حيث كان أغلبها في الأصل مزارع لتربية الماشية، ولكن في أواخر القرن ال19 وبدايات القرن ال20 ازداد أصحابها غنىً وثراءً بشكل ملحوظ من عائدات «صبار السيزال»، أو كما يطلقون عليه «الذهب الأخضر»، وهو نبات من فصيلة الصبار ينتج أليافاً قاسية متعددة الاستخدامات تدخل في منتجات مثل الحبال والخيوط القوية والورق والقماش والسجاد.

ولا يزال ممكناً رؤية طريقة حياة ملاك العزب المزدهرة في كل مكان، حيث تنتشر القصور والعقارات الضخمة التي كانت منازل ملوك «الذهب الأخضر» في كل أرجاء «باسفيو دي مونتيجو» في «ميريدا»، عاصمة «يوكاتان».

ولكن تجارة السيزال انهارت مع ظهور الألياف الصناعية حين جاء عقد الأربعينات من القرن العشرين، وأصبحت العزب والمزارع في حالة سيئة.

وبقيّ الحال كذلك حتى التسعينات حين أعاد روبرتو هيرنانديز راميريز، وهو مصرفي مكسيكي ناجح جداً، اكتشاف المنطقة التي كان مسحوراً بإمكانياتها، وشرع في ضخ حياة جديدة في عروق هذه المباني الضخمة الرائعة والرومانسية.

ومن الصعب المبالغة في وصف روعة تلك القصور وجمالها وإحساس الصفاء المحيط بها، مع الممرات والمصاطب والأعمدة والحدائق المورقة المليئة بالأشجار الظليلة التي لا تزال تبدو مسكونة.

ويمكنك المشي على طول هذه الممرات، ومشاهدة الشمس والظلال التي تلقي بها، والنظر إلى الجدران القديمة الملونة بأكسيد الرصاص، والأدغال المحيطة بها، التي تمكنك من الاطلاع على ما كانت عليه الحياة منذ زمن بعيد. وهناك اليوم غرف كبيرة وأسرة مريحة وأجنحة رحيبة ومطاعم، تجدها في كثير من الأحيان على المصاطب المزودة بالأعمدة، وفي بعض الأحيان هناك أيضاً منتجعات صحية (سبا) وحمامات للسباحة وملاعب للتنس.

وهناك رحلات يتم تنظيمها من قبل بعض مشغلي الجولات السياحية، تمكنك من الإقامة في هذه العزب التي لا يبعد بعضها كثيراً من بعض المواقع غير العادية التي تحتوي على آثار حضارة المايا، وهي في معظمها فنادق صغيرة وأنيقة ومفتوحة أمام الضيوف الآخرين.

أهم المعالم لزيارتها في «يوكاتان»

مدينة «إيسامال»

تبعد «إيسامال» تقريباً ساعتين ونصف الساعة بالسيارة من شاطئ «كانكون» المعروف، وهي مكان جيد للبدء منه، وقد كانت هذه من مدن المايا المأهولة عندما وصلها الغزاة الإسبان في القرن السادس عشر، حيث قاموا ببناء الكاتدرائية الخاصة بهم والفيلات الاستعمارية في المدينة ومن حولها وفوق أنقاضها.

ويمكنك من «إيسامال» القيام بجولة في المدينة والاطلاع على ما تبقى من أهرامات المايا التي قدمت للإسبان فكرة حول مهارات أعمال البناء غير الاعتيادية التي كان شعوب المايا يتمتعون بها. كما أن هناك جولات سياحية بجوار الفجوات الصخرية المقدسة عند شعوب المايا، وهي آبار طبيعية للمياه العذبة تميز شبه جزيرة «يوكاتان»، وقد كانت هي المنفذ الوحيد لتوفير مياه الشرب بالنسبة للسكان المايا في أوقات الجفاف، والذين كانوا يعتبرونها بمثابة بوابات تقود للعالم السفلي.

الفنادق وأماكن الإقامة

«روزاس آند سوكوليت»

أصبحت «ميريدا»، عاصمة مقاطعة «يوكاتان»، مقصداً للفنانين ومن شاكلهم، وهي لا تزال حتى الآن تحتفظ بإحساس من الهدوء الصافي بين فيلاتها التي تفيض بالسخاء والنبل، ويقع فندق البوتيك «روزاس آند سوكوليت» في «باسيو دي مونتيجو»، وهو مكان للسعادة والفرح مع غرفه ال 17، وثلاثة منها عبارة عن أجنحة، وبركة السباحة الخاصة به، والوفرة من الفنون الحرفية للسكان الأصليين المثيرة للإعجاب.

عزبة «كاسا دي ماديرا»

تعتبر هذه الفيلّا المكونة من أربع غرف للنوم، من أفضل الأماكن للإقامة فيها في مدينة «إزمال»، وغرفها مزودة بحمام سباحة خاص، وهي تأتي مع الطباخين والموظفين الخاصين، وتعتبر الأكثر أناقة من بين مزارع العزب في «إيسامال».

«أوشمال»

الصورة

تعد «أوشمال» و«تشتيتشن إيتزا» من مواقع حضارة المايا المهمة والكبرى التي لا تفوّت بعد مدينة «إيسامال»، وهي أماكن غير عادية لذا تكثر زيارتها، كما أنها محاطة بالكثير من البنى الأساسية الحديثة للسياحة من أكشاك لبيع التذاكر والمكاتب والمحال التجارية.

وغالباً ما تعتبر «أوشمال» أجمل المناطق التي تزخر بنمط العمارة في فترة ما قبل كريستوفر كولومبوس، مع إنشاء جميع المباني الرئيسية فيها بطريقة تأخذ في الحساب الأحداث الفلكية المهمة، يتوسطها «هرم السحرة»، والمنحوتات الرائعة التي تمثل العديد منها «تشاك»، إله المطر عند المايا، وغيرها من المنحوتات المنتشرة على مساحة واسعة للغاية حتى أنها قد تستغرق منك قرابة ثلاث ساعات لاستكشافها بوضوح.

ومثل أنقاض حضارة المايا، فإن «أوشمال» هي موقع آسر وغامض تماماً، ومن الواضح أنها كانت مقراً للحكومة أو مركزاً دينياً مهماً، وربما كانت مزاراً مقدساً. وهناك حاجة للاستعانة برأي خبير لوضع كل ذلك في سياق مفهوم، ولكن مع المرشد الصحيح يمكن للمرء أن يصبح سريعاً مأخوذاً بتطور فن العمارة وعبقرية شعوب المايا في علم الفلك والرياضيات، حيث كانوا أول شعوب أمريكا الوسطى التي تدرك أهمية مفهوم العدد صفر في الحساب.

فندق الحديقة

«إل جاردن»

الصورة

يقع «إل جاردن» في مكان مركزي وهو يبعد 3 مربعات فقط من مركز «زوكالو»، القلب التاريخي لمدينة «ميريدا»، وعلى بعد مربعين من حديقة «سانتياغو بلازا» الساحرة، ومن الكنيسة وسوق «ميركادو»، حيث يوجد كل شيء قد يحتاج إليه المسافر أو يرغب فيه.

وتتوفر في الفندق غرف واسعة ومريحة مع حمامات خاصة، ومراوح وتكييف للهواء، وتشمل كلفة الإقامة وجبة إفطار «كونتننتال» تقدم في مطعم الفندق، كما أن الأجنحة مزودة كذلك بمطبخ صغير لراحة النزلاء.

وهناك محلات قريبة للسوبر ماركت والمتاجر والصيدليات والمخابز، وحتى المسارح ودور السينما، كما أن أشهر مطعمين في «ميريدا» «فريداس» و «فيلا ماريا» في مكان قريب جداً للاستمتاع بتناول وجبات الطعام المكسيكي الشهيرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2umy85p4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"