الصراع على معدن الكوبالت في الكونغو

21:56 مساء
قراءة دقيقتين

د. محمد الصياد*

تزداد سخونة الحرب المندلعة بين أمريكا والصين على معادن إنتاج أشباه الموصلات، وتسعى الأولى إلى حرمان الصين من الوصول إلى هذه السلعة الاستراتيجية المتعاظمة الأهمية لتأمين السيطرة التكنولوجية. فبموازاة دفع واشنطن لشركة TSMC التايوانية الرائدة في مجال إنتاج أشباه الموصلات، لنقل عملياتها من تايوان إلى أمريكا، وقّعت أمريكا في الثالث عشر من ديسمبر 2022، اتفاقيات مع جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا لتطوير صناعة السيارات الكهربائية في البلدين.

الكونغو الديمقراطية تنتج لوحدها 70% من معدن الكوبالت (Cobalt) في العالم، وهو عنصر أساسي في إنتاج بطاريات أيونات الليثيوم التي تعمل على تشغيل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والمركبات الكهربائية (من المتوقع أن تنمو مبيعات السيارات الكهربائية من 6.5 مليون في عام 2021 إلى 66 مليوناً في عام 2040). وتحوز أيضاً 70% من الكولتان (Coltan) في العالم (وهو أيضاً خام معدني أسود باهت يُستخرج منه عنصرا النيوبيوم والتنتالوم، ويُستخدم في تصنيع جميع الأجهزة التكنولوجية، حيث تتم تنقية المعدن للحصول على مسحوق التنتالوم الذي يستخدم في صنع مكثّفات مقاومة للحرارة في أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية المتطورة).

ويُقدّر أن جمهورية الكونغو الديمقراطية لديها ما قيمته 24 تريليون دولار من الموارد المعدنية غير المستغَلة. زامبيا أيضاً تعد سادس أكبر منتج للنحاس في العالم، وثاني أكبر منتج للكوبالت في إفريقيا. وقد تعهدت شركة KoBold Metals، وهي شركة أمريكية مطوِّرة لتقنية التنقيب والبحث عن مواقع خام الكوبالت رقمياً، بدعم من الملياردير الأمريكي بيل جيتس والملياردير الأمريكي الآخر جيف بيزوس، المدفوعين من الحكومة الأمريكية لاستثمار 150 مليون دولار لتطوير منجم Mingomba للنحاس والكوبالت في زامبيا، الذي يُقال إنه يحتوي على أعلى رواسب غير مطورة في العالم من المعدن البرتقالي، تقدّر بنحو 247 مليون طن من الخام، بمتوسط درجة 3.64% من النحاس، تفوق درجته ستة أضعاف تلك الموجودة في تشيلي التي تعد أكبر دولة منتجة للنحاس في العالم. ما يفسر حماس الرئيس الزامبي هاكيندي هيشيليما وطموحه لرفع إنتاج بلاده من النحاس من نحو 850 ألف طن سنوياً في عام 2022 إلى 3 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2032، وذلك خلال القمة الأمريكية الإفريقية التي نظمتها أمريكا في العاصمة واشنطن من 13 إلى 15 من كانون الأول/ديسمبر 2022، في محاولة منها لعرقلة مسار العلاقات الاقتصادية والسياسية المتنامية بين بلدان القارة السمراء، والصين وروسيا.

والحال أن الشركات الصينية اشترت من الشركات الأمريكية والأوروبية 15 من أصل 19 من حقوق امتياز التنقيب والاستخراج في حزام مناجم الكوبالت في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وصارت الصين تؤمِّن 60% تقريباً من حاجتها من الكوبالت من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وصار نحو 80% من عمليات معالجة الكوبالت في العالم تتم في الصين قبل دمجها في بطاريات الليثيوم أيون.

وتحت ضغط الحكومة الأمريكية، بدأ الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي يتخذ موقفاً عدائياً من الصين، متهماً أسلافه بتوقيع عقود غير متوازنة مع شركات التعدين الصينية، ويحاول الآن إعادة التفاوض بشأنها.

*خبير اقتصادي بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2k7wa3fx

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"