بعيداً عن الخير الطارئ

ما زالت أخبار مبادرة «وقف المليار وجبة» تتوالى بشكل مفرح، فبعد أن تجاوز رصيد ما جمعته خلال شهر رمضان المبارك حاجز المبلغ المحدد، تطل علينا أمس أنباء توجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بتشكيل مجلس أمناء للمبادرة بهدف إدارة وضمان إنماء أصول أكبر مشروع وقفي لإطعام الطعام، واستدامة الخير والعطاء وتحقيق أعلى عوائد دورية على أصوله.
أجمل ما في المبادرة التي تنضوي تحت مظلة «مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، يتلخص فيما عبر عنه صاحبها وراعيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حين قال: إن «تشكيل مجلس أمناء «وقف المليار وجبة»، يهدف للوصول إلى أوسع شريحة ممكنة من الفئات الأقل حظاً، وتوفير شبكة أمان غذائي لعشرات الملايين في العالم.
الخير المستدام، أفضل ألف مرة من الخير الطارئ، لأن إبقاء المحتاجين والمعوزين في بوتقة المساعدة كلما حلت بهم مصيبة أو حدث طارئ، لن ينقلهم إلى مستوى أفضل ولو بقليل من المستوى الذي يعيشون فيه، بيد أن تحويل أي مبادرة خيرية إلى وقف تدر دخلاً مستداماً إلى هذه الشريحة فإنه بلا شك سيسهم في أولى خطوات الطريق لمعالجة وضعهم المعيشي وتوفير أول مقومات الحياة لشريحة تعدادها مئات الملايين من البشر، فجائحة كورونا دفعت أكثر من 160 مليون شخص إلى براثن الفقر، وفقاً للأمم المتحدة.
وبحسب الإحصائيات العالمية التي صدرت عن الأمم المتحدة؛ فإن الواقع يُظهر أن 1.3 مليار شخص يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، ونصفهم تقريباً من الأطفال والشباب.
هذه كلها مؤشرات تدل على أن التحرك لإنقاذ هذه الفئة يجب أن يكون على أسرع وجه، وضمن شكل وإطار عالمي لحماية هذه الفئات من الواقع الذي هم فيه، ويجب أن يكون بشكل استراتيجي مستدام، وهو ما سيتولاه مجلس الأمناء الجديد لمؤسسة «المليار وجبة» من خلال تنمية أصول الوقف ورعاية المال الموقوف، بما يحقق بقاء عينه ودوام نفعه، ويضمن استدامة الخير والعطاء، وتحقيق أعلى عوائد دورية على أصول الوقف، بالتركيز على القطاعات المجدية التي تتلاءم مع طبيعة التطور الاقتصادي.
مبادرة المليار وجبة، يجب أن تلقى رعاية ودعماً عالمياً، وأن يصار إلى التعاون معها بشكل منظم، لأنه من المؤسف في هذا الوقت الذي تتنقل فيه البشرية إلى مستويات أخرى من الحياة، أن نجد ثُمن سكان العالم يعيشون في حالة فقر، في الوقت الذي تقدر فيه منظمات عالمية أن 17 في المئة من إجمالي إنتاج الغذاء العالمي يُهدر.
[email protected]