عادي

ضغط الدم.. قاتل يتسلل في صمت

22:35 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

ارتفاع ضغط الدم من الأمراض الأكثر شيوعاً التي يواجهها عدد كبير من الأشخاص حول العالم، ويظهر على الأكثر لدى الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً، ووفقاً للعديد من الدراسات، وُجد أن الذكور أكثر عرضة للإصابة مقارنة بالإناث، ويستهدف الأفراد ممن يعانون حالات طبية مزمنة، مثل: اضطرابات القلب، أمراض الكلى، ومن يتناولون أدوية معينة مثل حبوب منع الحمل، والعقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات. وفي السطور القادمة يسلط مجموعة من الخبراء والاختصاصيين الضوء على هذا المرض، وطرق الوقاية والعلاج.

من الفئات الأخرى المعرضة لخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، الأشخاص الذين يتبعون نمط حياة تتسم بقلة الحركة، ومن لديهم مؤشر كتلة جسم مرتفع، ومن يتبعون عادات غذائية غير منتظمة وغير صحية (كزيادة نسبة الملح والدهون في الطعام)، واستهلاك الكحول بشكل مفرط، والتدخين، إلى جانب أنماط النوم غير المنتظمة والذين يعانون توتراً وإجهاداً دائمين، وفقاً للدكتورة ديفيا مانغال اختصاصية طب الأسرة.

وتضيف: نادراً ما تظهر أعراض ملحوظة لارتفاع ضغط الدم، لكن في حال ارتفاعه الشديد ولفترة طويلة، يمكن أن يعاني المريض صداعاً وغثياناً وعدم راحة في الصدر ونزيفاً من الأنف وعدم وضوح في الرؤية وضيقاً في التنفس.

تذكر د. مانغال أن هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بضغط الدم، ومنها تقدم العمر، وترتبط على الأكثر مع من تزيد أعمارهم على 45 عاماً بالتاريخ العائلي، أو نتيجة وجود حالات طبية أخرى، منها: داء السكري وارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم أو المشكلات القلبية أو ارتفاع مستويات التوتر.

وتتابع: أما الأشخاص الأصغر سناً، فإن أبرز أسباب ارتفاع ضغط الدم ترتبط على الأغلب بنمط الحياة، وعادات تناول الطعام غير المنتظمة أو السيئة، وارتفاع مؤشر كتلة الجسم ونقص الأنشطة الرياضية، وزيادة التوتر والإجهاد والتدخين واستهلاك الكحول، والتغير في نوبات العمل التي تؤدي إلى اضطراب النوم.

وسائل التشخيص

يشير د. محمد نجيب قاسم طبيب الصحة العامة، أن قراءة ضغط الدم الطبيعي تكون أو تزيد على 130/80 ملم زئبق، وعادة ما يعتمد تشخيص هذه الحالة على متوسط قراءتين أو أكثر يتم أخذها في أوقات منفصلة، ويتم تصنيف الإصابة بضغط الدم وفقاً لمدى ارتفاعه، وتُقسم لأكثر من مرحلة:

  • المرحلة الأولى يكون الرقم العلوي بين 130 و139 ملم زئبق أو الرقم السفلي بين 80 و89 ملم زئبق.
  • المرحلة الثانية يكون الرقم العلوي 140 ملم زئبق أو أعلى، والرقم السفلي 90 ملم زئبق أو أعلى.
  • المرحلة الثالثة تكون قراءة ضغط الدم السفلية طبيعية (أقل من 80 ملم زئبق) ولكن الرقم العلوي مرتفع، وتسمى هذه الحالة ارتفاع ضغط الدم الانقباضي المنعزل، وهو من الأمراض الشائعة لدى الأشخاص الأكبر من 65 عاماً.

يلفت د.قاسم إلى أن ضغط الدم المرتفع يمكن أن يتسبب في العديد من المضاعفات التي تؤثر في نمط الحياة للمصاب، ومنها: تصلب الشرايين الذي يؤدي إلى النوبة القلبية أو السكتة الدماغية، أو تمدد الأوعية الدموية وانتفاخها أو تمزقها وتعد من الحالات المهددة للحياة، وتضييق أو ضعف الأوعية الدموية في الكلى، ما يتسبب في تلفها، إضافة إلى المشكلات البصرية، والخرف واضطرابات الذاكرة، ومتلازمة التمثيل الغذائي التي تشمل ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية، وانخفاض كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة.

ويضيف: تؤدي الإصابة بارتفاع ضغط الدم إلى عمل القلب بجهد أكبر، لضخ الدم ولتلبية احتياجات الجسم، ويتسبب الإجهاد في زيادة سُمك جدران غرفة ضخ القلب، وتسمى هذه الحالة «تضخم البطين الأيسر»، ويمكن أن ينجم عنها فشل القلب.

يؤكد د.قاسم أن التزام العلاجات الطبية التي يصفها الطبيب المتخصص هي أهم الطرق للحد من تطور الإصابة بضغط الدم، والسيطرة على المضاعفات، كما تسهم مدرات البول في إزالة الصوديوم والماء من الجسم، كما يجب اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة بانتظام والحصول على ساعات النوم الكافية، والمحافظة على الوزن المثالي للجسم، والإقلاع عن التدخين، والحد من شرب الكحول، وتقليل الملح (الصوديوم) في النظام الغذائي، والابتعاد عن أسباب التوتر، ومراقبة ضغط الدم في المنزل وإجراء فحوص منتظمة ودورية.

تسمم الحمل

توضح د. شروتي إندوريا، اختصاصية أمراض النساء والتوليد، أن ارتفاع ضغط الدم الذي يصيب المرأة الحامل، عادة ما يحدث بعد الأسبوع ال 20 من الحمل بلا أعراض ظاهرة، ولكن يمكن اكتشافه أثناء الكشف الدوري عند زيارة الطبيب أو عن طريق إجراء اختبار البول، أما الحالات المزمنة فترافقها علامات شديدة، منها: الصداع واضطراب الرؤية والألم أسفل الأضلع والقيء، وتحتاج المريضة إلى رعاية طبية فورية.

وتتابع: هو مزيج من ارتفاع ضغط الدم وارتفاع البروتين في البول، وفي بعض الحالات المزمنة يمكن أن يؤدي إلى تسمم الحمل، ويزيد خطر الإصابة لدى السيدات اللواتي لديهن تاريخ مرضي بضغط الدم، أو يعانين اضطرابات الكلى أو داء السكري أو أمراض المناعة الذاتية مثل: الذئبة الحمامية الجهازية.

تلفت د.إندوريا إلى أن ارتفاع ضغط الدم الشديد الذي يصيب المرأة الحامل وينجم عنه تسمم الحمل، يمكن أن يؤثر سلباً في الأعضاء الحيوية مثل: الكلى والكبد، ويؤدي إلى حدوث اضطرابات في تخثر الدم، وربما تتطور المضاعفات إلى حدوث نوبات التشنج التي تهدد حياة المريضة في بعض الأحيان، كما يتسبب ارتفاع ضغط الدم أيضاً في توقف نمو الجنين ويكون سبباً للولادة المبكرة وانخفاض وزن الأطفال عند الولادة.

تشير د.إندوريا إلى أن هناك بعض السلوكات غير الصحية بأسلوب الحياة للسيدة الحامل، التي تسهم بشكل كبير في الإصابة بارتفاع ضغط الدم، ومنها: قلة النشاط البدني، زيادة الوزن وعادات الأكل غير السليمة والأطعمة المالحة؛ لذلك تلعب المحافظة على اتباع نظام غذائي صحي، والتحكم بالتوتر والإجهاد، وأداء التمارين الرياضية، في الحد من الإصابة، إضافة إلى تناول مضادات الأكسدة والكالسيوم، والالتزام بالأدوية التي يصفها الطبيب خلال الزيارات المنتظمة التي تقوم بها قبل الولادة.

العلاج.. أدوية ونظام غذائي صحي

يعد مرض ضغط الدم من الأمراض المزمنة التي يجب السيطرة عليها بتناول الأدوية الموصوفة بانتظام، إلى جانب اتباع نظام غذائي صحي.

ينصح خبراء التغذية بتناول 4 إلى 5 حصص من الخضراوات يومياً، خاصة الأنواع التي لا تحتوي على الصوديوم، وكذلك الفواكه الغنية بالبوتاسيوم مثل الموز والتوت والأفوكادو، كما يفيد تناول البروتينات الخالية من الدهون يومياً (مثل الأسماك والفاصوليا والدواجن).

وجدت الأبحاث أن هناك فوائد متعددة للدهون الصحية المكسرات والبذور والزيوت الصحية في توازن معدل ضغط الدم، وكذلك الحبوب الكاملة التي تحتوي على الألياف الغذائية الأساسية، والتي تلعب دوراً في خفض مستويات الكوليسترول ومساعدة الجسم على التحكم في مستويات السكر في الدم، وتضم القائمة الألبان منخفضة الدسم الغنية بالكالسيوم.

وتشير الدراسات إلى فاعلية بعض الأعشاب والنباتات في خفض معدل الضغط المرتفع، مثل الثوم الغني بمركبات الكبريت وخاصة الأليسين، ويتميز حب الهال بمضادات الأكسدة التي تخفض الضغط، كما أنه مثبط فعّال للكالسيوم، كما يحتوي البقدونس والجزر على نسبة عالية من مادة الكاروتينات ذات القيمة الغذائية والصحية العالية، والزعتر الغني بحمض الروزمارينيك المضادة للالتهابات، والريحان الذي يحتوي على نسبة كبيرة من مادة الأوجينول المركب الكيميائي العطري، والقادرة على تخفيض الضغط، كما أنها تحمي من الترسبات التي قد تحدث في الأوعية الدموية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4x7zsdmx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"