عادي
تضم أقدم النصوص الجنائزية في التاريخ

مقبرة رمسيس السادس.. درة وادي الملوك في مصر

00:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
3
2
1

القاهرة: «الخليج»
تفتح مقبرة رمسيس السادس، الواقعة في منطقة وادي الملوك بالبر الغربي للأقصر، أبوابها للزائرين، فتبدو بنقوشها الفريدة وألوان رسوماتها الزاهية، مثل معرض فني بديع، إذ لا تزال تلك المقبرة العتيقة، رغم مرور أكثر من خمسة آلاف عام، وكأنها بنيت بالأمس القريب، وهو ما يتجلى في بهاء الألوان ودقة النقوش، التي تمزج بين مختلف الألوان الطبيعية الساحرة في مصر القديمة.
يصنف كثير من الأثريين في مصر، مقبرة الملك رمسيس السادس، باعتبارها واحدة من أجمل المقابر الفرعونية، التي عثر عليها خلال بواكير القرن الماضي، في منطقة «وادي الملوك» بالأقصر، وكانت البوابة الرئيسية التي دلف من خلالها المستكشف الشهير هيوارد كارتر، للوصول إلى كشفه الأثري الأبرز، الذي سجلته دفاتر التاريخ الحديث، والمتمثل في اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون ومقتنياتها الذهبية، إذ كانت أكواخ العمال المتناثرة حول تلك المقبرة، هي الدليل الذي سار خلفه كارتر للوصول إلى الدرج المؤدي لمقبرة الفرعون الذهبي، التي تقع على مسافة قريبة من بوابة مقبرة رمسيس السادس التاريخية، والتي يرجع تاريخ بنائها إلى العام 1143 قبل الميلاد، وقد بنيت تلك المقبرة في بادئ الأمر، لتكون المأوى الأخير لرمسيس الخامس، قبل أن يقوم عمه رمسيس السادس بتوسعتها وتزيينها بتلك النقوش الساحرة، وتخصيصها لنفسه.

تتميز المقبرة بالكم الهائل من النقوش والرسوم البديعة، التي كان الفراعنة القدماء يؤمنون بها، باعتبارها نصوصاً مقدسة، تساعد الملك في رحلة الانتقال بسلام إلى الحياة الأخرى، وهي النصوص التي تضمنتها لاحقاً برديات شهيرة، مثل كتاب الموتى، الذي يكشف جانباً مهماً في طبيعة المعتقدات الجنائزية التي كان يؤمن بها المصري القديم.

لا تزال مقبرة رمسيس السادس تحتفظ بألقها القديم، وهو ما يمكن أن يلحظه الزائر في تلك النقوش البديعة، بل وفي أسلوب نحت التابوت الحجري الذي يضم مومياء الملك، وقد تعرض هذا التابوت إلى حادث كبير أثناء اكتشاف المقبرة، أدى إلى تحطم أجزاء منه، قبل أن يخضع إلى عملية ترميم شاملة بأيدي مرممين مصريين مهرة، استغرقت نحو عامين، عاد بعدها إلى حالته الأصلية، ليصافح الزائرين، ويحكي لهم جانباً من عظمة الفنون المصرية القديمة، إذ يتماهى جمال التابوت وما يضمه من نقوش، مع المناظر البديعة المنقوشة على جدران المقبرة، والأخرى المنقوشة على السقف، على نحو يأخذ الألباب، حيث يبدو إحساس الزائر وكأنه قد أصبح جزءاً من لوحة فنية ضخمة، نقشت في باطن الأرض على عمق أكثر من عشرين متراً.

تتميز مقبرة رمسيس السادس، رغم عظمة نقوشها، بتخطيطها البسيط، إذ تتكون من مجموعة من الممرات الهابطة في خط مستقيم إلى باطن الأرض، تفضي في النهاية إلى حجرة الدفن التي توجد في نقطة عمق المقبرة تحت الأرض، ويقول الآثاريون المصريون إن تلك المقبرة تعد الأكبر بين مقابر وادي الملوك على الإطلاق، التي تمتد بطول 443.2 متر من نقطة البدء، وتغطي مساحة تصل إلى 1266.47 متر مربع، وتضم أكثر من 120 حجرة دفن تخص ملوك وملكات مصر القديمة، ولا ينافس تلك المقبرة جمالاً، سوى مقبرة الزوجين يويا وتويا، رغم أن الأخيرة لا تصنف بين المقابر الملكية، إذ كانت تخص زوجين من النبلاء، عاصرا فترة حكم الأسرة الثامنة عشرة، وهما في الحقيقة والدا الملكة تيي زوجة أمنحتب الثالث، وأجداد الملكة نفرتيتي، وقد تم اكتشاف تلك المقبرة في عام 1905 لأول مرة، وعثر فيها على أغلب متعلقات الزوجين على حالتها الطبيعية.

ويعد الملك رمسيس السادس، أحد أعظم ملوك الرعامسة الذين حكموا مصر، رغم أن فترة حكمه لم تستمر سوى نحو 8 سنوات فقط، لكنه رغم ذلك نجح في أن يجعل من فترة حكمه فترة عظيمة، كسابقيه من الملوك الرعامسة، رغم قصر مدة حكمه وقلة الإمكانيات في عهده، وهو ما يبدو واضحاً في مقبرته التي تضم وحدها نصوص ستة من أشهر نصوص الكتب الجنائزية في مصر القديمة، كما تضم المقبرة واحداً من ثلاث نسخ كاملة لما يعرف ب«كتاب البوابات» وهو الكتاب الأشهر بين الكتب التي ضمت النصوص الجنائزية الملكية في مصر الفرعونية، إضافة إلى نسخة كاملة من «كتاب الكهوف»، وكتاب «الايمي دوات» الذي يكشف الجوانب المجهولة في العالم السفلى حسب المعتقدات القديمة، ما يجعل من المقبرة، مكتبة حافلة تحوي سجلات نادرة لأبرز الكتب الدينية في مصر القديمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bd49astf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"