لا وقت للمبادرات

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

كشفت زيارة الوفد الإفريقي إلى كل من أوكرانيا وروسيا عن حقيقة باتت ثابتة؛ وهي أن كل المبادرات والمقترحات التي طُرحت لإطلاق مفاوضات، تؤدي إلى تسوية سياسية، لا مجال لنجاحها؛ لأن قرار الحرب اتخذ من أجل تحقيق هدف لم يتحقق بعد، وهو استنزاف روسيا، والسعي إلى هزيمتها طالما هي تطرح نفسها قوة عظمى، لها الحق في المشاركة بنظام عالمي جديد، بدلاً من النظام الأحادي القائم الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

 كان واضحاً أن قرار المضي في الحرب حتى النهاية، اتخذ منذ الجولات الأربع من المفاوضات التي جرت بين روسيا وأوكرانيا في بيلاروسيا وتركيا في فبراير/شباط، ومارس/آذار 2022، والتي تم خلالها وضع وثيقة للمفاوضات، وافقت عليها روسيا، ثم انسحبت أوكرانيا منها.

 كانت فرصة للولايات المتحدة أن تستخدم أوكرانيا «حصان طروادة»، لتحقيق ما تريد، طالما أنها لن تضحي بأي جندي من جنودها، وتسخير الآخرين، ليكونوا قرباناً على مذبح استراتيجيتها الكونية، وقد نجحت، ووجدت من يقبل بهذا الدور.

 تجشم أربعة رؤساء أفارقة، فضلاً عن ممثلين عن مصر والكونغو وأوغندا، عناء التوجه إلى كييف وموسكو، حاملين معهم مبادرة سلام من عشر نقاط، يحدوهم الأمل بأن تكون صرخة القارة الإفريقية مسموعة، وتؤدي إلى فتح ثغرة في جدار الحرب.

 كانت إفريقيا مملوءة بأمل كبير بأن تنجح؛ حيث فشل غيرها، باعتبارها القارة الأكثر تضرراً من الحرب، نظراً لاعتمادها على ما تستورده من حبوب من البلدين، ونظراً لموقفها المحايد، ولثقلها السياسي والبشري؛ حيث تحتوي على 54 دولة تضم ملياراً ونصف المليار إنسان.

 عضو الوفد رئيس جمهورية جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، وصف المهمة ب«التاريخية»، لأنه اعتقد بأنه آن أوان الإصغاء لصوت العقل والسلام، لكن الجولة الإفريقية، انتهت كما بدأت كما يبدو، لأن صوت إفريقيا لاقى آذاناً صماء، بالإصرار على مواصلة الحرب.

 في الاجتماع الذي ضم الوفد مع الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، رفض الأخير إجراء أية مفاوضات مع روسيا قبل أن تنسحب الأخيرة من الأراضي التي احتلتها، في حين أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن بلاده منفتحة على الحوار «مع كل من يريد السلام، بشرط مراعاة مصالح جميع الأطراف»، كما أعرب عن احترام روسيا لمواقف إفريقيا «المؤيدة للتسوية السلمية للنزاعات، وإقامة نظام عالمي أكثر عدلاً»، في حين قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: «هناك أفكار مثيرة للاهتمام في المبادرة الإفريقية، وقد تنجح».

 المبادرة الإفريقية المؤلفة من عشرة بنود، يمكن اعتبارها متوازنة، وتأخذ في اعتبارها مصالح كل الأطراف، والأهم أنها تعد خطوة على طريق السلام، فهي تدعو إلى مفاوضات من خلال الطرق الدبلوماسية، ووقف التصعيد العسكري، وضمان سيادة الدول والشعوب وفق ميثاق الأمم المتحدة، وتوفير ضمانات أمنية لجميع البلدان، وضمان حركة تصدير الحبوب والأسمدة من الدولتين، وتوفير الدعم الإنساني لضحايا الحرب، وتبادل الأسرى وعودة الأطفال.

 هي مجرد مبادئ عامة، تؤسس لعوامل الثقة، وتقود إلى مفاوضات تؤدي إلى السلام، لكنها الحرب التي لم تحقق أهدافها بعد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2h8ve7ze

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"