.. وانتهى التمرد

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

دولة الإمارات، كما بقية دول العالم، كانت تتابع ما جرى في روسيا صبيحة يوم أمس الأول (السبت)، ومن منطلق وعيها بما قد يجري، وانطلاقاً من إيمانها بضرورة تحكيم العقل والحكمة في مختلف الأزمات، إضافة إلى ما يربطها مع روسيا من صداقة وثيقة على مختلف المستويات، فقد أكدت على ضرورة الالتزام بالتهدئة وضبط النفس والمحافظة على ما يحقق لشعبها الصديق وحدة روسيا واستقرارها، وهذا ما تحقق في نهاية المطاف.

 لقد عاشت روسيا يوم السبت ساعات عصيبة تابعها العالم لحظة بلحظة، ففي صباح ذلك اليوم أعلن قائد مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين التمرد على القيادة الروسية بعد أن سحب قواته من ساحة المعركة في مواجهة القوات الأوكرانية، وانتقل إلى مدينة روستوف في جنوب روسيا حيث احتل القيادة العسكرية الجنوبية الروسية، مهدداً بالزحف إلى موسكو.

 كان الخوف أن ينفذ بريغوجين تهديده، وبذلك تنتقل المعركة من الحدود الأوكرانية إلى الداخل الروسي، بكل ما تحمله من مخاطر اقتتال داخلي، وانقسام في المجتمع الروسي، ومخاطر على وحدة روسيا ذاتها، وهو هدف سعت إليه الدول الغربية من استمرار الحرب الأوكرانية، وجاهرت به من خلال استنزاف روسيا وإضعافها والسعي إلى تغيير السلطة فيها. لذلك فقد وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمرد قائد فاغنر ب«الخيانة» و«الطعنة في الظهر»، مهدداً بمعاقبته.

 صحيح أن بريغوجين لم يكن على علاقة جيدة بالقيادة العسكرية الروسية، وكان وجّه إليها اتهامات قاسية خلال معركة باخموت واتهمها بعدم تزويد قواته بالسلاح اللازم في المعركة، لكن لم يخطر ببال الكرملين أن يلجأ إلى التمرد ويهدد بالزحف إلى موسكو.

 الساعات العصيبة التي مرت على روسيا كانت الدول الغربية تتابعها لحظة بلحظة، وتتوقع أن يزداد الأمر سوءاً وتقع روسيا في فخ الاقتتال الداخلي، وبذلك تحقق ما كانت تسعى إليه هذه الدول، من أن تضطر موسكو إلى سحب قواتها من المناطق التي احتلتها في أوكرانيا لمواجهة التمرد وتداعياته، وكان ذلك واضحاً من حمى الاتصالات على مدى يوم كامل بين القيادات الغربية لمناقشة التطورات على الساحة الروسية والاحتمالات المتوقعة.

 لكن مبادرة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أنقذت روسيا من الأسوأ، وأحبطت ما كانت تتوقعه الدول الغربية، بإعلان الاتفاق على إنهاء التمرد.

 الكرملين وصف يوم السبت باليوم «الصعب والشاق والمليء بالأحداث المأساوية»، وبعده تنفست موسكو الصعداء لأنها خرجت من كابوس كان من المحتمل أن يكون كارثياً بكل المقاييس.

 بعد أن تم الاتفاق على عودة قوات «فاغنر» إلى قواعدها في المعسكرات الميدانية، وتسوية أوضاع مقاتليها وعدم ملاحقتهم قانونياً، وانتقال بريغوجين إلى بيلاروسيا وإسقاط التهم الجنائية ضده، فإن روسيا تكون قد خرجت من أزمة مصيرية كانت لو حصلت لغيرت مسار الحرب الأوكرانية بالكامل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3apkn5zu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"