عادي
محللون يرهنون تحسن العلاقات بالتواصل المباشر بين جين بينغ وبايدن

هل تنجح زيارة يلين في إزالة التوترات بين واشنطن وبكين؟

14:23 مساء
قراءة 5 دقائق

الخليج - متابعات

أعربت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، الأحد، عن تفاؤلها بشأن أسس العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، في ختام زيارة إلى بكين هدفت إلى تخفيف التوترات بين أكبر قوتين في العالم. فهل تتمكن هذه الزيارة من تحقيق أهدافها وتنجح في إزالة التوترات بين واشنطن وبكين؟

وفيما يرى محللون أن زيارة يلين قد تكون لها انعكاسات على إدارة العلاقات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، يرى آخرون أن أي تقدّم ملموس سيبقى رهن التواصل المباشر بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والأمريكي جو بايدن. كما دعا البعض إلى عدم الإفراط في التفاؤل من الآن، لافتين إلى أن تحقيق هدف استقرار العلاقات غير ممكن من زيارة واحدة أو تفاعل واحد.

ويثير المسؤولون الصينيون مخاوف بشأن أمر تنفيذي متوقع يقيد الاستثمار الخارجي، وأوضحت يلين خلال زيارتها أنها أبلغت المسؤولين الصينيين أن بإمكانهم إثارة مخاوفهم بخصوص الإجراءات الأمريكية، وأن واشنطن ستكون على استعداد لتفسيرها، و«من المحتمل أن تتصدى في بعض المواقف لتداعيات غير مقصودة لإجراءات اتخذناها ما لم تكن موجهة بعناية».

«خطوة إلى الأمام»

وصلت يلين إلى العاصمة الصينية، الخميس؛ حيث التقت العديد من كبار المسؤولين الحكوميين، بينهم رئيس الوزراء لي تشيانغ، وهي لم تنفك تطالب بمزيد من التبادلات والتعاون بين البلدين على الرغم من الاختلافات.

وقالت يلين، خلال مؤتمر صحفي الأحد في السفارة الأمريكية: «بشكل عام أعتقد أن اجتماعاتي الثنائية التي استغرقت نحو عشر ساعات على مدى يومين شكلت خطوة إلى الأمام في جهودنا لوضع العلاقة بين الولايات المتحدة والصين على أسس أكثر صلابة».

تأتي زيارة يلين، وهي الأولى لها إلى بكين منذ تسلّمها منصبها في 2021، بعد أسابيع على زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وتُجسّد رغبة إدارة جو بايدن في تهدئة العلاقات الثنائية المتوترة.

وشددت يلين على ضرورة «التزام البلدين إدارة هذه العلاقات بمسؤولية، وإيجاد طريقة للعيش معاً وتشارك الرخاء العالمي»، مؤكدة الأهمية «الحيوية» للاتصالات الرفيعة المستوى.

وأضافت «الرئيس جو بايدن وأنا لا نرى العلاقة بين الولايات المتحدة والصين من منظور صراع القوى العظمى. نعتقد أن العالم كبير بما يكفي لازدهار بلدينا».

وعلى الرغم من عدم الإعلان عن أي إجراء ملموس، ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الاجتماع الذي عقد السبت بين يلين ونائب رئيس الوزراء هي ليفينغ أتاح الاتفاق على «تعزيز التواصل والتعاون، لمواجهة التحديات العالمية».

محاولات الإصلاح

ومع تراجع العلاقات الأمريكية الصينية، بسبب قضايا أمنية، من بينها تايوان، وحظر أمريكي على صادرات التكنولوجيا المتقدمة والسياسات الصناعية التي تقودها الدولة في الصين، تحاول واشنطن إصلاح العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.

فقد زار وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن الصين الشهر الماضي، في أول زيارة يقوم بها أكبر دبلوماسي أمريكي منذ تولي بايدن الرئاسة، ومن المتوقع أيضاً أن يزور مبعوث المناخ الأمريكي جون كيري الصين هذا الشهر.

يأتي الجهد الدبلوماسي الأمريكي قبل اجتماع محتمل بين الرئيس بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ في قمة مجموعة العشرين في سبتمبر/ أيلول في نيودلهي أو اجتماع منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) المقرر عقده في نوفمبر/ تشرين الثاني في سان فرانسيسكو.

وقالت يلين: إن الهدف من زيارتها هو إقامة علاقات مع الفريق الاقتصادي الصيني الجديد وتعميقها، والحد من مخاطر سوء الفهم، وتمهيد الطريق للتعاون في مجالات مثل تغير المناخ وأزمة الديون.

وأضافت: «أعتقد أننا أحرزنا بعض التقدم وأن من الممكن أن تكون لدينا علاقة اقتصادية صحية تعود بالفائدة علينا وعلى العالم»، مشيرة إلى أنها تتوقع زيادة الاتصالات وانتظامها على نحو أكبر، بحسب «رويترز».

«خلافات كبيرة»

وأقرت وزيرة الخزانة الأمريكية، الأحد، بوجود «خلافات كبيرة» بين البلدين، لكنها أكدت أن المناقشات في بكين كانت «مباشرة وجوهرية ومثمرة».

وتتمثل النقطة الشائكة الرئيسية في أشباه الموصلات، وقد فُرضت في الأشهر الأخيرة قيود أمريكية من أجل قطع إمداد الشركات الصينية بالتكنولوجيا الأمريكية، بما في ذلك الرقائق.

وتعد الصين التي تسعى إلى أن تصبح مستقلة في هذا المجال، أن هذه الإجراءات تهدف إلى عرقلة تطورها والإبقاء على التفوق الأمريكي.

وحذرت يلين من أنّ الولايات المتحدة ستواصل اتخاذ «إجراءات موَجَّهة» من أجل المحافظة على أمنها القومي، لكنها قالت: «من المهم الإشارة إلى أن هذه الإجراءات مدفوعة باعتبارات الأمن القومي. نحن لا نستخدمها لكسب ميزة اقتصادية».

وفي حين تعتزم الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات جديدة قد تؤدي إلى فرض قيود أكبر على الاستثمارات الأمريكية في الصين، شددت وزيرة الخزانة على أن هذه الخطوات ستتم «بطريقة شفافة».

وأشارت إلى أنها طمأنت المسؤولين الصينيين أن هذه الإجراءات «ستكون ذات أهداف واضحة وستوّجه إلى بعض القطاعات؛ حيث لدينا مخاوف بشأن الأمن القومي».

وأكدت أنها رغبت في «تهدئة مخاوفهم من إقدامنا على أمر ستكون له تداعيات واسعة النطاق على الاقتصاد الصيني. الأمر ليس كذلك، وهذه ليست النية».

كما أعربت عن «مخاوف جدية» لدى واشنطن في ما يتعلق ب«الممارسات التجارية غير العادلة» لبكين. ويتعلق الأمر خصوصاً بعوائق أمام دخول الشركات الأجنبية إلى السوق الصينية وبقضايا مرتبطة بحماية الملكية الفكرية.

وقالت يلين «عبّرتُ أيضاً عن مخاوفي حيال الزيادة الأخيرة في الإجراءات القسرية ضد الشركات الأمريكية»، في إشارة إلى عمليات تفتيش وتحقيقات تستهدف في الأشهر الأخيرة، شركات في الصين.

أزمة موسكو وكييف

وبخصوص الأزمة الروسية الأوكرانية، ذكرت يلين للصحفيين الصينيين أنه «من الضروري» أن تتجنب الشركات الصينية تقديم دعم ملموس لموسكو في حربها أو تمكينها من الإفلات من العقوبات.

وقلل الجانبان من توقعاتهما بحدوث انفراجة خلال المحادثات، بينما أشادا بتلك الفرصة لإتاحتها حدوث لقاء دبلوماسي مباشر بينهما.

وذكرت يلين «لن تحل زيارة واحدة التحديات التي تواجهنا بين عشية وضحاها، لكنني أتوقع أن هذه الرحلة ستفتح قناة اتصال مرنة وبناءة».

«حماسة أكبر من بلينكن»

ورأى محللون أن زيارة يلين قد تكون لها انعكاسات على إدارة العلاقات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، على الرغم من أن أي تقدّم ملموس سيبقى رهن التواصل المباشر بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والأمريكي جو بايدن، بحسب وكالة «فرانس برس».

وقالت مديرة برنامج الصين في مركز ستيمسون سنتر للأبحاث: إن «الطرفين لم يجريا تواصلاً وتشاوراً على هذا المستوى منذ أعوام عدة».

ورأت أنه على الرغم من إبداء يلين تفاؤلها، يبقى «الإعلان عن أي تقدم ملموس وأي نتيجة كبرى على الأرجح في عهدة القائدين الأساسيين».

وكان بايدن أعرب في حزيران/ يونيو عن ثقته بلقاء نظيره الصيني قريباً.

واعتبر مدير مركز الدراسات الأمريكية في جامعة فودان الصينية وو شينبو أن بكين بدت «أكثر حماسة» حيال زيارة وزيرة الخزانة، مما كانت عليه خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي.

وأوضح أن «موقفها (يلين) حيال العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة عقلاني إلى حد ما»، لافتاً إلى أنها تعارض فك الارتباط بين القوتين الاقتصاديتين.

«عدم الإفراط في التفاؤل»

ودعا الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تايلور فرافيل إلى عدم الإفراط في التفاؤل من الآن، موضحاً «لا أعتقد أن تحقيق هدف استقرار العلاقات ممكن من زيارة واحدة أو تفاعل»، وفقاً ل «فرانس برس».

إلا أن زيارة الأيام الأربعة تظهر رغبة في متابعة التعاون الاقتصادي بين واشنطن وبكين «على الرغم من الاحتكاكات السياسية في العلاقات والنشاطات التنافسية الهادفة إلى تقييد وصول الصين إلى بعض التقنيات مثل أشباه الموصلات».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/22h5rx86

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"