عادي

هل تبدّد القمة الإفريقية الروسية مخاوف أزمة الغذاء؟

20:04 مساء
قراءة 4 دقائق
القمح

الشارقة - الخليج

يسود ملف أزمة الغذاء التي تقف على أعتاب القارة الإفريقية، محور المناقشات في القمة الروسية الإفريقية التي تعقد للمرة الثانية في سان بطرسبرغ، بعد أن حالت الظروف دون استمرار اتفاقية البحر الأسود للحبوب.

ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، سعت روسيا إلى تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الإفريقية على حساب نفوذ دول أخرى، مثل فرنسا، في بعض بلدان القارة، عبر وسائل شتى منها التعزيزات العسكرية، أو التمويلات الاقتصادية، أو تصدير المنتجات المجاني للدور الأكثر فقراً.

ويحاول القادة الأفارقة خلال القمة المنعقدة في سان بطرسبرغ، تفادي السقوط في أزمة غذاء عالمية يرجح خبراء واقتصاديون أنها ستضع أكثر من نصف العالم على حافة الجوع، ولاسيما الدول الأكثر فقراً، عن طريق محاولات إعادة الخصوم إلى طاولة المفاوضات أو الاستمرار في الضغط لتوفير بديل.

«ارتفاع قياسي»

وسجلت أسعار القمح ارتفاعاً حاداً وقياسياً في أسواق الجملة العالمية عشية انتهاء اتفاقية الحبوب في 17 يوليو/ تموز الجاري.

وأكد صندوق النقد الدولي أن انسحاب روسيا من اتفاق يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الحبوب العالمية بنسبة تراوح من عشرة إلى 15 في المئة.

وتتأثر إفريقيا سلبياً بانتهاء المبادرة، لأن الدول في هذه المنطقة تعتمد بشكل كبير على صادرات الحبوب من البحر الأسود، إذ تعتمد الصومال وبنين بشكل كامل على الدولتين، في حين تستورد مصر نحو 82 في المئة من احتياجاتها منهما، تليها السودان بنسبة 75 في المئة، ثم الكونغو 69 في المئة، والسنغال 66 في المئة.

وفيما تسعى روسيا إلى تعميق تعاونها التجاري والاقتصادي مع دول القارة الإفريقية، لكسر حاجز ال20 مليار دولار وبلوغ مستويات أعلى تتوافق مع تلك العلاقات، تحاول من خلال القمة المنعقدة حالياً محاولة توفير الأمن الغذائي الإفريقي.

«روسيا.. وعود ومنح»

وفي رسالة للطمأنة قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن موسكو ستعوّض الحبوب الأوكرانية الموردة إلى إفريقيا.

ونشر موقع الكرملين الإلكتروني، مقالاً عن بوتين بعنوان «روسيا وإفريقيا توحيد الجهود من أجل السلام والتقدم ومستقبل مزدهر»، قال فيه: «أطمئن أن بلدنا قادر على تعويض الحبوب الأوكرانية على أساس تجاري أو مجاني، خصوصاً أننا نتوقع مجدداً محصولاً قياسياً هذا العام».

وأضاف بوتين «رغم العقوبات، ستواصل روسيا جهودها الحثيثة لضمان توزيع الحبوب والمواد الغذائية والأسمدة وغيرها من السلع إلى إفريقيا، وسيتم توسيع شبكة السفارات الروسية والبعثات التجارية في إفريقيا».

وخلال القمة الحالية في سان بطرسبرغ أكد بوتين للقادة أفارقة، الخميس، أنه سيقدم لهم عشرات آلاف الأطنان من الحبوب في غضون شهور، رغم العقوبات الغربية التي قال إنها جعلت من الصعب على موسكو تصدير الحبوب والأسمدة الروسية.

وأكد الرئيس الروسي، أن بلاده على أهبة الاستعداد لتحل صادراتها محل صادرات الحبوب الأوكرانية إلى إفريقيا على الصعيدين، التجاري والخاص، بالمساعدات، وكذلك الوفاء بما وصفه بأنه دور موسكو المحوري في الأمن الغذائي العالمي.

وأضاف «سنكون جاهزين لتزويد بوركينا فاسو وزيمبابوي ومالي والصومال وجمهورية إفريقيا الوسطى وإريتريا بما بين 25 و50 ألف طن من الحبوب المجانية لكل دولة في الشهور الثلاثة أو الأربعة المقبلة»

«سلاح وطاقة»

ولا تقتصر أواصر الصداقة الإفريقية الروسية على الحبوب والغذاء، بل اتجهت روسيا خلال الأعوام الماضية إلي تعزيز حضورها في القارة السمراء عبر صفقات التسليح والتعاون في مجال الطاقة، وهي سوق تكتسب أهمية متزايدة بالنسبة إلى موسكو منذ بدء حرب أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022.

وسبق لموسكو أن أعلنت مراراً، خلال السنوات الماضية، نيتها وعزيمتها في تعزيز الشراكة العسكرية مع العديد من دول القارة السمراء، لاسيما التي استقدمت إلى أراضيها عناصر مجموعة «فاغنر»، قائلة إنها ستساعدها على نشر الأمن ومحاربة الإرهاب.

ومع تراجع الشراكة بسبب انهيار الاتحاد السوفييتي، سعت روسيا منذ عقدين من الزمن إلى إعادة تفعيلها وتنشيطها من جديد، كما قامت أيضاً مجموعة «فاغنر» العسكرية وبالتوازي مع ذلك، بتوسيع رقعة تواجدها وتأثيرها في كل من إفريقيا الوسطى ومالي والسودان، وحتى ليبيا.

وتعد مجموعة فاغنر منذ أعوام بمثابة الذراع العسكرية لروسيا في دول إفريقية عدة، مع تواجد عناصر أو «مدربين» تابعين لها، حيث يشرف بعض كوادرها على أمن رؤساء أفارقة.

المحطات العائمة والطاقة

وتسعى روسيا كذلك إلى تزويد إفريقيا بخبراتها التقنية في مجال البنية التحتية النووية.

وفي مصر، بدأت مجموعة «روساتوم» العملاقة في 2022 ببناء محطة الضبعة النووية، الأولى من نوعها في البلاد.

«إفريقيا محور تنافس»

واكتسبت القارة الإفريقية ودولها اهتماماً خاصاً من جانب القوى الدولية في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية المستعرة منذ فبراير 2022، إذ بدا أن القوى الدولية ساعية إلى نقل جزء من صراعها للسيطرة على النظام الدولي إلى القارة الإفريقية.

ففضلاً عن محاولات هذه القوى تعويض خسائرها الثقيلة جراء الحرب الأوربية الحالية، والعقوبات المفروضة على روسيا من جهة أخرى، خصوصاً في ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية، فقد نظرت هذه القوى إلى التقارب مع دول القارة بوصفها إحدى أدوات الانتصار في هذا الصراع.

وتُعدّ منطقة غرب إفريقيا والساحل ساحة للتنافس على النفوذ والهيمنة بين روسيا وفرنسا، في ضوء العديد من المقومات والمحددات الخاصة بأهمية المنطقة الاستراتيجية وبعض القضايا المحورية مثل: الأمن، والإرهاب، والهجرة، والتنمية، والاستثمارات التي يشكِّل التفاعل معها منطلقاً مهماً للحصول على موطئ قدم في المنطقة.

وعزز ذلك اتهام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لروسيا، في عام 2020، باتباع استراتيجية تهدف إلى تأجيج المشاعر المعادية لفرنسا في القارة الإفريقية.

إذ أخذت منطقة الساحل تشهد تنافساً من جانب الطرفين، وعلى كل المستويات، السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية؛ بهدف تحقيق موطئ قدم لها في المنطقة الغنية بالموارد، والثروات الطبيعية؛ ما يجعلها هدفاً جاذباً لاهتمام العديد من القوى الدولية مستقبلاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mpur6uzn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"