في السابع من أغسطس 1560، ولدت أشهر امرأة مجرية، الكونتيسة إليزابيث باثوري، التي اشتهرت باسم «كونتيسة الدم» أو «ملكة الدم» بسبب ما روي حولها من تاريخ دموي في تعذيب وقتل مئات الفتيات الفقيرات والشرب من دمائهن حتى لا تصيبها الشيخوخة، فضلاً عن قتل 25 من العائلة المالكة المجرية.
عائلة مجرية نافذة
ولدت «باثوري» في 1560، بعد مئة عام من موت قريبها فلاد الثالث، أو المشهور ب«دراكولا الحقيقي»، كانت من أصول مجرية نبيلة الأصل مالكة للثروة والسلطة، وامتد نفوذهم في المجر وسلوفاكيا وبولندا.
وبحسب موقع All That's Interesting، فقد كانت إليزابيث سليلة عائلة مجرية نافذة ونجلة البارون جورج باثوري، وقد تزوجت من بطل الحرب المجري فيرينك ناداسدي، الذي أهداها قلعة حيكت حولها العديد من الأساطير كهدية زفاف.
أساطير التعذيب
عندما تولى ناداسدي قيادة الجيش المجري وانطلق في حملةٍ عسكرية، ترك زوجته مسؤولة عن ممتلكات هائلة، وعن حكم السكان المحليين، لتبدأ بعدها سلسلة من الأقاويل حول تعذيب إليزابيث لخادماتها بصورة وحشية، لاسيما بعد وفاة زوجها في الحرب.
وقد قيل إن زوجها هو من علّمها أساليب التعذيب قبل القتل في دروس حقيقية قبل وفاته، وجعلها تقطع أوصال ثم رؤوس الأسرى، وكان يلاحظ استمتاعها وابتكارها لأساليب جديدة.
وبحسب الروايات، فقد كانت تستهدف في البداية الفتيات الفقراء اللاتي أغرتهن ليأتوا من أجل العمل في القلعة، ثم وسَّعت نشاطها سريعاً، وبدأت في قتل بنات النبلاء اللاتي كُن يُرسَلن إلى كاشتيكا من أجل التعليم، وكانت تعمد إلى اختطاف الفتيات اللاتي لا يقبلن المجيء إلى القلعة من تلقاء أنفسهن.
هوس الشباب الدائم
كان لدى «إليزابيث» هوس في المحافظة على شبابها وجمالها والإبقاء عليهما، فاعتمدت على حاشية من المشعوذين الذين كانوا يعملون على إرضائها بأي ثمن، فقيل إنها كانت تشرب دماء ضحاياها العذراوات، ظناً منها أن ذلك سيمنحها الشباب الدائم، خاصة أنه لم يكن هناك أي فائدة من العلاج والأدوية التي يصنعها لها السحرة.
وتداول الناس عبر التاريخ تلك القصص المرعبة عن الكونتيسة، التي سرعان ما اكتسبت لقب «الكونتيسة دراكولا»، فقد قيل عنها إنها تأكل لحوم البشر، وإنها مصاصة دماء تشرب من دماء ضحاياها للحصول على الشباب الدائم، كما كانت تستحم بدماء الفتيات صغيرات السن.
كل تلك الأساطير جعلت من الكونتيسة مادة ملهمة لقصص وأفلام الرعب في يومنا هذا، فصدر عدد من الأفلام المستوحاة من قصتها، مثل فيلم Stay Alive وفيلم The Countess.
عقوبة ومحاكمات
في النهاية وُجهت إلى إليزابيث تهمة قتل مئات الفتيات، وأرسل الملك المجري ماثياس الثاني أعلى ممثليه رتبةً وهو جورجي ثورزو، من أجل التحقيق في الشكاوى المُقدّمة ضدها.
جمع ثورزو أدلةً من قرابة ال300 شاهد، وهو ما مهَّد الطريق أمام معاقبة الكونتيسة، حيث احتُجِزَت داخل غرفتها بكاشتيكا، وظلّت قيد الإقامة الجبرية لمدة أربع سنوات حتى وفاتها عام 1614.
هل القصص مفبركة؟
رغم وجود شهود خلال المحاكمة، إلا أن بعض الباحثين المجريين قالوا إنّ تلك الأقاويل ما هي إلا شائعات انتشرت لأسباب سياسية، وإنّ الملك ماثياس الثاني كان مديناً لزوج إليزابيث الراحل -وإليزابيث من بعده- بدينٍ كبير.
ولم يكُن ماثياس ينتوي سداد ذلك الدين، لذا يقول المؤرخون إنّ تلك المسألة هي التي حرّكته على الأرجح، لمحاولة إدانة الكونتيسة وحرمانها من فرصة الدفاع عن نفسها في المحكمة.
ويُرجِّح المُؤرّخون أنّ القصة الحقيقية لإليزابيث باثوري كانت على النحو التالي: كانت الكونتيسة تمتلك أرضاً مهمةً استراتيجياً، وبصفتها امرأةً ذكية وقوية، وسليلة عائلةٍ تُرهِب الملك بثروتها؛ سعى بلاطه إلى تشويه سمعتها وتدميرها.
وبالتالي تظل الروايات متضاربة بشأن حقيقتها، فهل كانت بالفعل تقوم بهذا التعذيب الوحشي للخادمات والفتيات، أم أن تلك القصص لم تكن إلا ذريعة للتخلص منها؟!.. لم يحسم التاريخ الإجابة بعد.