حوكمة عابرة ل «الأطلسي»

21:25 مساء
قراءة 3 دقائق

كاريسا نيتشه *
أعلن الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع والولايات المتحدة والمملكة المتحدة مجموعة مبادرات تهدف إلى إنشاء أنظمة حوكمة، وإرشادات حول استخدام التكنولوجيا.

ووسط هذه الجهود، كشف الاجتماع الوزاري الرابع لمجلس التجارة والتكنولوجيا في السويد عن «مدونة قواعد السلوك الخاصة بالذكاء الاصطناعي» بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وهو ما يمثل الخطوة الأولى، وحجر الأساس عبر الأطلسي لحوكمة الذكاء الاصطناعي عالمياً.

وتم طرح مدونة قواعد السلوك الخاصة بالذكاء الاصطناعي كمبادرة مشتركة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لإعداد مسودة مجموعة من الالتزامات الطوعية للشركات هناك لتبنيها. والهدف سد الفجوة بين مختلف السلطات القضائية، وتطوير مجموعة من المعايير الدولية غير الملزمة لقطاعات الأعمال التي تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي قبل إصدار التشريعات في أي بلد.

ومن المتوقع أن تتجاوز المبادرة حدود الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتشمل دولاً أخرى، بما في ذلك إندونيسيا والهند، ويجري طرحها في نهاية المطاف أمام مجموعة السبع. لكن، في الوقت الحالي، لا تزال الاستفسارات محيطة بنطاق عمل مدونة السلوك، وما إذا كانت ستتضمن آليات مراقبة أو تنفيذ.

لفترة طويلة، كافحت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل اقتراح مبادرات مشتركة في قطاع التكنولوجيا، وذلك بسبب اختلاف القواعد التنظيمية بينهما، ولا يزال هذا الأمر واقعاً حتى اليوم. فغالباً ما تعتمد الولايات المتحدة على العلاجات القانونية الموجودة مسبقاً، لتحفيز مطوري التكنولوجيا على إنشاء منتجات آمنة. وتفضل اتباع نهج «عمودي خفيف» لتنظيم الذكاء الاصطناعي، ونشر جهود إدارة مخاطر خاصة بالقطاع تسعى إلى تحقيق التوازن بين الابتكار والتنظيم دون إلزام بقانون حقوق الذكاء الاصطناعي.

وهو انعكاس لنهج إدارة بايدن في تزويد الوكالات الفيدرالية بالأدوات والمبادئ التوجيهية التنظيمية دون فرض متطلبات تنظيمية محددة. وبينما هناك زخم متجدد في الكونغرس الأمريكي لتنظيم أدوات الذكاء الاصطناعي، لم يتم النظر في أي تدابير تنظيمية شاملة حتى الآن.

في المقابل، اتخذ الاتحاد الأوروبي نهجاً «أفقياً شاملاً» لتنظيم الذكاء الاصطناعي في إطار قانوني خاص يهدف إلى بناء حواجز حماية كبيرة بشأن تطوير أنظمته، وتغطية نطاق المخاطر بأكملها، باستخدام أربعة مستويات واسعة من المخاطر، لتصنيف جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي، من الحد الأدنى إلى غير المقبول.

وفي 14 يونيو/حزيران، تم التصويت على قانون الذكاء الاصطناعي من خلال البرلمان الأوروبي، وهو الآن في طريقه للحصول على إجماع ثلاثي، حيث سيقوم البرلمان نفسه ومجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية بسنّ تشريع نهائي من المحتمل أن يبدأ تطبيقه عام 2025.

وبالنظر إلى التشريعات المتبناة بين الطرفين، يتضح جلياً صعوبة التوفيق بين الأساليب المتبعة لكليهما. وهنا يأتي دور «مدونة قواعد السلوك الخاصة بالذكاء الاصطناعي» بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي من المنتظر أن تعمل على إزالة الخلافات، وتعزيز الجهود في المجالات ذات الإجماع والاهتمام المشترك.

ففي نهاية المطاف، ترسم القيم الديمقراطية المشتركة بين الجانبين اتفاقهما على أهمية الذكاء الاصطناعي الموثوق، مع نهج قائم على المخاطر يؤكد أهمية تطوير معايير دولية لحوكمة ذلك عالمياً، دون التعدي على الأطر التنظيمية الخاصة بكل طرف.

وبالمثل، يوفر هذا النهج التطوعي دليلاً على مفهوم العمل تحت مظلة القوانين التنظيمية المتباينة، والتي ستكون بالغة الأهمية بشكل خاص في المنتديات متعددة الأطراف. كما يوفر أيضاً مساحة مهمة جداً للقطاع الخاص، حيث يتم تطوير الغالبية العظمى من أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر قدرة.

ووفقاً لذلك، اتخذ كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مؤخراً خطوات للتعاون الوثيق مع القطاع الخاص. منها على سبيل المثال حصول البيت الأبيض على ضمانات طوعية من سبع شركات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي تخص التطوير الآمن والشفاف للتكنولوجيا.

وفي مايو، أعلن المفوض الحالي للسوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي تييري بريتون، أن الاتحاد سوف يطور ميثاقاً للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع شركة «ألفابيت»، الشركة الأم ل«غوغل»، من شأنه وضع قواعد غير ملزمة مع الشركات التي تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي.

إذاً، من خلال مدونة قواعد السلوك هذه، يمكن لكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الاستمرار في التعامل مع دور القطاع الخاص وتحديد الحجم المناسب له أثناء قيامهما ببناء نهج عبر الأطلسي لحوكمة الذكاء الاصطناعي عالمياً.

علاوة على ذلك، فإن نهجهما يترك الباب مفتوحاً لمجموعة واسعة من الحلفاء والشركاء، للانضمام إلى هذه الجهود. فمنذ البداية، صيغت مدونة السلوك على أن لها جذوراً عبر الأطلسي وطموحات متعددة الأطراف.

* زميلة مشاركة في برنامج الأمن عبر الأطلسي في مركز الأمن الأمريكي الجديد( يوروآكتيف)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/33cjpux2

عن الكاتب

زميلة مشاركة في برنامج الأمن عبر الأطلسي في مركز الأمن الأمريكي الجديد( يوروآكتيف)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"