عادي

إليزابيث.. عام علي رحيل «الجندية الملكة»

17:26 مساء
قراءة 5 دقائق

«الخليج» متابعات
تحيي المملكة المتحدة اليوم، الذكرى الأولى لوفاة الملكة إليزابيث الثانية التي مكثت في الحكم سبعين عاماً.
ففي الثامن من سبتمبر/أيلول 2022، رحلت إليزابيث الثانية عن عمر 96 عاماً، وذلك خلال وجودها في قصر بالمورال في اسكتلندا، حيث كانت تمضي موسم الصيف على جري العادة، وأعقب إعلان الوفاة حداد وطني انتظر خلاله مئات ألوف البريطانيين لعشرات الساعات في طوابير، لإلقاء نظرة الوداع على ملكتهم التي تولت العرش لأطول مدة في تاريخ الملكية البريطانية.

  • قائدة لسبعين عاماً

وطوت المملكة المتحدة والأمم الأربع عشرة التي تنضوي تحت التاج البريطاني، بذلك صفحة من تاريخها، حيث اعتلى ابنها تشارلز الثالث.
وتميزت الفترة الطويلة لعهد الملكة إليزابيث الثانية بإخلاصها اللامتناهي لدورها وبعزيمتها الصلبة في تكريس حياتها للعرش ولشعبها، وظلت لدى الكثيرين الثابت الوحيد في عالم سريع التقلبات والتغيرات، حيث تراجع النفوذ البريطاني والمجتمع تغير بشكل لافت جداً.
واعتبر البريطانيون وكثير من عشاق الحياة الملكية، نجاح الملكة في الحفاظ على الملكية خلال هذه الفترات العصيبة، بمثابة إنجاز عظيم خصوصاً أنه لم يكن من المتوقع أن يؤول إليها العرش يوم أبصرت النور.

الصورة
  • تاج غير متوقع

ووضعت الملكة إليزابيث الثانية حياتها في خدمة المملكة المتحدة، منذ ولادتها في 21 إبريل/نيسان 1926، وأطلق عليها لقب «ليليبيث»، ومن مفارقات الحياة أنه لم يكن يفترض أن تتولى العرش، إذ إنها كانت الثالثة في ترتيب ورثة التاج بعد عمها وأبيها، وهي ابنة ألبيرت، دوق يورك والابن الثاني لجورج الخامس، وإليزابيث بوز ليون.
ونشأت إليزابيث في منزل بحيّ بيكاديلي في لندن، خارج أسوار قصر باكنغهام. ولم تصبح الوريثة الرسمية لعرش بريطانيا إلّا في سن العاشرة، وتولى والدها العرش وأصبح معروفاً باسم جورج السادس بعد أن تخلى شقيقه الأكبر الملك إدوارد الثامن عن التاج من أجل أن يتزوج بالأمريكية واليس سيمبسون.

الصورة
الملكة اليزابيث ميكانيكية
  • الجندية الملكة

واكتسبت اليزابيث بسرعة حسّ المسؤوليات الملكية، فخلال الحرب العالمية الثانية ورغم تعرض المملكة المتحدة للقصف الألماني، رفضت العائلة الملكية الانتقال للعيش في الخارج؛ إذ بقي الملك وزوجته في قصر باكنغهام، واستقرت ابنتاهما في قصر وندسور غرب لندن.
وساهمت الأميرة اليزابيث آنذاك وشقيقتها الصغرى مارغريت، في «المجهود الحربي»، بحياكة الجوارب أو صنع الضمادات للجنود البريطانيين، وذلك في العام 1940، حيث كانت بعمر 14 عاماً، ووجهت إليزابيث خطابها الإذاعي الأول لجميع أطفال المملكة.
في 1942 التحقت بصفوف «رماة القنابل» وهي إحدى فصائل المشاة في الحرس الملكي، حيث منحت رتبة عقيد قائد فخرياً، بعدها وعند نهاية الحرب انضمت إلى الخدمة الإقليمية الداعمة، وهي الفصيل النسائي في الجيش البريطاني.
ورغم رتبتها العسكرية لم تتردد في مباشرة العمل، فتعلمت قيادة السيارات واستلمت العمل كميكانيكي، وقامت بنفسها بإصلاح سياراتها الشخصية حتى سنوات الثمانينيات، وقادت سيارتها بالسرعة القصوى على مدى حياتها في الطرق الصغيرة المحيطة بقصر بالمورال في اسكتلندا.
وفي العشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 1947، تزوجت إليزابيث من الأمير فيليب اليوناني، وهو أحد أقربائها، وفي 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 1948 أنجبت أول أبنائها الأمير تشارلز، ملك انجلترا حالياً، وبعده أنجبت آن، ثم أندرو، فإدوارد، لكن لم تشغلها تربية الأطفال عن مهامها الملكية، فهي لم تكن من النساء اللواتي يكرّسن حياتهن لعائلاتهن.

  • رويداً نحو العرش

في 1950 تدهورت صحة والدها، الملك جورج السادس، وبدأت إليزابيث تحلّ محلّه أكثر فأكثر في الرحلات والمناسبات الرسمية، وكانت في مهمة رسمية في كينيا عندما علمت بوفاة الملك في 6 فبراير/ شباط 1952، لتصبح الحاكم الأربعين الذي يعتلي سدّة عرش المملكة المتحدة منذ وليام الفاتح (1087-1066).
وبعد يومين من وفاة الملك الوالد، أدلت الملكة الشابة بتصريحها الأول أمام المجلس الخاص: «بوفاة والدي العزيز المفاجئة، تمت دعوتي لتولي واجبات الملك، أدعو الرب أن يعينني لأكون جديرة بالمهام التي أوكلت إليّ مبكراً في حياتي».

  • تداركت هزات العائلة

وتمكنت إليزابيث الثانية من تجاوز هزات عديدة زعزعت حياتها الخاصة، على رأسها طلاق ثلاثة من أولادها، أضرت بشدة بصورة العائلة الملكية التي تتابعها وسائل الإعلام باستمرار، لكن ثبات الملكة أكسبها دائماً احترام شعبها.
وجاء خبر وفاة الأميرة ديانا، الزوجة السابقة للأمير تشارلز، في 31 أغسطس/آب من عام 1997، بالمنغصات على العائلة المالكة في بريطانيا، حيث كاد يحدث شرخ في العلاقة بين الملكة والشعب البريطاني، فلم تنكس الأعلام حداداً في قصر باكنغهام، وقد أحدث برود الملكة إليزابيث حيال وفاة الأميرة التي لم تعد رسمياً جزءاً من العائلة الملكية شرخاً بينها وبين البريطانيين، لكن الملكة استدركت الأمر سريعاً؛ واحتفت في كلمة متلفزة «بأميرة الشعب» ما جعلها تستعيد تقدير البريطانيين، وعلى مر السنين باتت أكثر مرونة، وأخذت على عاتقها مهمة تحديث النظام الملكي التي كانت بمثابة مشروع حياتها.
وبعد وفاة زوجها، لم تظهر الملكة علانية إلا متكئة على عصا، فيما تتابعت عليها المشاكل الصحية التي كان آخرها العدوى بفيروس كورونا، ومع أنها تغيبت في مايو/أيار 2022 للمرة الثالثة في عهدها عن خطاب العرش التقليدي، فإنها مع ذلك، خرجت لإلقاء التحية على رعاياها بعد بضعة أسابيع من على شرفة قصر باكنغهام بمناسبة اليوبيل البلاتيني (70 عاماً) لارتقائها سدة العرش.

  • محاولة لقتل الملكة

وعلى الرغم من الحب الذي حظيت به إليزابيث الثانية من عموم الشعب البريطاني، إلا أن عناصر المنظمات شبه العسكرية التي كانت تنادي باستقلال أيرلندا عن المملكة المتحدة، كانت تكنّ عداء كبيراً للملكة، حيث إن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي «إف بي آي» كشف عن وثائق تتحدث عن أن الملكة البريطانية الراحلة، واجهت تهديداً محتملاً بالاغتيال من رجل أيرلندي خلال زيارتها للولايات المتحدة عام 1983.
وأصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي عدداً من الملفات المتعلقة بسفريات الملكة الراحلة إلى الولايات المتحدة، بعد وفاتها منذ عام، وفيها أنه ساعد في تأمين سلامة الملكة أثناء زياراتها، وأن المكتب كان قلقاً بشأن تهديدات الجيش الجمهوري الأيرلندي.
وحسب الوثائق فإن التهديد بالاغتيال تم توجيهه إلى ضابط شرطة في سان فرانسيسكو، مبيناً أن الضابط كان يتردد على مقهى أيرلندي في سان فرانسيسكو، حذر من إمكانية حصول عملية الاغتيال بعد أن تلقى اتصالاً من رجل قابله في المكان، وقال الضابط إن الرجل أخبره أنه يسعى للانتقام من ابنته التي «قتلت برصاصة مطاطية في أيرلندا الشمالية».
وجاء التهديد في 4 فبراير 1983، أي قبل نحو شهر من زيارة الملكة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب إلى كاليفورنيا.
وجاء في الوثيقة: «كان يحاول إيذاء الملكة إليزابيث، وسيقوم بذلك إما عن طريق إسقاط بعض الأشياء من جسر البوابة الذهبية على يخت بريطانيا الملكي عندما يبحر تحته، أو سيحاول قتل الملكة إليزابيث عندما تزور منتزه يوسيميتي الوطني»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yscyfyfh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"