عادي
نسخة عصرية من التقليدي

زواج الغروبات.. خاطبة تقنية بمحاذير

23:24 مساء
قراءة 4 دقائق

دبي: مها عادل

قديماً كانت الخاطبة وسيلة مضمونة للتعارف واختيار شريك الحياة، فقد كانت هذه الخبيرة التي تدخل كل بيت وتعرف خبايا العائلات، وكيف ترشح العروس المناسبة والعريس المقبول لكل عائلة، هي التي تمتلك في جرابها الأسماء والصور، وتحمل في ذاكرتها التفاصيل الدقيقة حول دخل العريس، ومهنته، وأصله، وحسب العروس، وجمالها، وأخلاقها، ويتم تداول هذه التفاصيل عبر دوائر المعارف لتتم الزيجات، وتمتد في نجاحها عبر الأجيال، أما الآن، فقد تغيّر كل ذلك، وتحولت الخاطبة البشرية، بسبب الحداثة الاجتماعية والتقنية إلى ما يعرف بزواج ال«غروبات».

تروي سلافة إبراهيم، شابة تحمل جنسيتين، إحداهما أوروبية والأخرى عربية، تعيش في دبي منذ سنوات، حيث تعمل في إحدى شركات العلاقات العامة، قصتها مع الزواج وتقول: «حكايتي مع الزواج عبر «غروبات» ناجحة، جاءت بعد عامين من طلاقي، وهكذا دخلت في «غروب» على مواقع التواصل الاجتماعي يجمع الباحثين عن الزواج من الجنسيات العربية في دبي، وضعت بياناتي، وتواصلت مع شاب تم ترشيحه لي، فشعرت براحة في التعامل معه، كان صادقاً، ووجدت ظروف نشأته تشبه ظروفي، فقد كان خليطاً بين عدة مجتمعات، وتربى بين ثقافات ومجتمعات مختلفة، لأن والديه كانا دائمي التنقل بين أوروبا وأمريكا والدول العربية، واتفقنا على الزواج، وحصلنا على مباركة أسرتينا، وتم الزواج بشروطنا في ما يخص الشبكة والمهر وتأسيس بيت الزوجية، والحمد لله مضى علينا الآن خمس سنوات في زواج ناجح قائم على الحب والتفاهم، وأنعم الله علينا بطفلة جميلة هي في عامها الثاني حالياً».

ورغم أن تجربة الزواج من «غروبات» السوشيال ميديا وتطبيقات الإنترنت نجحت مع سلافة إبراهيم، إلا أنها تقول أيضاً: «نجحت معي، لكن ربما تفشل مع غيري، فقد ساعدني أنني وزوجي عشنا في الخارج لوقت طويل من حياتنا، ولذلك فلم نستغرب هذا الأسلوب، لأنه منتشر في الغرب، ولكن ربما لا يأخذ بعض الناس في مجتمعاتنا هذه التطبيقات بالجدية الكافية، أو يعتبرها بعض الشباب وسيلة للعبث، أو التعرف إلى فتيات، ولذلك أنصح من يقومون بهذه الخطوة بالحذر، وأن يكونوا جادين وحاسمين مع أي شخص يشعرون بأنه يدخل هذه ال«غروبات» وهو غير جاد».

رفض الفكرة

لعل ذلك ما دفع سامح إبراهيم، موظف في إحدى الشركات التجارية بدبي لرفض الفكرة بشكل قاطع، قائلاً: «لا أتقبل هذه الفكرة، لا يمكن أن أتقدم لفتاة تعرفت إليها بطريقة عشوائي ةعن طريق «غروبات» عامة على الإنترنت، وما لا أرضاه لأختي لا أرضاه للفتيات الأخريات، فأنا لا أرضى لأختي مثلاً أن تتحدث مع شخص غريب أوتذهب لمقابلته تحت مسمى أنهما تعارفا عبر تطبيق أو «غروب» على الإنترنت، طبيعتي ترفض التساهل مع مثل هذا السلوك».

صعوبة الاختيار

ويعترف سامح بأنه يعاني صعوبة في اختيار شريكة حياته ويقول: «أنا في الخامسة والثلاثين من عمري، لم أوفق حتى الآن في العثور على الزوجة المناسبة، منذ خمس سنوات قامت أمي بتدبير خطبة تقليدية من فتاة في بلدي، أرسلت لي صورتها وجعلتني أحدثها عبر تطبيقات الهاتف، ووجدتها مناسبة ومن عائلة أعرف بعض أفرادها، وهكذا سافرت إلى بلدي حيث تمت خطبتنا، وأرسلت لها الكثير من الهدايا وقدمت لها شبكة غالية، ولكن ظروفي تغيّرت حيث فقدت عملي، وحدثت بعض المشاكل في حياتي، ثم جاءت جائحة كوفيد لتتفاقم المشاكل المادية».

ويتابع: «وجدت أن الفتاة وأهلها يطالبونني بأعباء مادية لا أستطيع الوفاء بها، وشعرت منهم بكثير من الطمع والأنانية وعدم التفهم، ففسخنا الخطبة وخسرت جانباً كبيراً من مدخراتي بسبب ذلك، وحالياً أفتش مجدداً عن بنت الحلال، وتقوم والدتي بترشيح بعض الفتيات لي، لكنني أخاف من تكرار التجربة، لا أريد أن أقوم بخطبة فتاة لا أعرفها، أريد أن أحصل على فرصة، ولذلك أوسع دائرة البحث من خلال زملائي في العمل، وأطلب منهم ترشيح من يرونها مناسبة في محيط أقاربهم أو معارفهم ثم يقومون بترتيب لقاءات أتعرف فيها على الفتاة مع أسرتها في مناسبات اجتماعية مختلفة، وأتمنى أن أصل عبر هذه الطريقة إلى بنت الحلال التي تتوافق معي ومع أفكاري وطبائعي».

تطوير لزواج الصالونات

تدافع نوران خالد (طالبة جامعية) عن الأساليب الحديثة بالتعارف، وتقول: «إن «غروبات» التواصل الاجتماعي الخاصة بالزواج تعتبر تطويراً لفكرة الخاطبة، أو زواج الصالونات التقليدية، فكل الوسائل التقليدية تعتمد على وسيط ما، يقوم بتوفيق الراغبين في الزواج معاً، وترتيب موعد للقاء والتعارف بينهم، فما المانع أن يتحول هذا الوسيط إلى تطبيق إلكتروني، أو «غروب» على السوشيال ميديا، فكل ما يحدث هو أن الخاطبة التقليدية ارتدت ثوباً عصرياً، وتحولت إلى تطبيق أو «غروب» يقوم بالدور نفسه».

وتضيف: «أعتقد أن من يتخوفون من الفكرة لا يفهمون جيداً آلية عمل هذه ال«غروبات»، فهي لا تضم غرباء بشكل كامل، وإنما تضم عادة أشخاصاً تجمعهم علاقة، مثلاً أبناء منطقة واحدة، أو جالية محددة، أو جيران في مجموعة بنايات أو كومباوند سكن، أو يعملون في مجال واحد، فالقاعدة الأصلية «للغروب» تتكون عادة من أشخاص يعرفون بعضهم بعضاً، ومن السهل عليهم التأكد من المعلومات التي يقدمها الأشخاص الموجودون، وإضافة أي شخص جديد تتم من خلال الأعضاء أنفسهم، وتحت إشراف القائمين على الصفحة، ويستطيع الأعضاء التعامل مع أي شخص يثبت أنه قدم معلومات مضللة، أو يتعامل بطريقة غير محترمة، أو غير جادة، فيتم إقصاؤه أو فضحه بين المجموعة نفسها. وأشارت إلى أنها لا تجد أي غضاضة في الانضمام لمثل هذه المجموعات من دون خوف «لو احتجت يوماً للبحث عن شريك حياة مناسب، كما أنني أعلم بعض التجارب الناجحة التي خرجت من رحم هذه الأفكار العصرية، وبالطبع هناك من لم يكن التوفيق حليفه، وهذا يرجع لحجم التوافق والتفاهم بين الزوجين، وليس لأسلوب التعارف، فالطرق كلها تتشابه في النهاية مع اختلاف الأشكال».

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ehr5355

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"