رؤساء لبنان قبل سنة الفراغ

00:24 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. خليل حسين

أنهى لبنان سنة كاملة من الفراغ الرئاسي، إلى جانب العديد من فراغ المؤسسات العسكرية والأمنية والمالية، حيث تُدار وفقاً لتفاهمات مغطاة شكلاً بلباس دستوري وقانوني. ولطالما شكلت انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان معضلة في الحياة السياسية في مختلف الحقب، ذلك بالنظر إلى ارتباط الموضوع بالعديد من القضايا الداخلية والخارجية، وتكاد لا تستثنى عملية انتخاب من مفارقات تتكرر بشكل مستمر حتى يصبح الاستثناء قاعدة يُقاس ويبنى عليها.

ثمة أربعة عشر رئيساً تم انتخابهم منذ عام 1943، ولكل حالة صفات ومميزات تختلف عن الأخرى، رغم وجود الكثير من حالات التشابه، كحالات التأثير الخارجي، أو التمديد، أو الانقسام العمودي والوصول إلى حالة الفراغ في سدة الرئاسة.

وتشكل حالة التمديد مثلاً شائعاً بدأ مع الرئيس الأول بشارة الخوري الذي لم يتمكن من إكمال ولايته الثانية الممددة فاستقال في نصفها بعد ثورة بيضاء أوصلت الرئيس كميل شمعون إلى الرئاسة، الذي أنهى ولايته بحرب أهلية في عام 1958 نتيجة الانقسام اللبناني الحاد حول العديد من قضايا السياسة الخارجية أبرزها الموقف من العدوان الثلاثي على مصر وتداعيته الداخلية والعربية.

لقد انتخب قائد الجيش آنذاك العماد فؤاد شهاب ضمن تسوية داخلية عربية كان لمصر أثر واضح فيها، ومفارقة الرئيس شهاب أنه الوحيد الذي رفض التجديد أو التمديد له رغم إجماع القوى اللبنانية على ذلك نظراً لبصماته في بناء دولة المؤسسات والقانون. وقد خلفه في الرئاسة الرئيس شارل حلو الذي اعتبر وريث الشهابية رغم افتراقه عنها في نهاية ولايته التي شهدت أحداثاً عربية ضاغطة كحرب 1967، وبداية انتقال المقاومة الفلسطينية إلى لبنان، واتفاق القاهرة الذي نظم ذلك الانتقال.

وفي محاولة لإبعاد الشهابية عن الرئاسة تم انتخاب الرئيس سليمان فرنجية بفارق صوت واحد فقط ضد مرشح الشهابية إلياس سركيس، حيث كان لصوت زعيم الحركة الوطنية اللبنانية كمال جنبلاط كلمة الفصل في ذلك.ابقة لم تتكرر في عمليات الانتخاب اللاحقة.

أما الرئيس المنتخب الذي اغتيل قبل أن يتسلم سلطاته الدستورية فكان بشير الجميل الذي انتُخب خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، والذي خلفه شقيقه الرئيس أمين الجميل الذي شهد عهده أحداثاً داخلية قاتمة ولم يتمكن مجلس النواب في نهاية عهده من انتخاب رئيس جديد، فتم تعيين قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون على رأس حكومة عسكرية في مواجهة حكومة الرئيس سليم الحص المستقيلة آنذاك.

استمر فراغ الرئاسة الأولى إلى حين إنجاز اتفاق الطائف، حيث تم انتخاب الرئيس رينيه معوض الذي اغتيل بعد أقل من شهر على انتخابه ليكون الرئيس الثاني الذي يُغتال بعد الانتخاب. خلفه في سدة الرئاسة الرئيس إلياس الهراوي الذي مُدد له نصف ولاية وانتهت بانتخاب قائد الجيش العماد إميل لحود، وهو القائد الثالث للجيش الذي يُنتخب رئيساً والثالث الذي مددت ولايته ثلاث سنوات، وانتهت بفراغ رئاسي وانقسام عمودي، حيث تم انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان بعد اتفاق الدوحة، والذي انتهى عهده بفراغ رئاسي، ثم انتخب بعده العماد ميشال عون رئيساً ضمن تسوية إقليمية ودولية، وانتهى عهده في 31/10/2022 بفراع ما زال مستمراً إلى اليوم.

حالياً، وبعد سنة بالتمام والكمال على فراغ رئاسي مرعب، في ظروف لبنان القاتلة داخلياً وخارجياً، يرزح لبنان تحت ظروف قاسية جداً، ربما لن يعود بعدها إلى سابق عهده.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/46frfu75

عن الكاتب

دكتوراه دولة في القانون الدولي .. رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية واستاذ القانون الدولي والدبلوماسي فيها .. له أكثر من 40 مؤلفاً ومئات المقالات والدراسات البحثية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"