حرب تلفظ أنفاسها

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تأخر الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي في الاعتراف بأن «العالم سئم من الحرب الأوكرانية، وأن الكثير من الناس في العالم متعبون»، واعترف أيضاً بأن «بعض القادة الأوروبيين تعبوا أيضاً من دعم أوكرانيا»، لكنه مع ذلك أصرّ على القول إنه «لا بديل لمواصلة تقديم المساعدة لكييف». إلا أن إصراره للحصول على مساعدة الغرب لمواصلة الحرب لا يغير من واقع الأمر بأن الغرب تعب، وأن ما قدمه من دعم عسكري ومالي، وصل إلى حد لم يعد بمقدور الغرب تجاوزه، خصوصاً أن الهجوم الأوكراني المضاد الذي بدأ في يونيو/حزيران الماضي فشل، واستهلك معظم الدعم الغربي، وباتت الدول الغربية نفسها تعاني شحاً في مخزونها العسكري، إضافة إلى التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت تعانيها.

إن متطلبات أوكرانيا الأمنية والاستراتيجية والجيوسياسية باتت أكبر من إمكاناتها وإمكانات الدول الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة التي أضافت إلى استراتيجيتها الكونية مؤخراً الوضع في الشرق الأوسط بعد الحرب على قطاع غزة، والدفع بجزء من قدراتها المالية والعسكرية إلى المنطقة لحماية الأمن الإسرائيلي. كما برز في الآونة الأخيرة تصدع واضح في الجدار الأوروبي الذي كان حتى وقت قريب داعماً قوياً لأوكرانيا، وذلك بعد أن أعلنت العديد من الدول الأوروبية، أنها لن تسهم في تقديم المزيد من المساعدة العسكرية لأوكرانيا، أو أنها ستحبط أية خطط أوروبية لتخصيص المزيد من الأموال إلى كييف.

يذكر أن المساعدات العسكرية الأمريكية إلى أوكرانيا بلغت 43 مليار دولار، وهناك الآن خطط لتزويدها بمزيد من المليارات في إطار حزمة مساعدات بقيمة 100 مليار دولار يعتزم الرئيس بايدن طلبها من الكونغرس لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، لكن من الواضح أن هناك أولوية لدعم إسرائيل، بعد إقرار الكونغرس مشروع قانون بتقديم مساعدات فورية إلى إسرائيل بقيمة 14.3 مليار دولار، وعدم تقديم أموال إلى أوكرانيا، وهو ما يشكل «ضربة كبيرة إلى كييف»، وفق إيرل راسموسين الضابط المتقاعد في الجيش الأمريكي، كما أن الخبير الاستراتيجي جيرالد سيلينتي يرى «أن الأحداث في الشرق الأوسط صرفت الانتباه عن أوكرانيا». في حين أن المحلل السياسي برايس غرين يشير إلى أنه «حتى قبل اتخاذ قرار المساعدات لإسرائيل، كانت هناك علامات واضحة على أن دعم كييف في البيت الأبيض، آخذ في التراجع».

فاليري زالوجني قائد القوات الأوكرانية يقر من جانبه بأن الهجوم المضاد «تكلل بالفشل، وأن قواته لم تتمكن من تحقيق أي اختراق حقيقي في الجبهة، وأن كل الحسابات خاطئة».

ما دامت أوروبا تعبت من الحرب، ولم يعد بمقدورها تقديم المزيد من الدعم، وما دامت الولايات المتحدة لديها أولوية أخرى في الشرق الأوسط هي حماية إسرائيل، فما على زيلينسكي إلا القبول بوقف النار وبدء مفاوضات سلام مع موسكو، لتفادي ما هو أسوأ.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4hdte226

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"