القمة الأمريكية الصينية.. إدارة الأزمة

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين

د.خليل حسين*

تستضيف مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، القمة الأمريكية الصينية، وفي خلفياتها محاولة إدارة المنافسة الجيواستراتيجية بطرق مدروسة لإبقاء منسوب التوتر منخفضاً بين الطرفين، ولمنع خروج تضارب المصالح عن السيطرة، ولتفادي تطور النزاعات إلى صراع يأخذ العالم إلى زلزال يشعل العالم بحرب كونية لا أحد يعرف كيف تنتهي.

ثمة الكثير من الملفات الملتهبة بين الرئيسين الأمريكي بايدن، والصيني شي، وفي طليعتها إعادة تواصل بيئة القرار العسكري بين البلدين المقطوعة والتي تشكل أولوية خاصة في اللقاء، باعتبار أن إنجاز هذا الملف يبعد أي سوء فهم محتمل، وضبط أي احتكاك غير محسوب، ولا تنتهي أيضاً بالملف التايواني الملتهب في أقصى شرق آسيا.

كما أن أعمال القمة تعقد في ظروف حساسة، حيث تتزايد الأنشطة الصينية العسكرية بشكل لافت، وتعتبرها واشنطن استفزازية، وتستدعي التأهب الدائم لاحتمال اقتراب ساعة الصفر في الحسابات الصينية، والتي تحاول ضم تايوان إلى السيادة الصينية، في أية فرصة سانحة، تضاف إلى تلك الأجواء المشحونة أصلاً، جراء استفزازات البحرية الأمريكية في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي. وفي الملفات التي يلعب فيها الطرفان أدواراً مؤثرة، ستكون الحرب الروسية الأوكرانية ركناً رئيسياً في أعمال القمة، حيث تطالب واشنطن بالتزام بكين بالعقوبات المفروضة على موسكو، وعدم تقديم البرامج العسكرية لاستعمالها في الحرب الدائرة.

وعادة ما تتميز الدبلوماسية الصينية بسرعة الاستفادة من الظروف الدولية المتاحة لجني مكاسب دبلوماسية وإعلامية واقتصادية وتجارية، لذا لن يكون الوضع القائم في الشرق الأوسط بعيداً عن صلب المباحثات، لا سيما وأن وجود بكين في الشرق الأوسط واضح بأبعاده، وأهدافه، وقد تمكنت سابقاً، من لعب دور مؤثر في إعادة العلاقات الإيرانية السعودية. في وقت تحاول بكين جاهدة تحسين صورتها عبر التدخل كوسيط في أزمات المنطقة، بعد تضررها من خلال سياستها مع أقلية الايغور المسلمة في إقليم شينجيانغ.

ثمة توجس وقلق أمريكي من السياسة التي تتبعها بكين في المجالات الاقتصادية والتجارية، حيث تعتمد بكين، من وجهة نظر واشنطن، سياسات تمييزية وتفضيلية بين الشركات الأمريكية العاملة في الصين، والشركات المحلية والدولية، ما يشكل تنافساً غير مشروع، يعود بالضرر الكبير على الشركات الأمريكية، ما سيدفع بالمباحثات لمحاولة التوصل إلى حل مقبول لملف يدار بعناية دقيقة، لا سيما وأنه يشمل مسائل اقتصادية، ومالية، وتجارية، وتكنولوجية، وصحية، وبيئية، ومناخية، حيث تتمسّك واشنطن بمعاملة عادلة بهدف التوصل لعلاقات اقتصادية مستدامة، وبالتالي تفادي التباعد، وحتى الانفصال بين الاقتصادين، الأمريكي والصيني، الذي سيزعزع الاقتصاد العالمي في حال حدوثه.

في المقابل، ثمة اعتراض صيني كبير على العقوبات الأمريكية المفروضة على بعض الشركات التكنولوجية الصينية، والتي تعتبرها مساساً بالأمن الاقتصادي والتجاري. ثمة أسئلة تطرح حول مدى النجاحات المتوقعة لقمة سان فرانسيسكو، فهل ستكون مدخلاً لتبريد الأجواء الدولية والإقليمية الساخنة؟ أم ستؤسس لرزمة مشاكل قادمة، ستزيد العلاقات الدولية توتراً واشتعالاً؟

* رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n7zhtkh

عن الكاتب

دكتوراه دولة في القانون الدولي .. رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية واستاذ القانون الدولي والدبلوماسي فيها .. له أكثر من 40 مؤلفاً ومئات المقالات والدراسات البحثية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"