المربع الأخير في الحرب الأوكرانية

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين

ربما باتت الحرب الأوكرانية تواجه المصير الذي حاولت كييف وداعموها الغربيون تفاديه طويلاً منذ اندلاع الأزمة قبل نحو 22 شهراً. ومع دخول فصل الشتاء وفشل الهجوم الأوكراني المضاد في تحقيق ما كان مرسوماً له، بدأت الصورة تتضح، ليتبين من يقترب من النصر ومن يواجه الهزيمة، بعدما باتت المعركة في الربع الأخير.

هذا الصراع، الذي يقترب من عامه الثالث، لم يكن مواجهة بين موسكو وكييف، بقدر ما كان معركة متعددة الجبهات والميادين بين روسيا والقوى الغربية بزعامة الولايات المتحدة، وقد سعى كل طرف إلى كسر الآخر من دون التورط في الالتحام المباشر. وقد يحتاج فهم ما جرى ويجري انتظار أن تضع هذه المواجهة أوزارها، حتى يفهم العالم طبيعتها وأهدافها وأسرار الدفاع الروسي عن أنها «عملية خاصة» وليست حرباً بالمفهوم التقليدي، كما يحاول الغرب تصنيفها، لإيهام شعوبه بأن مواجهة موسكو ضرورية في أوكرانيا حتى لا تتمدد إلى أبعد من تلك الحدود.

كل المؤشرات تؤكد أن هذه الحرب تجابه طريقاً مسدوداً، وفي كييف، كما في العواصم الغربية الأخرى أزمات متفجرة، وأسئلة حارقة بعد أشهر طويلة من الدعم والتسليح والتحريض على روسيا، خصوصاً في الولايات المتحدة التي تبنت المواجهة ولم تبخل بشيء، لكنها اليوم باتت مأزومة أكثر من كييف نفسها، في ظل الانقسام الخطر داخل الكونغرس، واقتراب الانتخابات الرئاسية، وتفشي الشعور بأن كُلف هذه المواجهة باتت عبئاً ثقيلاً على الكاهل الأمريكي، وتزامن ذلك مع ما فضحته الحرب الإسرائيلية على غزة من ازدواجية أمريكية وغربية، وما كشفته من سقوط أخلاقي وسياسي كبير أمام الرأي العام الداخلي والعالمي أيضاً، وهو ما يترك آثاراً استراتيجية من الصعب تداركها أو تصحيحها في المدى المنظور.

التمويل الأمريكي للمجهود الحربي الأوكراني يواجه انقساماً أمريكيا حاداً، وأصبحت هذه القضية أزمة داخلية، فبينما يدافع الديمقراطيون المسيطرون على مجلس الشيوخ عن الاستمرار في تمويل كييف، يرفض المحافظون الجمهوريون المهيمنون على مجلس النواب ما يعدونه إسرافاً بلا فائدة، وبعضهم يطالب بوقف فوري لهذه المساعدات؛ بل إن دونالد ترامب، المرشح الجمهوري الأوفر حظاً للرئاسة، تعهد بقطع هذه المساعدات نهائياً في اليوم التالي لعودته إلى البيت الأبيض، إذا استمرت هذه المواجهة عاماً آخر أو يزيد، والأرجح أنها ستنتهي قبل ذلك الوقت، بينما بات اللهاث الأوروبي من عبء هذه الحرب يسمع من كل مكان، بعدما ذهبت كل التضحيات والخسائر سدى. ويبدو أن هذه النتائج كانت محسوبة بدقة من الجانب الروسي؛ بل حققت فوائد أكبر، وساعدت على ابتكار مسرعات ناجعة، لتجاوز هذه المعركة للتفرغ لما بعدها وقد يكون أقسى وأشد حسماً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4b29e8yc

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"