إسطنبول بين إمام أوغلو وأردوغان

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين

لا تزال المفاتيح السياسية الأساسية في تركيا بيد زعيم حزب العدالة والتنمية، رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان. وهذه الإشارة مهمة مذ أن تم تعديل الدستور التركي عام 2017 في استفتاء شعبي يلحظ إمكانية أن يكون رئيس الجمهورية حزبياً. الأمر الذي كان سائداً في عهد مؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك، وخليفته عصمت اينونو، عندما استمر كل واحد منهما في رئاسة الجمهورية مع كونه منتمياً لحزب الشعب الجمهوري. ولكن بعد مطلع الستينات، كان على الرئيس في حال انتخابه أن يستقيل من الحزب، إلى أن عدّل أردوغان الدستور عام 2017.

وكان ذلك تحضيراً ليكون أردوغان مرشحاً للرئاسة عام 2018 بصفته الحزبية و«يتخلص» بالتالي من تصادمه مع رئيس الحزب والحكومة، ومن ثنائية الرأسين في السلطة.

لذلك لم ينتظر الأتراك كثيراً معرفة مرشحي الأحزاب المختلفة للانتخابات البلدية التي ستجري في 31 مارس/ آذار المقبل، لتبدأ المعركة الانتخابية مع إعلان أردوغان، يوم الأحد الماضي، مرشح حزب العدالة والتنمية في مدينة إسطنبول تحديداً.

الانتخابات البلدية المقبلة ستكون الأخيرة في سلسلة الانتخابات الرئيسية، بعد الرئاسية والنيابية، اللتين حصلتا في مايو/ أيار الماضي. ومن بعدها، سينتظر الأتراك خمس سنين، إلا قليلاً، قبل حلول أول انتخابات رئاسية ونيابية مقبلتين. لذلك، فإن الأنظار والجهود كلها منصبّة الآن على معركة الانتخابات البلدية. وبما أن أردوغان أعطى إشارة البدء بإعلان مرشحه لمدينة إسطنبول، فإن المسار سيسير وفقاً لإشارة الرئيس.

كان يقال إن من يحكم إسطنبول يحكم تركيا. وهذا انطلاقاً من أن إسطنبول تجمع معظم اقتصاد البلاد، وهي المدينة الأكبر التي تضم 16 مليون ناخب.

وهذا بدا واضحاً منذ تولى أردوغان نفسه رئاسة البلدية عام 1994، قبل أن يعزل منها بعد أربع سنوات لضغوط العسكر. ونظراً لنجاح أردوغان في خدمة سكان إسطنبول حينها، فقد أعطى هذا زخماً له ولحزبه الجديد، العدالة والتنمية، الذي أسسه خلفاً لحزب الرفاه، ليفوز في الانتخابات النيابية عام 2002 وليكون ذلك محطة لمرحلة جديدة بالكامل في تاريخ تركيا الحديث على الصعيدين، الداخلي والخارجي.

تملك إسطنبول تحديداً، مكانة عزيزة على قلب أردوغان. وقد استمر التيار الإسلامي التابع لأردوغان في حكم المدينة من دون انقطاع إلى ان حصلت «الصدمة الكبرى» عام 2019 بفوز مرشح المعارضة وحزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام اوغلو، برئاسة البلدية.

المعركة لن تكون سهلة على الإطلاق. ولكن أردوغان على ما يبدو غيّر معاييرها هذه المرة لتلائم، كما يظن أردوغان، أن الناس بحاجة لرئيس يخدم وليس لمرشح سياسي. ولذا اختار أردوغان المرشح الذي كان يأتي في المرتبة الثالثة في استطلاعات الحزب الداخلية، وهو وزير البيئة السابق مراد قوروم، وليس مثلاً وزير الداخلية علي يرلي قايا، أو صهر أردوغان ومهندس المسيّرات الشهيرة، سلجوق بيرقدار.

ومراد قوروم لا يزال شاباً، ويبلغ من العمر 48 عاماً. ولعب دوراً، وفقاً لتقدير أردوغان، في معالجة ذيول زلزال 6 فبراير/شباط المدمر، في العام الماضي، من خلال تأمين مساكن جاهزة للمتضررين وما تحتاجه المدن المنكوبة، لكونه كان وزيراً «للبيئة والتخطيط الحضري وتغير المناخ».

ويبقى السؤال: من يفوز برئاسة البلدية: أكرم إمام أوغلو، أم... رجب طيب أردوغان؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdf7k93m

عن الكاتب

باحث ومؤرخ متخصص في الشؤون التركية .. أستاذ التاريخ واللغة التركية في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية.. له أكثر من 20 مؤلفاً وعدد من الأبحاث والمقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"