عادي
مشاركتك تبعاً لمكان جلوسك

اجتماعات المؤسسة.. ابحث عن مقعدك قبل حديثك

12:08 مساء
قراءة 4 دقائق
اجتماعات المؤسسة.. ابحث عن مقعدك قبل حديثك
إعداد: أحمد البشير

لو عدنا بالذاكرة إلى أيام الدراسة، وخصوصاً عند الانتقال من صف لآخر أو حتى من مدرسة لأخرى، ففي اليوم الأول الذي تدخل فيه إلى الصف، سيكون في ذهنك فكرة واحدة، وهي ترك الانطباعات الجيدة عند الآخرين. وستكون المعضلة الأولى التي تواجهك هي اختيار المقعد، فإن قررت الجلوس في الصف الأمامي فسيتم اعتبارك بأنّك من الذين لا يقومون بشيء سوى الدراسة، وفي حال اخترت المقعد الذي يقع في الصفوف الأخيرة، فحينها إمّا سيتم اعتبارك بأنّك تحاول أن تختبئ، أو سيتم تصنيفك بشكل تلقائي بأنّك من الفئة المشاغبة.

وهناك نوع من التواصل غير اللفظي، الذي يتم عندما يتشارك الأشخاص الحيز المكاني نفسه سواء كان الصف أو غرفة الجلوس أو غرفة الاجتماعات.

وكلّ مقعد في غرفة الاجتماعات يخدم هدفاً محدداً، ويكشف الكثير عن الشخص الذي يجلس فيه ودوره في المؤسسة، وهذا على الأقل من الناحية النفسية. كما أن المكان الذي تجلس فيه خلال الاجتماعات، قد يزيد من نسبة المواجهة أو النجاح أو المشاركة.

  • مقعد القوة والسلطة

وهو المقعد الأكثر بروزاً في الغرفة، ويمكن رؤيته بكل وضوح، وعادة يكون في نهاية الطاولة بمواجهة الباب، والشخص الذي يجلس هناك يمكنه رؤية الجميع ورؤية من يدخل ومن يخرج، كما يمكنه القيام بتواصل بصري مع جميع من يجلس في الغرفة، وبالتالي يمنحه قدرة أكبر على التأثير.

وهذا المقعد يجلس فيه، بشكل عام، الشخص الذي يمتلك اللقب الأعلى في الغرفة، المدير أو المدير التنفيذي أو أي شخص آخر. وهذا المكان يضع الشخص في وسط المحادثات والمناقشات، وعليه يكون بشكل أو بآخر نقطة الانطلاق، التي تدير وتسيطر على النقاش والمحادثات. وفي حال كنت تسعى إلى الحصول على الاهتمام وإدارة الحديث، يمكنك أن «تسرق» هذا المقعد في حال لم تكن هناك تعليمات واضحة بأن هذا المقعد يجب ألّا يجلس فيه أي شخص آخر سوى المدير.

الصورة
  • مقعد الرجل الثاني

هناك مقعدان يمثلان الدرجة الثانية بعد رأس الهرم، وهما إلى يمين ويسار مقعد المدير، وفي الاجتماعات التقليدية؛ حيث هناك تحديد مسبق لمكان الجلوس، ستجدون الشخصين اللذين يمثلان «الرجل الثاني»، بعد المدير، وفي حال لم يكن هناك نمط تقليدي للاجتماعات أو آلية الجلوس، نجد عادة الأشخاص، الذين يسعون للوصول إلى ذلك المنصب أو للتقدم في الحياة المهنية.

وفي حال كنت تمتلك الخيار للجلوس في أي مقعد تشاء، ضع هذه الأمور بالحسبان. وفي دراسة أجرتها جامعة «أوريجون»، تبيّن أن المقعد الذي يكون إلى يسار مقعد المدير، لن يخدمك ولن يجعلك تبدو وكأنك في موقع قوة أو تمتلك أي تأثير يذكر، بينما المقعد الذي يكون إلى يمين المدير يمنحك تأثيراً أكبر. إن المقعد إلى يساره، هو مقعد القوة الذي يجعلك تبدو وكأنك «تابع» لصاحب السلطة، بينما المقعد إلى يمينه يجعلك تبدو «اليد اليمنى» له، وبالتالي تمتلك قوتك الخاصة وتأثيرك الخاص.

  • مقعد النقطة المحورية

إن مقعد السلطة، هو المقعد الأكثر بروزاً في الغرفة، بينما مقعد النقطة المحورية هو المقعد الذي ينظر إليه مباشرة صاحب السلطة، والذي يكون عادة في الطرف الآخر المقابل لمقعد السلطة، والشخص الذي يجلس هناك، يمتلك ما يقوله وهو داخل الاجتماع، عبر إدارة النقاش والتعبير عن رأيه.

ولا يوجد مقعد يبرز أكثر من هذا المقعد؛ لأنّه يسمح للشخص الذي يجلس هناك بالسيطرة على مجريات الأمور، ولكن عند اختيار ذلك المقعد في غرفة الاجتماعات، يجب التعامل مع ما يحصل داخل غرفة الاجتماعات بحذر، ففي نهاية المطاف أنت تجلس في الطرف المقابل لصاحب السلطة، ما يعني أن هناك إيحاءً بمواجهة من نوع ما، وبالتالي رسالتك لصاحب السلطة هي أنك منافس يجب وضعه بالحسبان.

  • مقعد المتحاور

إن المقاعد التي تقع بين مقاعد السلطة الأساسية والثانوية، يجب التعامل معها بحذر أيضاً. وهذه المقاعد التي تكون بمواجهة المقاعد الأخرى، يمكنها أن تخلق بيئة من المواجهة والمنطق الدفاعي، ما يزيد من نسبة تحول النقاش إلى جدال، وبالتالي ارتفاع نسبة العدائية، ولهذا السبب يتم وضع «المتنافسين» في أي مسابقة كانت بمواجهة بعضهم لبعض.

إن الجلوس إلى يسار شخص ما، يقلل من نسبة العدائية، ويجعل الشخص يبدو أكثر لطفاً وأقل ميلاً للمواجهة، فالبعض يختار وبشكل تلقائي الجلوس إلى جانب الأشخاص، الذين تجمعهم علاقة جيدة في مكان العمل أو الذين يظنون بأنهم يملكون نفس آلية التفكير. ولكن يمكن استغلال هذا المقعد من أجل المصلحة الخاصة، وبالتالي الجلوس إلى يسار زميل علاقتك به متوترة أو هناك منافسة بينكما يمكنه أن يخفف من نسبة العدائية، ويقلل من نسبة تبادل الاتهامات أو حتى الدخول في جدال عقيم خلال الاجتماعات.

  • ماذا عن غرف الاجتماعات؟

في الوقت الحالي، فإن أغلبية الشركات لم تعد تعتمد على الطاولة بشكلها المربع أو المستطيل، بل إن غرف الاجتماعات باتت أقل تقليدية، وبالتالي الطاولة إما دائرية أو بيضاوية وحتى إن بعضها على شكل حرف «U»، وذلك في سعي من المؤسسات لمنح الجميع الفرصة للحديث، دون تمييز بين شخص يجلس على رأس الطاولة وآخرين يستمعون.

وفي هذه الحالة، فإن مقعد السلطة لن يكون على رأس طاولة الاجتماعات، بل سيكون في وسطها، بحيث يكون ذلك المقعد بمواجهة الباب. والقواعد نفسها تنطبق على مقعد الرجل الثاني ومقعد المتحاور. ولكن واستناداً إلى شكل الطاولة المعتمدة، فإنّ مقعد النقطة المحورية قد يكون بمواجهة مقعد السلطة أو قد لا يكون موجوداً على الإطلاق، وبالتالي إن كان هدفك الحديث والتعبير عن وجهة نظرك، فعليك عدم التعويل على مكان جلوسك والحديث عما تريد الحديث عنه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mbh5285w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"