عادي
تتمتع بسجل حافل في إدارة العلاقات مع القوى العالمية

جاذبية الإمارات ترسخ مكانتها شريكا موثوقاً في تصنيع الرقائق

16:37 مساء
قراءة 4 دقائق
تصنيع رقائق الحواسيب
تصنيع رقائق الحواسيب
دبي: خنساء الزبير

تصدرت عناوين الصحف مؤخراً أخبار مناقشات سام ألتمان، المؤسس المشارك لشركة «أوبن ايه آي»، مع الإمارات ومستثمرين آخرين لرفع مستوى رأسمال مشروعه الطموح إلى 7 تريليونات دولار، ويهدف المشروع إلى توسيع القدرة العالمية على بناء رقائق الحواسيب، وخاصة تلك التي تعمل على تشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل «تشات جي بي تي» من «أوبن ايه آي». 


  • 13.6 % مساهمة الذكاء الاصطناعي بناتج الإمارات في 2030
  • ملكية «مبادلة» في «غلوبال فاوندريز» توفر ميزة استراتيجية

وتعقيباً على الحراك الحالي نشر الموقع الإلكتروني لـ«المعهد الدولي للتطوير الإداري»، IMD، مقالاً لهوارد اتش يو، المحاضر بالمعهد ورئيس مركز «الاستعداد للمستقبل» لتوجيه الشركات من خلال التحول الاستراتيجي.

ويسلط المقال الضوء على دخول دولة الإمارات مجال صناعة أشباه الموصلات العالمي وكيف أنها تبرز كمنافس في هذا التدافع العالمي على إنتاج الرقائق.

ويمكن لمثل هذا المشروع الضخم الذي يتحرك فيه ألتمان أن يعيد تشكيل صناعة أشباه الموصلات التي تعاني حالياً النقص مع ارتفاع الطلب على الرقائق لتشغيل الذكاء الاصطناعي.

فقد سيطرت على هذا المجال، ولعقود من الزمن، بعض الشركات، مثل «تايوان لصناعة أشباه الموصلات» التي استحوذت على نصيب الأسد من إنتاج الرقائق العالمي.

ويرى الكاتب بأن الدخول في هذا المجال ينطوي على بحث مكثف واستثمار وتنمية مهارات، الأمر الذي قد يستغرق سنوات أو عقوداً لإنجازه. ويقول إن الإمارات إذا نجحت في ذلك فيمكنها إعادة تشكيل صناعة أشباه الموصلات العالمية كما نعهدها دوماً.

  • منافس بارز

يقول كاتب المقال، هوارد يو، إن الإمارات على الرغم من أنها تمتلك حالياً قطعة صغيرة من كعكة تصنيع أشباه الموصلات إلا أنها تبرز كمنافس في هذا التدافع على صناعة الرقائق.
ويرى بأن التعاون الاستراتيجي، خاصة مع عمالقة التكنولوجيا مثل «أوبن ايه آي»، يشير إلى قدرة الإمارات على القيام بدور مهم في الصناعة.

ومن خلال وضع الدولة نفسها كمركز لتصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي فهي تهدف إلى تلبية احتياجات شركات التكنولوجيا العملاقة مثل «ميتا» و«غوغل» و«مايكروسوفت»، وجميعهم يتعمقون في تصنيع رقائق مخصصة.

ويلفت الكاتب إلى أن الحاجة الملحة للرقائق تؤكد الحاجة الملحة للمعالجات، وخاصة وحدات معالجة الرسومات وهي حيوية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة مثل «تشات جي بي تي»؛ وهي حاجة أسهمت في ارتفاع سهم «انفيديا» ارتفاعاً هائلاً خلال العام الماضي إلى ما يزيد على 1.8 تريليون دولار اليوم؛ وهي شركة رائدة في المجال.

ولمخاطر الاعتماد على مصدر واحد، مثل «انفيديا»، فإن صناعة التكنولوجيا العالمية حريصة على تنويع مصادر حصولها على الرقائق.

ويقول هوارد إن هذا يمهد الطريق أمام الإمارات للدخول إلى دائرة الضوء في مجال أشباه الموصلات، والاستفادة من مواردها وقدراتها لتعزيز جهود تطوير الرقائق وتشجيع مجموعة جديدة من ابتكارات أشباه الموصلات في الشرق الأوسط.

ويعتقد هوارد أن من الممكن لهذه المجموعة الجديدة توفير بديل للاعبين المهيمنين الحاليين والمساهمة في تنويع سلسلة التوريد العالمية لأشباه الموصلات، مما يجعلها أكثر مرونة.

  • تحديات الصناعة

يلفت الكاتب إلى التحديات التي قد تمثل أمام القادمين الجدد إلى الصناعة لأن تأسيس الخبرة الفنية والبنية التحتية اللازمة مهمة شاقة تتطلب استثمارات ضخمة وتنمية المهارات.

ويقول إن هيمنة اللاعبين الراسخين في آسيا على الصناعة، مثل الشركتين التايوانية والصينية، تزيد الأمر تعقيداً لأن التنافس ضد هؤلاء العمالقة لا يتطلب فقط موارد كبيرة بل يتطلب أيضاً التزاماً طويل الأمد بالابتكار والتميز.

ويؤكد هوارد أن جاذبية الإمارات كشريك محتمل في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وتصنيع الرقائق بدأت تتبلور الآن.

وأورد المقال توقعات شركة «بي دبليو سي»، PwC، الاستشارية بأن يساهم الذكاء الاصطناعي بنسبة تصل إلى 13.6% في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات بحلول عام 2030، مما يؤكد سعي الدولة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ومن الجدير بالذكر أن الإمارات قامت بالفعل باستثمارات كبيرة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تطوير أكبر حاسوب فائق السرعة في العالم للتدريب على الذكاء الاصطناعي من قبل شركة «G42» وغيرها.

ولم يغفل المقال تعاون الدولة مع شركة «غلوبال فاوندريز» بالولايات المتحدة، وهي واحدة من أكبر شركات تصنيع رقائق أشباه الموصلات في العالم ومملوكة جزئياً لشركة «مبادلة».

وقال إن هذا التعاون يوفر ميزة استراتيجية حيث من المحتمل أن يجد ألتمان أن الشراكة مع الإمارات مفيدة بسبب ارتباطها بهذا اللاعب الرئيسي في صناعة أشباه الموصلات.

  • خلق الفرص

بعيداً عن الاعتبارات المالية يشير هوارد أيضاً إلى ضرورة جذب المواهب، مثل إقناع الكفاءات بالانتقال من مراكز راسخة للتكنولوجيا، مثل كاليفورنيا وتايبيه.

ومن الممكن أن يكون تقديم حوافز مثل المزايا الضريبية، ومستوى المعيشة المرتفع، والتعليم الجيد، والعروض الثقافية والترفيهية النابضة بالحياة، فعالاً في هذه الجهود الرامية إلى جذب واستبقاء الخبرات المتخصصة للغاية المطلوبة في تصنيع أشباه الموصلات.

ويرى الكاتب بأن تحقيق ذلك يتجاوز الإسهام في نجاح صناعة أشباه الموصلات ليكون أيضاً بمثابة سياسة صناعية فعالة.

ويقول إن إنشاء مرافق تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي يمكن أن يخلق فرص عمل في قطاعات التكنولوجيا الفائقة، بما في ذلك البحث والتطوير والتصنيع والخدمات ذات الصلة؛ وهذا من شأنه أن يساعد الدولة على تقليل اعتمادها على عائدات النفط وإنشاء اقتصاد أكثر مرونة واستدامة.

  • توازن دبلوماسي

أشار هوارد أيضاً إلى التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين بشأن التكنولوجيا، وقال إن تطلعات الإمارات إلى أن تصبح رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي قد دفعها إلى قلب الحدث، وكيف أن انتهاج التوازن الدبلوماسي ضروري للحفاظ على علاقات إيجابية مع كل من الدول الغربية والصين، نظراً للعلاقات الاقتصادية القوية تاريخياً بين الإمارات وكلا الجانبين.

ويرى أن الإمارات إذا قامت بتطوير قدراتها بشكل أكبر وأصبحت مركزاً آخر لتكنولوجيا تصنيع الرقائق المتطورة، إلى جانب تايوان، فمن المحتمل أن تكون بمثابة شريك للصين في المستقبل بما يتماشى مع مصلحة الصين في توسيع شبكة حلفائها.

ويلفت هوارد إلى أن الإمارات، بالرغم من التحديات الماثلة، تتمتع بسجل حافل في إدارة العلاقات الدبلوماسية بمهارة مع القوى العالمية.

ويقول إن علاقاتها التجارية المتنوعة تثبت ذلك؛ فعلى عكس بعض الدول الأخرى، التي لديها علاقات تجارية مع مناطق محددة، تتعامل الإمارات بشكل كبير مع مجموعة واسعة من القوى العالمية بما في ذلك الصين والهند واليابان وتركيا وسويسرا.

ويشير هذا إلى أن الدولة تتعامل بنشاط مع دول ومناطق متعددة بدلاً من الاعتماد بشكل كبير على شريك واحد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/zumfpd7w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"