لغدٍ مستدام عبر مدن المستقبل

22:06 مساء
قراءة 3 دقائق

يوسف أحمد المطوع*

تلعب المدن دوراً محورياً في الاقتصاد العالمي، حيث يعيش فيها أكثر من نصف سكان العالم، لذا فإن اعتماد وتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري في التنمية الحضرية، سيؤدي بلا شك إلى إنشاء مدن مستدامة ومزدهرة على المدى الطويل، ما يسهم في تحقيق الرفاهية لسكانها.

تكتسب هذه المنهجية البسيطة والفعالة أهمية كبيرة، لا سيما في ظل تقلص النافذة المُتاحة للحدّ من ظاهرة التغير المناخي، وبروز الحاجة إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزماً، لإحداث تأثير جذري في الأنظمة الحضرية. وبناءً عليه، يمكن تحقيق أقصى استفادة ممكنة من العمل المناخي، من خلال نهج يسهم في التحول العالمي للطاقة، ويستفيد بصورة كاملة من الروابط التي تصل بين البنى التحتية المختلفة، ويعزز عمليات الحوكمة والتمويل المتكاملة، ويدعم التفاعل بين مختلف أصحاب المصلحة. وسلطت القمة العالمية للحكومات 2024، التي اختتمت أعمالها مؤخراً، الضوء على هذه الأفكار المهمة، حيث تناولت جلسة حوارية بعنوان «بناء مستقبل مستدام في آفاق المدن» الأولويات الحاسمة للقطاع في العقود المقبلة.

وتشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أن الناتج الاقتصادي العالمي السنوي، يمكن أن ينخفض بما يصل إلى 23 تريليون دولار، نتيجة زيادة الانبعاثات. لذا تمثل معالجة التغير المناخي مسؤولية عاجلة ومشتركة بين القطاعَين العام والخاص.

ثمة أسباب عديدة تدعو إلى التفاؤل بمستقبل مستدام للمدن في دولة الإمارات، فعلى سبيل المثال، وافقت دبي على لوائح تنظيمية تشمل المباني الخضراء ومعايير المباني المستدامة، لضمان التزام المطورين بممارسات التطوير المستدامة. وأطلقت أبوظبي نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ التابع لبرنامج استدامة عام 2010، حيث يُستخدم النظام لتقييم ممارسات تطوير المباني المستدامة، وترشيد استهلاك المياه والطاقة وتقليل كميات النفايات. لذا، تركت المشروعات المستدامة، مثل مدينة مصدر في أبوظبي، ومجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي، والمجتمعات مثل مدينة الشارقة المستدامة، بصمتها على مشهد صافي الانبعاثات الصفري على مستوى الدولة.

وتشكل استراتيجية الإمارات للحياد المناخي، بحلول 2050، عامل تمكين أساسياً لرؤيتها الطموحة نحو مستقبل مستدام، لا سيما أنها أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتجه إلى تحقيق صافي انبعاثات صفري. وأعلنت الإمارات استثمار أكثر من 160 مليار دولار، لتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050.

وسلطت الحوارات التي دارت في القمة العالمية للحكومات الضوء على الجهود الرائعة، التي تبذلها دولة الإمارات، للاستفادة من تحول الطاقة وتعزيز التعاون مع جميع القطاعات وأصحاب المصلحة الحكوميين، لإنشاء منظومة استدامة تغطي مختلف المشروعات والمجتمعات.

برزت مدينة الشارقة المستدامة، المشروع المشترك بين هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) وشركة «دايموند ديفلوبرز» للتطوير العقاري، بفضل الفرص المذهلة التي توفرها في المجال.

وتمثّل المدينة نقلةً بيئيةً في المجمعات المستدامة في دولة الإمارات، حيث تطمح إلى تحقيق صافي انبعاثات صفري، وتوفير حلول عمليّة في مجال الأمن الغذائي وإدارة الماء والطاقة، إضافة إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية. وتعمل المدينة على تنمية مجتمع استثنائي ومستدام يعتمد أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ويلهم مستقبلاً منخفض انبعاثات الكربون. وتم تصميم جميع الفلل في المدينة بصفتها منازل ذكية، فضلاً عن تزويدها بأجهزة مطبخ موفرة للطاقة، واستخدام مواد عازلة حرارياً في بنائها، وتقنيات أتمتة المنازل الذكية، وتجهيزات كهربائية موفرة للطاقة، وألواح الطاقة الشمسية، ما يسهم في توفير ما يصل إلى 50% من فواتير الخدمات العامة للسكان.

وتوفر المدن المستدامة، مثل مدينة الشارقة المستدامة، نموذجاً ناجحاً وعملياً لبناء مستقبل مستدام للمدن.

ومع أن طريق الازدهار لا يزال طويلاً أمام المنظومة العالمية للمدن المستدامة، وأمام إمكانية تحقيق صافي انبعاثات صفري تجارياً، لكن مشروعات مثل مدينة الشارقة المستدامة، تُظهر بوضوح مسار إنشاء بيئة مستدامة لأجيال المستقبل.

* الرئيس التنفيذي لمدينة الشارقة المستدامة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2wpycv9w

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي لمدينة الشارقة المستدامة

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"