التعددية حافز للتنمية المستدامة

21:57 مساء
قراءة 3 دقائق

سوميا بوميك *

يسعى المجتمع الدولي باستمرار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة التحديات العالمية الأكثر إلحاحاً في عصرنا، للوصول إلى مستقبل مستدام منصف وشامل وقادر على الصمود.

وتغطي الأهداف التي تبنتها الأمم المتحدة عام 2015 مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك الفقر، والصحة، والتعليم، وتغير المناخ، وحماية البيئة، وتوفر أيضاً فرصة فريدة لتحويل عالمنا بحلول عام 2030. ولكن هذا التحول يتطلب أكثر من مجرد الطموح، فهو بحاجة إلى التزام قوي بالتعددية والتعاون الدولي وتكثيف العمل المشترك.

ومن أجل ذلك، تم تصميم أهداف التنمية المستدامة في قالب العولمة، مع الأخذ في الاعتبار الحقائق والقدرات ومستويات التنمية المختلفة عبر الدول، إضافة إلى احترام السياسات والأولويات الوطنية. ومع ذلك، فإن الرحلة نحو تحقيق هذه الأهداف لن تكون مفروشة بالورود.

ولا يزال القضاء على الفقر يمثل تحدياً مستمراً للجهود المبذولة، مع أكثر من 700 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع، ويكافحون من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية كالصحة والتعليم والحصول على المياه وتهيئة شبكات الصرف الصحي، بحسب بيانات البنك الدولي.

ويشكل السعي إلى القضاء على الجوع تحدياً حاسماً آخر، حيث لا يزال انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية يؤثران في الملايين، والوضع الكارثي يتفاقم بسبب آثار تغير المناخ على الأراضي الزراعية، وبالتالي إنتاج الغذاء.

ولا بد من الإشارة أيضاً إلى جائحة كورونا، التي أثرت بشدة في مسار التقدم نحو الصحة الجيدة والرفاهية، وهو الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة، ما أدى إلى تعطيل الإنجازات العالمية في المجالات الطبية وإعاقة المسارات لضمان حياة صحية ومُرفهة للجميع. وإدراكاً للطبيعة المترابطة للتحديات الدولية، تؤكد منظمة الصحة العالمية دوماً أهمية الشراكات القوية، حيث تعتبر التعددية ضرورية للتعافي بعد كورونا، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.

ولم يقف الأمر هنا، بل امتدت التداعيات إلى أبعد من ذلك، وطالت الفئات الضعيفة، مثل النساء والشباب والعمال ذوي الأجور المنخفضة بشكل خاص، لا سيما في إطار الهدف العاشر، وهو الحد من عدم المساواة.

أما بخصوص فرص التعليم، فقد تم إحراز تقدم كبير، ولكن التفاوتات في الوصول والجودة لا تزال قائمة، وخاصة في إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى ومنطقة جنوب آسيا. وهنا أفادت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بوجود نحو 258 مليون طفل خارج المنظومات الدراسية، ما يشير إلى فجوة كبيرة في تحقيق التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع.

ويعد هدف المساواة بين الجنسين، وهو الخامس من أهداف التنمية المستدامة، أمراً أساسياً لمواصلة البناء، مع الاعتراف بأن تمكين النساء والفتيات له تأثير مضاعف ويسرع التقدم في جميع المجالات التنموية.

إضافة إلى ذلك، أصبحت تحديات العمل المناخي، الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة، أكثر وضوحاً من أي وقت مضى. وتحذر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من العواقب الوخيمة للاحتباس الحراري، الذي من المتوقع أن يصل إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة بحلول عام 2040 إذا استمرت الاتجاهات الحالية. وللتخفيف من تغير المناخ وآثاره، تشتد الحاجة إلى استثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة، والبنية التحتية المستدامة، والممارسات القادرة على التكيف مع المناخ.

إن الدعوة إلى التعددية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ليست مرتبطة بالتعاون فقط، بل بإعادة الهيكلة الأساسية للتعاون الدولي أيضاً، ولا بد من بذل الجهود لخلق شراكات عالمية من أجل تنمية مستدامة أساسها القيم والرؤى والأهداف المشتركة.

* زميل مشارك في مركز الدبلوماسية الاقتصادية الجديدة بمؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mverhpwt

عن الكاتب

زميل مشارك في مركز الدبلوماسية الاقتصادية الجديدة بمؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"