هل تعيش إسرائيل من دون أمريكا؟

00:09 صباحا
قراءة 3 دقائق

توقف الكثيرون في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا من المهتمين بالدراسات المستقبلية أمام عنوان بمجلة «نيوزويك» يقول: هل تستطيع إسرائيل البقاء بدون أمريكا؟

ثم راحت تشرح ما حاولت أن تعتبره نوعاً من الإجابة عن السؤال، بأن هناك مَنْ يرون أن ذلك قد يكون ممكناً، لكن محاطاً بالقلق العميق لدى إسرائيل، وإن أهمية الدعم الأمريكي للأمن القومي الإسرائيلي ليس فيها أيّ مبالغة، فإن اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة هو وضع عميق، وهو ما يثير السؤال: هل تستطيع إسرائيل أن تعيش بغير ذلك؟.. وماذا سيحدث لو أن رئيساً لأمريكا أوقف دعمها لإسرائيل؟.

صحيح أن العلاقة شديدة التعقيد ومتشابكة، لكن سبق أن خرج أربعة رؤساء عن المسار الروتيني للعلاقة، واتخذوا مواقف ضد ما اعتبروه تهديداً للسلام في المنطقة، وتحدّيها لإرادتهم التي تعبّر أولاً وأخيراً عن الأمن القومي الأمريكي.

البعض يرى أن ذلك يمكن أن يتكرر نتيجة تحولات أساسية في الولايات المتحدة بتصاعد حركات الرفض لاستمرارية مساندة إسرائيل وضرورة معاقبتها، ووقف دعمها بالسلاح والتمويل، كردّ فعل لإفراطها غير الإنساني في ممارسة العنف ضد الفلسطينيين. كما أن آخر استطلاعات للرأي أظهرت أن إسرائيل فقدت الكثير من تعاطف أو تأييد شعوب العالم، وأن نسبة من كانوا يُعتبرون عادة مؤيدين لإسرائيل قد هبطت من 43% إلى 18%.

وفي استطلاع للرأي في إسرائيل لعشرة من الخبراء السياسيين والعسكريين فإنهم جميعاً حذّروا من أن إسرائيل تخاطر بخسارة تفهم أمريكا للهدف الحقيقي وراء حربها في غزة، ثم إن كثيرين من الأمريكيين نبهوا إلى أن إسرائيل لا تراعي الأولويات السياسية للولايات المتحدة، وأنها تتصرف بما يخالف ذلك رغم اعتمادها الأساسي على ما تقدمه لها الولايات المتحدة من معونات، بل إن حكومة إسرائيل تتصرف أحياناً بنوع من التحدي لأمريكا، بينما لا توجد دولة غربية أخرى في إمكانها أن تقدّم العون نفسه لإسرائيل.

أما عن الإجابة عن السؤال «هل تستطيع إسرائيل أن يكون لها وجود من دون الولايات المتحدة؟» فإن معاهد الدراسات المستقبلية هناك قالت، إنه حتى ولو أمكنها ذلك، فإنه سيكون وجوداً صعباً وأقل أمناً وأكثر فقراً، ثم إنه لا يوجد أحد في إسرائيل يتصور إمكان استغنائهم عن الولايات المتحدة.

ولا تخلو تحليلات عدد من الخبراء المتابعين لتلك العلاقة من القول بأن على حكام إسرائيل مراعاة كون علاقتهم الخاصة بأمريكا هي أساس جوهري لقدرة إسرائيل على البقاء كدولة، والتي تعتمد فيها على كافة أشكال الدعم من الولايات المتحدة سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، ودبلوماسياً، وإن ذلك يمثل حماية لأمنها القومي.

وقد تكاثرت عناوين المقالات والبحوث التي تدور حول معنى السؤال «هل تستطيع إسرائيل البقاء من دون أمريكا؟».. ومن هذه العناوين «إلى أي مدى ستقدر إسرائيل على البقاء؟»، وهو عنوان لكتاب خبير شؤون الشرق الأوسط غريغ كارلستروم، وعنوانه «ما الذي سيحدث لو أن أمريكا أوقفت دعمها غداً لإسرائيل؟.

وهل تستطيع إسرائيل البقاء من دون أمريكا؟.

كذلك كتب مايكل بارد، محرر شؤون الشرق الأوسط في الصحف البريطانية، وهو من أشد المؤيدين لإسرائيل – مقالاً يؤيد فكرة قدرتها على البقاء، لكنه يضيف إلى ذلك قوله إنها ستعاني بعد ذلك كثيراً في المستقبل.

ودخلت صحيفة «ها آرتس» الإسرائيلية في سياق هذا الجدل فقالت، إن الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل كان بمنزلة الكتاب المقدس الذي تسير عليه العلاقة الخاصة بينهما، والآن يجب على إسرائيل التفكير في طريقة مختلفة للعمل مع شريكها الاستراتيجي، فالعلاقات بينهما صارت أشبه بحالة استثنائية بين كيان عالمي ضخم للغاية، وبين طرف إقليمي صغير في الشرق الأوسط.

لقد اتسعت دائرة هذا الجدل نتيجة للعنوان الذي نشرته مجلة «نيوزويك» لمقالها القائل: «إلى متى تستطيع إسرائيل البقاء من دون أمريكا؟» ثم عرضت أفكاراً كأنها ترد بها على سؤالها بدءاً من القول بأنه لا يمكن التهوين من أهمية الولايات المتحدة لأمن إسرائيل القومي، وأنها الدولة الأولى بل الوحيدة التي تطلب إسرائيل التشاور معها في الشؤون الاستراتيجية، ولمواجهة التحديات التي تتعرض لها، ثم إن أمريكا هي أولاً وأخيراً الملجأ للتشاور في الشؤون السياسية والعسكرية، وإن اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة بلغ أعلى درجات المساندة لها، ولهذا من المشكوك فيه أن تستطيع دولة في هذا الوضع أن تعيش من دون مساندة الولايات المتحدة لها.

..ولا يزال الجدل مستمراً حتى الآن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3tkff5fw

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"