حققت دولة الإمارات تقدماً كبيراً في مؤشر جاهزية البنية التحية للاتصالات، فيما يقدر حجم سوق الاتصالات فيها بنحو 34.4 مليار درهم «9.37 مليار دولار» العام 2024، في الوقت الذي انتقلت فيه الدولة من المركز ال 25 عالمياً إلى المركز الثاني على مستوى العالم.
ينعكس هذا التقدم في البنى التحتية للدولة على تسريع وتعزيز إنجازات الدولة في مجال الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة والنقل ذاتي الحركة والطائرات المسيّرة.
وبدأت شركتا «اتصالات من إي آند» و «دو» في الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير الخدمات التقليدية وابتكار أخرى جديدة، بهدف مواكبة التطور الكبير في هذه التقنيات المتسارعة لتعزيز الأرباح وتلبية متطلبات المشتركين المتزايدة للحصول على خدمات مخصصة.
وبحسب تقرير الممكنات الرقمية 2023 الصادر عن هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، حققت دولة الإمارات، المرتبة ال 9 في مؤشر البنية التحتية للاتصالات، وال 12 في مؤشر الخدمات الرقمية، وال 13 في مؤشر تطور الخدمات الرقمية، وال 18 في مؤشر المشاركة الرقمية، وال 22 في مؤشر جاهزية الدولة للذكاء الاصطناعي.
- جملة من التحديات
ويواجه مشغلو الاتصالات جملة من التحديات على مستوى توفير الخدمات المخصصة التي تنشأ عن تطلعات المشتركين المتزايدة بالإضافة إلى التعقيدات الناجمة عن عمليات التشغيل مثل إدارة العمليات وتخفض استهلاك الطاقة والصيانة وغيرها من العمليات.
وأسهم تطور الذكاء الاصطناعي وتطبيقات وبرامج المحادثة عبر الإنترنت وتخزين وتحليل البيانات في تراجع إيرادات شركات الاتصالات عالمياً من الخدمات التقليدية وعلى رأسها المكالمات الصوتية التقليدية والرسائل النصية، الأمر الذي فرض على المشغلين ضرورة مواكبة التطورات التقنية لتعزيز الإيرادات من خدمات بديلة تلبي متطلبات المشتركين الذين يزيد شغفهم بالتقنية يوماً بعد يوم.
- مواكبة التطورات
وسعياً منها لمواكبة التطورات التقنية، أطلقت شركة «اتصالات من إي آند» مؤخراً أول متجر ذاتي مدعم بتقنية الذكاء الاصطناعي في قطاع الاتصالات على مستوى العالم وخدمة المساعد الافتراضي الشخصي بتقنية الذكاء الاصطناعي وتقنية الهولوجرام وتقنيات تبريد خوادم الإنترنت إضافة إلى مجموعة من الخدمات المرتبطة بإنترنت الأشياء التي تسهم في تطوُّر كبير في مجموعة واسعة من القطاعات أبرزها الصحة والتعليم والصناعة والترفيه.
وأعلنت«دو»، عن تسخير إمكانات تكنولوجيا الذكاء التوليدي في جميع عملياتها لرفع مستوى إنتاجية الموظفين وإثراء تجارب العملاء وتسخير إمكانات خدمات الحوسبة السحابية المتقدمة وتحسين كفاءة تحليلات مركز الاتصال وتسريع أوقات استجابة الموظفين لمتطلبات العملاء.
وتعمل منصة إدارة إنترنت الأشياء الخاصة بشركة «دو» على توصيل الأجهزة أو الأصول وإدارتها بكفاءة وفاعلية وتتيح التحكم في الأجهزة عن بُعد ومراقبة الظروف وإنشاء تحليلات متقدمة في الوقت الفعلي، كما توفر الشركة حلول وتطبيقات للقطاع الصحي والصحة الإلكترونية.
وتوفر «دو» عدداً من الخدمات المنزلية المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي عبر أنظمة أتمتة وأنماط ذكية تتعرف إلى سلوك المستخدمين وعاداتهم ورغباتهم، وتتفاعل معها بشكل ذكي وخدمات توفر الأمن والسلامة من خلال مراقبة جميع محتويات المنزل، ومتابعة تحركات الأطفال، فضلاً عن ترشيد استهلاك والتحكم بها عن بعد.
- دور محوري
وقال الدكتور محمد المصلح أستاذ مساعد في كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية بجامعة «هيريوت وات دبى»: شهدت دولة الإمارات نمواً ملحوظاً في قطاع الاتصالات ومقدمي الخدمات مع بروز الذكاء الاصطناعي كعامل تمكين حاسم للعاملين بالقطاع، فيما يقدر حجم سوق الاتصالات في الإمارات بنحو 34.4 مليار درهم «9.37 مليار دولار» العام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 40.1 مليار درهم «10.93 مليار دولار» العام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب 3.15%، وفقاً لتقرير «موردور إنتلجينس» للدراسات السوقية.
وأضاف المصلح: لعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في تعزيز جوانب مختلفة من قطاع الاتصالات حيث يشير تقرير حديث صادر عن Global Market Insights إلى أنه من المتوقع أن يتجاوز الذكاء الاصطناعي في قطاع الاتصالات 5 مليارات دولار عام 2026، مما ساهم في تحسين الكفاءة وتعزيز تجربة العملاء ودفع الابتكار.
وأوضح أن أحد المجالات الرئيسية التي أحدث فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي تأثيرًا كبيرًا في قطاع الاتصالات هو تحسين الشبكة وإدارتها وتتيح التقنيات لمشغلي الاتصالات تحليل كميات هائلة من البيانات في الوقت الفعلي والتنبؤ بازدحام الشبكة، وتحسين تخصيص عرض النطاق الترددي، ومعالجة المشكلات المحتملة بشكل استباقي ويؤدي ذلك إلى تقليل وقت الأعطال وتحسين جودة الخدمة للمستخدمين.
وتابع: أحدثت التحليلات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي والصيانة التنبُّئِية ثورة في نهج صيانة الشبكة واستكشاف الأخطاء وإصلاحها، ومن خلال الاستفادة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي، يمكن لشركات الاتصالات في دولة الإمارات تحديد الأخطاء المحتملة في الشبكة قبل أن يتفاقم الموقف وتنقطع الخدمة، لا يؤدي هذا النهج الاستباقي إلى تقليل وقت الأعطال فحسب، بل يقلل أيضاً من تكاليف التشغيل المرتبطة بالصيانة.
وقال المصلح: لعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في تعزيز جودة خدمة العملاء وتخصيصها في القطاع حيث يتم نشر روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات لتقديم المساعدة الشخصية والتعامل مع استفسارات العملاء وتقديم خدمات الدعم على مدار الساعة، كما يُحدث الذكاء الاصطناعي تأثيرًا كبيرًا في الأمن السيبراني بالقطاع، لاكتشاف التهديدات والوقاية منها والاستجابة لها.
- تحول كبير
ويقول محمد الزواري، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا في شركة «سنوفليك» العالمية لتحليل البيانات: بفضل التطورات الكبيرة في تقنيات الأتمتة والذكاء الاصطناعي وزيادة استخدامها، يشهد قطاع الاتصالات حالياً تحولاً كبيراً يعد بأن يتطور دور الاتصالات إلى ما هو أبعد من الأدوار التقليدية، لتصبح جزءاً لا يتجزأ من قطاعات مختلفة مثل النقل والرعاية الصحية التي يعتمد عليها المليارات على مستوى العالم.
وأضاف، توفر البيانات بحقبة جديدة ستحول كيفية عمل قطاع الاتصالات وتساهم بتمكين شركات الاتصالات من تقديم أفضل خدمة في فئتها لعملائها والمجتمع العالمي ككل.
ويرتكز تطور الاتصالات على التطورات التقنية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والأتمتة. تعمل الأتمتة على تنفيذ المهام بصورة آلية بينما يركز الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تلك المهام.
- 4 مجالات
وقال الزواري: توجد 4 مجالات في منظومة الاتصالات ستغير تقنيات الذكاء الاصطناعي أبرزها: خدمة العملاء حيث أظهرت دراسة أن 81% من العملاء يتوقعون خدمة أسرع مع تقدم التكنولوجيا، مما يؤكد التأثير الشديد للتغييرات المجتمعية والتحول التكنولوجي على توقعات العملاء وأولوياتهم وسلوكياتهم وفي المستقبل القريب، سيكون لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة دور متزايد في تلبية احتياجات العملاء.
وتقدم النماذج اللغوية الكبيرة طريقة أسرع وأكثر فاعلية للوصول إلى البيانات في حال وجود أي استفسار لدى المستهلك، أو عند حاجته إلى الاتصال بمزود الاتصالات الخاص به، تمكنه النماذج اللغوية الكبيرة من العثور ببساطة وسهولة على المعلومات التي قد تكون متاحة ولكن يصعب العثور عليها، مما قد يؤدي غالباً إلى تجربة سلبية.
وأوضح الزواري، بالنسبة لمهندسي الشبكات الذين يصممون الشبكات ولكنهم لا يتعاملون مع البيانات بشكل مباشر، ستوفر لهم النماذج اللغوية الكبيرة القدرة على العثور على المعلومات التي يحتاجون إليها واستخراجها، مثل أنماط الطقس على سبيل المثال لا الحصر، دون الاضطرار إلى التعامل مع البيانات المعقدة. يسمح هذا بانتشار البيانات الضخمة وفوائدها عبر الشركات بدلاً من عزلها لاستخدام عدد محدود من علماء البيانات المتمرّسين.
- فرز البيانات
وتتميز النماذج اللغوية الكبيرة بقدرتها على فرز البيانات، وهي ميزة مهمة تسهل الوصول السريع إلى جميع البيانات واتخاذ القرارات الكبيرة وتمكن النماذج اللغوية الكبيرة فرق العمل من الوصول إلى البيانات من المواقع الجغرافية وصور الأقمار الصناعية، مما يمكّن العاملين من رؤية الصورة الكاملة لأي حادث نتيجة لذلك، يمكنهم إرسال الشخص المناسب في الوقت المناسب، وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة التي يمكن فقط للذكاء الاصطناعي الوصول إليها.
وقال الزواري:عندما يتعلق الأمر بالكفاءة، فقد أصبح هذا الأمر أكثر أهمية من أي وقت مضى عند النظر في أهداف الاستدامة الخاصة بشركات الاتصالات. تواجه الشركات العاملة في هذا القطاع ضغوطاً متزايدة من المستهلكين والمستثمرين والجهات التنظيمية لتقليل بصمتها الكربونية وتحقيق صافي انبعاثات صفرية.
وفي الوقت نفسه، تواجه مؤسسات الاتصالات طلباً متزايداً على خدماتها، بسبب مجموعة من المبادرات العالمية والاتجاهات البارزة مثل العمل عن بعد والرقمنة والحلول المستندة إلى السحابة وسيكون للتقنيات الموفرة للطاقة مثل الشبكات المستقلة دوراً حاسماً في دعم الجهود العالمية لإزالة الكربون.
ويمكن للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة أتمتة المهام المرتبطة بإدارة الشبكة، مما يؤدي إلى توفير التكاليف بشكل كبير، واستجابة أسرع لمشكلات الشبكة، وتحسين تجربة العملاء، والأهم من ذلك تقليل استهلاك الطاقة وفي المستقبل، ستتولى الشبكات المستقلة بحق إدارة عملياتها واستهلاكها للطاقة بشكل مباشر، مما يبشر بعصر جديد من الأداء العالي والاستدامة.
وأكد الزواري أن دمج الذكاء الاصطناعي والأتمتة في قطاع الاتصالات سيؤدي إلى حقبة أكثر ذكاءً من الابتكار والكفاءة، لن يتوقف الأمر على إعادة تشكيل عمليات شركات الاتصالات، بل على إعادة تعريف مفهوم الاتصال ككل ومنهجية تقديم خدمات الاتصال، لهذا، يُعدّ تبني الذكاء الاصطناعي والأتمتة أمراً بالغ الأهمية لتعزيز رضا العملاء، وتحقيق الاستدامة وتطوير الخدمات ويكمن مستقبل الاتصالات في تسخير هذه التقنيات المتقدمة للتغلب على تعقيدات العصر الرقمي، مما يضمن ريادة صناعة الاتصالات.
- تحسين الأداء
ووفقاً ل أكاديمية «My Communication»، تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي في تحسين أداء الشبكات وتقديم خدمات أفضل للمستخدمين عبر تسهيل عملية الحصول على البيانات وتوفير أساليب تساعد على توفير الأمن والخصوصية.
وتعد عملية تحسين الأداء في الاتصالات السلكية واللاسلكية باستخدام الذكاء الاصطناعي من أهم التحديات التي تواجه مجالات الاتصالات في الوقت الحالي، وذلك بسبب زيادة حجم البيانات من ناحية وتزايد الطلب على سرعات اتصال أعلى من ناحية أخرى.
ويساعد الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات الضخمة وتحديد المشاكل وإصلاحها بشكل أسرع وتحسين جودة الصوت ومراقبة أنماط البيانات المتعلقة بالمشتركين من الجهات والشركات والأفراد.