عادي

باحثون يحدّدون كميات وأصول جسيمات الهواء بالهند

19:29 مساء
قراءة 3 دقائق
نيودلهي

أظهرت دراسة دولية أجراها باحثون في الغلاف الجوي، لأول مرة، أن أجزاء الجسيمات الموجودة في الهواء فوق شمال الهند، تضر بالصحة.

ولا يوجد مكان آخر يتنفس فيه الناس هواء متسخاً كما هو الحال في الهند، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي أشارت إلى أنه يمكن أن يعزى ما يصل إلى 1.3 مليون حالة وفاة سنوياً في شبه القارة الهندية، إلى الهواء الملوث.

ومن خلال برنامجها الوطني للهواء النظيف، تريد الحكومة الهندية اتخاذ تدابير مضادة، وللقيام بذلك، يحتاج صناع القرار إلى معرفة المصادر التي تأتي منها الجسيمات، وكيفية توزيعها إقليمياً، ومدى ضرر بعض المركبات على صحة الإنسان، وقد تم الآن توفير هذه المعلومات المهمة لأول مرة من خلال دراسة كبرى، أجراها أعضاء مختبر كيمياء الغلاف الجوي مع شركاء من الهند، والصين، وألمانيا، والدنمارك، وفرنسا، وإسبانيا، وسويسرا.

ولم يحدد الباحثون كميات وأصول الجسيمات الموجودة في الهواء فقط، بل حددوا أيضاً إمكاناتها التأكسدية، وهو عامل مهم للتأثير الضار الذي يمكن أن يحدثه مركب كيميائي في الخلايا الحية، وبالتالي في الصحة.

وكان تركيز الدراسة على العاصمة الهندية نيودلهي، وليس للمرة الأولى، من بين جميع المدن على وجه الأرض، تعتبر المدينة ذات أعلى تركيز للجسيمات في الهواء، وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، حصل الباحثون بالفعل على رؤى رائدة حول تلوث الهواء هناك، وفي دراسة أجريت عام 2023، أظهروا لأول مرة، أن العمليات الكيميائية تجري بشكل مختلف في سماء نيودلهي، عنها في المدن الكبرى الأخرى.

هذه المرة كان الفريق مهتماً بمصادر انبعاثات الجسيمات، والتأثير المرضي لبعض المواد، ووفقاً للدراسة، يلعب الاحتراق غير الكامل دوراً كبيراً بشكل خاص، في تلويث الهواء، حتى غير الخبراء يدركون ذلك.

وعلى وجه الخصوص، يُعد حرق الكتلة الحيوية، أو النفايات، مساهماً رئيسياً في تكوين الجسيمات والضباب الدخاني، ويشمل ذلك حرق روث البقر، لأغراض التدفئة والطهي، ما يؤدي أيضاً إلى إنتاج مستويات عالية من الجسيمات، ويضاف إلى ذلك أسطول المركبات الذي عفا عليه الزمن، خصوصاً المركبات الصغيرة التي تسمى «التوكتوك»، والتي تستخدم على نطاق واسع في الهند، والدراجات البخارية ذات المحركات ثنائية الشوط غير الفعالة.

ولتقييم التوزيع، المحلي والإقليمي، للجسيمات بشكل أفضل، قام الفريق بتوسيع شبكة مواقع القياس مقارنة بالدراسة السابقة، مضيفاً موقعين بالمنطقة الحضرية في نيودلهي، وواحداً في المنطقة المحيطة بالعاصمة، وواحداً في كانبور، على بعد نحو 500 كيلومتر جنوب شرق العاصمة، وتم فحص العينات من هذه المواقع عن طريق التحليل الطيفي الكتلي لتحديد تركيبها.

وأشار الفريق إلى أن كمية الجسيمات الموجودة في الهواء تُعد عاملاً مهماً، ولكنها ليست العامل الوحيد، ويعتمد مدى ضرر جسيم الغبار على الصحة على تركيبته الكيميائية وقدرته التأكسدية، ويشير هذا إلى الضغط الذي يفرضه المركب الكيميائي على الخلايا الحية، وفي النهاية، على الأعضاء بأكملها، مثل الرئتين، أو الأوعية الدموية، ويمكن أن يؤدي هذا التوتر إلى الربو، والالتهاب، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض أخرى.

وحدد الفريق هذه القدرة التأكسدية، وربطها بمصادر الجسيمات، المحلية والإقليمية، وعلى الرغم من أن التركيب الكيميائي للجسيمات كان مختلفاً في بعض المواقع، فإن القدرة التأكسدية العالية للهباء الجوي، العضوي على وجه الخصوص، تعود إلى الاحتراق غير الكامل للكتلة الحيوية، والوقود الأحفوري، جنباً إلى جنب مع منتجات الأكسدة العضوية في الغلاف الجوي.

وبالمقارنة بأوروبا، أو الصين، فإن نسبة أكبر من هذه المكونات تنبعث محلياً، مع مساهمة كبيرة من المصادر الإقليمية، وهذا يتفق مع نتائج دراسة العام الماضي.

وتحتاج الهند إلى إجراءات صارمة، ومراقبة طويلة المدى، فضلاً عن التغيير المجتمعي، وتحسين الوعي العام بحماية البيئة، لذلك سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تتحسن الظروف البيئية في شمال الهند.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mczwwvpf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"