دبي: عهود النقبي
لا يُمكن لقرار التبرّع بعضو تتعلق به مسألة حياة بأكملها، أن يكون سهلاً، ولكنها الأمومة التي تسبق الإنسانية، والتضحية التي لا بُدّ أن تتصف بها كل أم، وتتجسد في عائشة الظاهري، التي وصفت قرار التبرّع بكليتها لابنها بأنه قرار لم يدخله التردد، بل التوكل على الله، بالرغم من وجود المخاطر والقلق والخوف من أسرتها، إلا أنها وقبل عام لم تتراجع في إنقاذ ابنها وإنهاء معاناته، واصفة هذه الخطوة بالقول «شعور السعادة بإنقاذ حياة شخص آخر وتخفيف معاناته لا يمكن وصفه، فكيف إن كان فلذة كبدي».
«الخليج» تستعرض شجاعة هذه الأم وتضحيتها، التي تحول خوفها إلى حالة من التشجيع، والمساندة للمضي قدماً في إجراء عملية التبرع لابنها البالغ 10 أعوام حينها، منذ إجراء الفحوص في مستشفى الجليلة التابع ل«دبي الصحية»، وحتى إجراء العملية والاطلاع على نتائجها الأولى، موجهة في ذلك رسالة إنسانية إلى المجتمع تحمل كل معاني التفاني والتضحية.
تتحدث عائشة ل«الخليج» عن تجربتها قائلة «لقد أجريت عملية التبرع بالكلية، من دون أي تردد من أجل تخفيف الألم الذي كان يعانيه ابني، خلال عمليات غسل الكلى. فبعد رحلة بحث عن خيارات أخرى للعلاج استغرقت نحو العام، أجريت الفحوص اللازمة، للتأكد من توافق فصيلة الدم، وتطابق نوع الأنسجة، وبناءً على النتائج الإيجابية لهذه الفحوص، قررت التبرع بالكلية لإنقاذ حياته وإنهاء معاناته».
وتابعت «في البداية أبدت أسرتي نوعاً من الخوف والقلق تجاه القيام بهذه العملية، ولكن بعد معرفة أثرها الطبي والجراحي والنفسي وسرعة العودة إلى ممارسة حياتي اليومية الطبيعية، تحول هذا الخوف إلى حالة من التشجيع، والمساندة للمضي قدماً في إجراء عملية التبرع».
وأضافت «كانت إجراءات العملية في غاية السهولة، حيث شرح الفريق الطبي في مستشفى الجليلة للأطفال، الذي يضم أطباء وممرضين من ذوي الخبرة مراحل هذه العملية لي، ابتداءً من الفحوص الأولية، مروراً بالإجراءات الطبية، وصولاً إلى آثارها الجانبية على المدى القصير وفي المستقبل. وأنا ممتنة لهذا الفريق الذي كان ولايزال إلى جانبي، ويتابع حالتي باستمرار، للتأكد من ممارسة حياتي الطبيعية، فقد كان لدعمه ومساندته وحسن معاملته أثر بالغ في سرعة رحلة التعافي لي ولابني، بعد إجراء العملية الجراحية».
وعن الأعراض الجانبية، قالت عائشة «لغاية الآن، لا توجد أعراض جانبية، بل على العكس تماماً أنا اليوم في قمة سعادتي، خصوصاً أن هذه العملية مكّنت ابني الذي يبلغ 11 عاماً الآن، من فعل أمور لم يكن باستطاعته فعلها أثناء غسل الكلى، مثل اللعب مع زملائه وأصدقائه وغيرها. وهذه الخطوة ساعدتني على الاهتمام باتباع أنماط حياة صحية، وتناول غذاء متوازن وممارسة الرياضة دورياً وبانتظام».
وعن الجانب الإنساني لعمليات التبرّع، قالت عائشة: «مما لا شك فيه بأن عملية تبرّعي، وما تخللها من سهولة في الإجراءات كانت سبباً في تغيير الصورة النمطية عن التبرّع بالأعضاء، فمن الناحية الإنسانية أنا مستعدة أكثر من أي وقت مضى، للتبرّع لأي شخص محتاج في حال كنت قادرة على ذلك. وأرى أننا بحاجة إلى تطوير هذه الثقافة على نطاق أوسع في مجتمعنا، لتحفيز أفراد المجتمع على التبرّع بالأعضاء في حال مقدرتهم، خصوصاً أن شعور السعادة بإنقاذ حياة آخر وتخفيف معاناته لا يمكن وصفه».