كعهدها إزاء كل القضايا العربية، ومثلما يقتضي المبدأ والواجب، سارعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التضامن مع لبنان وشعبه الشقيق لتخفف عنه تداعيات التصعيد العسكري الأخير، وأطلقت حملة إغاثية وطنية تحت عنوان «الإمارات معاك يا لبنان»، بعد أن أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتقديم 100 مليون دولار من المساعدات الإنسانية العاجلة إلى لبنان.
تنفيذ هذا الأمر السامي جاء على عجل، وأرسلت دولة الإمارات، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، طائرة تحمل 40 طناً من الإمدادات الطبية العاجلة إلى لبنان، وهي أول غيث الاستجابة الإنسانية الطارئة لتخفيف وطأة المعاناة وتلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً واحتياجاً وهشاشة من المدنيين، وهذا العطاء ينسجم مع موقف صاحب السمو، رئيس الدولة، بمساندة لبنان الشقيق بما يحفظ وحدته وسيادته وسلامة أراضيه.
وقد تلقى سموه اتصالاً هاتفياً من نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة اللبنانية، أعرب فيه عن شكره وتقديره للإمارات ومساعداتها الإغاثية العاجلة، ولمواقفها السياسية الداعية إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية لوقف إطلاق النار وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين بموجب القانون الدولي.
الجهد الإغاثي الذي تقوم به الإمارات في لبنان يوازيه تحرك دبلوماسي متعدد المستويات يرمي إلى خفض التصعيد في أقرب وقت ومنع امتداد الصراع، الذي سببه العدوان الإسرائيلي على غزة منذ نحو عام، وهو وضع سبق أن حذرت منه الإمارات في كل بياناتها وخطاباتها، وأعربت عنه قيادتها الرشيدة في مواقف واتصالات عدة مع قادة دول المنطقة والعالم.
وبعد أن تدهورت الأوضاع في الأيام الأخيرة، انبرت الدبلوماسية الإماراتية لقيادة تحرك عربي لدى الأمم المتحدة هدفه تكثيف الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، ومجابهة الأزمة الإنسانية المستجدة وما أفرزته من تداعيات خطرة مثل نزوح المدنيين داخلياً وزيادة تدفق اللاجئين، وما يتطلبه ذلك من تنسيق عالي المستوى مع المنظمات الدولية ذات الصلة لتوفير المواد الغذائية والمستلزمات الطبية العاجلة، وقد لقي هذا التحرك صدى وبدأ يؤتي ثماره مع تدفق المساعدات إلى بيروت، التي وصلها مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، وتأكيده أن لبنان يواجه «أزمة مروعة»، مع وجود أكثر من مليون نازح ومشرد وانتشار الدمار الواسع في مناطق عدة على غرار ما جرى ويجري في غزة.
الإمارات ستظل واقفة مع لبنان، كما هو عهدها منذ عقود حتى يتم تجاوز هذه المحنة، التي ستنتهي يوماً، وبالتضامن والأخوة الصادقة ستنتصر القيم الإنسانية ويتم تجاوز التداعيات الكارثية، على الرغم من أن هذه اللحظة ربما تكون أخطر مما شهدته المنطقة طوال أكثر من سبعة عقود من الصراع العربي الإسرائيلي، ومهما كبرت التحديات فستبقى الثقة في المستقبل قائمة، وإن هذه المنطقة باقية لشعوبها لا سواها، فهي من تحدد مصيرها وما يستدعيه أمنها واستقرارها، أما قوى البغي والاحتلال فلا مكان لها، ومآلها التقهقر والزوال.