أوكرانيا تقسم الغرب

00:37 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

تحولت منصة مؤتمر الأمن في ميونيخ إلى منبر للاتهامات المتبادلة بين القوى الغربية، وبالذات بين الولايات المتحدة وأوروبا، ليس فقط حول عملية السلام في أوكرانيا، وإنما حول مجمل السياسات التي تنتهجها إدارة ترامب، سواء إزاء العلاقات البينية أو السياسات الخارجية على وجه العموم.
ينظر إلى المباحثات الهاتفية التي جرت على مدار ساعة ونصف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، مؤخراً، حول إمكانية بدء مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، على أنها انفراد أمريكي لتسوية الأزمة الأوكرانية بمعزل عن الدول الأوروبية، ويذهب البعض إلى حد تغييب أوكرانيا نفسها عن المفاوضات.
ويرى الكثير من المراقبين أن الاتصال الهاتفي اللاحق بين ترامب وزيلينسكي لم يبدد المخاوف الأوروبية أو حتى الأوكرانية من فرض تسوية سياسية لا تتلاءم مع مصالح كييف والاتحاد الأوروبي. ورغم الإغراءات التي تحاول أوكرانيا تقديمها للولايات المتحدة بمنحها الحق في استثمار المعادن النادرة والنفيسة التي تحتاج إليها الولايات المتحدة، فقد ردت واشنطن بأنها تريد الحصول على 50 في المئة من هذه الثروات، مشيرة إلى أنها قدمت مسبقاً ما يزيد على 300 مليار دولار إلى كييف، على شكل مساعدات عسكرية ولوجستية طوال مدة الحرب الأوكرانية.
وبالعودة إلى مؤتمر الأمن في ميونيخ، فقد صدم نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس الأوروبيين، عندما وجه انتقادات لاذعة لهم بالحديث عن معارضة واشنطن انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، كما انتقد السياسات الأوروبية بشأن الهجرة، معتبراً أن أوروبا تحولت إلى أكبر مستقبِل للمهاجرين في العالم، كما وجه الاتهام إلى أوروبا بعدم السماح بحرية التعبير، في إشارة إلى الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي ترى فيها الإدارة الأمريكية حليفاً لها.
يضاف إلى ذلك ما تسرب عن إقرار ترامب خلال محادثاته مع بوتين بشأن عدم إمكانية العودة إلى الوضع السائد في أوكرانيا قبل عام 2014، واعتباره انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو أمراً غير واقعي، وتلويحه بفرض ضرائب على السلع الأوروبية في إطار حروبه التجارية على امتداد العالم. كل هذه المواقف أثارت غضب الأوروبيين ودفعتهم إلى توخي الحذر وحتى إلى إشهار خلافاتهم متعددة الأوجه مع الإدارة الأمريكية الجديدة. فألمانيا، على سبيل المثال، اعتبرت تصريحات فانس غير مقبولة، وشددت على أنها ستواصل تقديم الدعم لأوكرانيا، وكذلك الحال بالنسبة لبقية دول الاتحاد الأوروبي.
لكن أوروبا التي تطالب بالمشاركة في مفاوضات السلام الأوكرانية، وسط تلميحات أمريكية بالرفض، تدرك أنها لن تستطيع مواصلة دعم أوكرانيا وحدها من دون مساعدة الولايات المتحدة. وهو ذات الموقف الذي عبّر عنه زيلينسكي نفسه، ما يعني أن إضعاف أوكرانيا هو إضعاف لها في نهاية المطاف. من هنا عادت الأصوات ترتفع، خصوصاً في إلمانيا وفرنسا حول أهمية الاستقلالية الأوروبية، وتشكيل قوة موحدة للخروج من تحت العباءة الأمريكية، في ظل عدم اليقين ببقاء الحماية الأمريكية الممنوحة لها عبر حلف الناتو.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"