زايد الخير

03:26 صباحا
قراءة دقيقتين

قبل إحدى وأربعين سنة، وبالتحديد في شهر أغسطس، تم تكليفي بكتابة موضوع عن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقد اخترت عنوان الموضوع «زايد الخير»، وتعمدت كتابته بصيغة الأنا، لأنها توحي بأهمية الموضوع، وكبر وعظمة الشخصية المراد الكتابة عنها، بدأت المقال بعبارة استسمحك عذراً بأن أخط بعضاً من تاريخك الحافل بالإنجازات العظيمة، وبقدر عزيمتي أحاول أن أوجز منه، ففي بحرك درر يعجز البَحّار أن يحصي عددها أو يستدل مكامنها.
لم يرحل زايد عنا، لأنه بيننا، فهو درب نهتدي به وبمآثره، وسيبقى خالداً في ذكرى الأجيال، زايد لم يغب لحظة عن ذاكرة الوطن، إنه بيننا ونصب أعيننا، في التعليم والثقافة والرياضة والصحة، في كل مجالات حياتنا، نحن أبناء زايد، هو نبراس نقتدي به، ونمشي على خطاه، لذلك نحن جيل بعد جيل يطلق علينا أبناء زايد.
رحل عنا زايد جسداً في التاسع عشر من رمضان عام 1434 هجري، وها نحن بعد 21 سنة والمغفور له بإذن الله الشيخ زايد لم يغب عنا ولم يفارقنا لحظة، وفي ذكرى رحيل زايد كان لرفيق دربه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة كلمات بليغة فتحت الآفاق وأضاءت الدروب وبيَّنت المسار والنهج الذي ينبغي أن نمشي على إثرها، مهتدين بخطاه من خلال تلك الدرر التي نثرها ارتجالاً، حيث قال: «... وإذا بنجم يلوح في الأفق من هذه الأرض، نجم لاح لناظر على صفحات الماء، وهو يسارع الخطى، ويختصر المسافات، ويؤمن الخائف، ويطعم الجائع، ويعلم الجاهل، ويكون أمة.. أقول إنه هو الأمة»، ثم وجه صاحب السمو الشيخ سلطان كلمته للأسرة، لأنها نواة المجتمع، وهي العمود الأساسي للقيم والعادات وتوجيه السلوكيات الاجتماعية للأبناء، طالبها بأن تنقل الصورة الحقيقية عن زايد وتغرسها لتُحمل وتُحفظ جيلاً بعد جيل «هذا ما كان يحبه زايد وهذا ما كان لا يحبه زايد»، لنضعها ونرسخها في قلوب أبنائنا، رحمك الله يا زايد حاضر وغائب بيننا.
فَقَدَ العالم أحد الزعماء البارزين الذي سعى إلى نصرة الحق وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المجتمع الدولي، وقدم خدمات كبيرة من أجل البشرية، لذلك نعاه العالم بأسره، ففي بادرة غير مسبوقة أقامت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الرابع من نوفمبر 2011 حفل تأبين تاريخياً تحدث فيه ممثلو دول قارات العالم الخمس عن شخصية زايد، تقديراً لجهوده في نشر ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال والتقارب الثقافي بين الحضارات والأديان، من أجل الإنسان والإنسانية.
ويبقى التاسع عشر من رمضان من كل عام، الموافق لذكرى رحيل مؤسس الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، «يوماً للعمل الإنساني الإماراتي» عرفاناً بدوره في تأسيس مسيرة العطاء الإنساني في دولة الإمارات.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"