الشعور بالضياع رغم وضوح الطريق

01:03 صباحا
قراءة دقيقتين

في لحظات معينة من حياتنا، قد نشعر بأن كل شيء يسير كما ينبغي، ومع ذلك يراودنا إحساس غامض بالتيه أو الفراغ.
نؤدي واجباتنا اليومية، نحقق أهدافنا، نتواصل مع الآخرين، لكن يبقى هناك سؤال داخلي: «ما الهدف من كل هذا؟». هذا الشعور يعرف في علم النفس بـ «الفراغ الوجودي»Existential Vacuum، وهو حالة من الشعور بالفراغ أو انعدام المعنى في الحياة. وقد ناقش الطبيب النفسي النمساوي فيكتور فرانكل هذا المفهوم بشكل موسع في كتابه «الإنسان يبحث عن معنى»، حيث أشار إلى أن الفراغ الوجودي ينشأ عندما يفتقر الإنسان إلى هدف أو معنى يوجه حياته. ووفقاً لموقع Positive Psychology، فإن الفراغ الوجودي يعبر عن حالة من الملل، واللامبالاة، والشعور بالفراغ، وقد يؤدي إلى الاكتئاب إذا لم يتم التعامل معه بشكل مناسب.
لكن لماذا نشعر بهذا الفراغ رغم أننا نمتلك كل ما نحتاج إليه؟ أحد الأسباب هو أن الحياة الحديثة، بكل ما توفره من رفاهية وتكنولوجيا، قد تبعدنا عن التفكير العميق في معاني الحياة وأهدافها. ننشغل بتحقيق النجاحات المادية ونغفل عن الجوانب الروحية والإنسانية التي تمنح الحياة معناها الحقيقي.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الروتين اليومي والضغوط المستمرة إلى شعورنا بالانفصال عن ذواتنا، ما يجعلنا نتساءل عن جدوى ما نقوم به.
لمعالجة هذا الشعور، يقترح فرانكل من خلال العلاج بالمعنى (Logotherapy) البحث عن معنى شخصي في الحياة، سواء من خلال العمل، أو العلاقات، أو حتى مواجهة المعاناة بطريقة تمنحنا شعوراً بالهدف، فالمعنى لا يمنح لنا، بل نحن من نصنعه من خلال تجاربنا واختياراتنا.
في النهاية، الشعور بالضياع ليس علامة على الفشل، بل قد يكون دعوة لإعادة تقييم حياتنا والبحث عما يمنحها المعنى الحقيقي. من خلال التأمل والتواصل مع ذواتنا، يمكننا اكتشاف الطريق الذي يقودنا إلى حياة أكثر امتلاء ورضا.
ولا ننسى القيم الجميلة، مثل مساعدة الآخرين، والإيثار، والتطوع بالأعمال المفيدة لمن يحتاج إليها، وبذل المال للفقراء، وفق الاستطاعة، والتقرب من الله عز وجل، وفهم طبيعة الحياة التي نعيشها، وأنها لم توجد من أجل المشقة والانصهار والتعب، بل من أجل العمل والإنتاج والسعادة، وعبادة الله، وعدم إيذاء النفس.
ومن المؤذيات، التفكير السلبي القاسي ضد روحك وحياتك التي تعيشها.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"