كل ما يبهرنا بعالم الذكاء الاصطناعي، ويساهم في حث البشر على المزيد من استعمال الذكاء للمساهمة في تسهيل الحياة وتطوير الفكر والمزيد من الابتكار.. يقابله ما يقلقنا من سوء استغلال البشر لتلك الوسائل الحديثة، وقبل أن يدخل الروبوت كل بيت وكل مؤسسة، وصل «الاستغلال الرقمي» إلى هواتفنا وأصبح الذكاء الاصطناعي وسيلة لخداع الناس وفبركة الصور والفيديوهات ومنها الإباحي وما يشوه سمعة البشر، وكفيل بتدمير البيوت والعائلات والمستقبل.
فبركة الصور ومقاطع الفيديو لعبة يتسلى بها البعض، وتنتشر بسرعة كبيرة عبر السوشيال ميديا، خصوصاً تلك التي تتعلق برجال السياسة والشخصيات العامة، حيث أصبح استغلال الذكاء الاصطناعي سلاحاً يتم استخدامه لأغراض سياسية، تأخذ تلك الفيديوهات المفبركة شكلاً كوميدياً مضحكاً وهزلياً ساخراً، لكنه في الحقيقة يحرض الناس على إعادة نشره من باب النكتة، فيخدم الغرض السياسي منه دون وعي ممن يعيد نشره.
الأمر كان مسلياً في البدء حين رأينا عبد الحليم حافظ وعمر الشريف وشكري سرحان وسعاد حسني وشادية وفاتن حمامة وغيرهم يمشون وسط شوارعنا بملامح العصر الحالي، وانتقل إلى دفة التحريض السياسي بفبركة مشاهد أبطالها رؤساء دول. وما لا يمكن تجاوزه وتجنب الوقوع في فخه الفكري أن يصل الأمر إلى الإباحة والمس بشرف الناس وتشويه السمعة، وفبركة قصص غير حقيقية، وتركيب وجوه أشخاص على أبدان آخرين والوصول بالإتقان الفني إلى درجة صعوبة التمييز بين الحقيقة الواقعية والاصطناعية.
في أمريكا تم إقرار أول تشريع فيدرالي يتعلق بنشر الصور الإباحية والواقعية المُفبركة دون علم وموافقة صاحبها، ويقضي القانون بسجن الفاعل حتى ثلاث سنوات، مع تحميل منصات التواصل الاجتماعي المسؤولية القانونية إذا نشرت هذه الصور والفيديوهات ولم تلتزم بحذفها؛ فهل سيتمكن القانون من ضبط هذا الانفلات في كل دول العالم؟
كنا نخاف على أبنائنا وبناتنا من الأفلام والمشاهد والمواقع الإباحية التي تقتحم هواتفهم وأجهزتهم الإلكترونية رغماً عنهم وعنا، فإذا بنا نخاف اليوم من أن يقع أي منا في فخ الانتقام الرقمي، الانتقام الإلكتروني الذي يجعل الخيال أشبه بالحقيقة، ويجعل من الذكاء الاصطناعي أداة في أيدي أصحاب النفوس المريضة لهدم حياة الآخرين، وهو الذي تم ابتكاره ليكون وسيلة لتسهيل الحياة وتطويرها ومساعدة الإنسان لا لتدميره؛ والمصيبة أن استخدام واستغلال الذكاء الاصطناعي متاح لكل البشر وليس عصياً على المرتزقة ولا على لصوص الإنترنت ولا على معدومي الضمير.
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا







