في العلاقات بين الناس، بين الأصدقاء أو الأقارب، تظهر بعض السلوكيات الخاطئة، والتي تمر علينا مروراً بسيطاً، دون التوقف لملاحظتها ومعالجتها، بل إن البعض يعلم أن هذا السلوك سلبي، ويندفع في ممارسته، والتشجيع على الوقوع فيه، بسبب عدم الرغبة في إفساد اللحظة مع المقربين.
لعل من بين تلك السلوكيات السلبية الحديث عن الناس، أو عن شخص محدد، في غيابه، والحديث عن الآخرين بما يكرهون، خلال غيابهم، فهم لا يسمعون ما يقال عنهم من كلمات قد تكون خطأ تماماً، أو فيها بعض الخطأ، ويوجه لهم نقد، وتُصدر عليهم أحكام، وهم بعيدون تماماً، ولا يعلمون بها، فلا هم موجودون للدفاع عن أنفسهم، ولا هم يُسمح لهم بتوضيح وجهة نظرهم، أو الرد على ما يقال ضدهم.
تصبح مثل تلك الجلسات، جلسات الغبية، والتحدث عن الآخرين، كأنها جلسة من التحليل والبحث والتقصي ثم الحكم، لكن جميعها من جانب واحد، فالشخص موضوع تلك الجلسة غائب وغير موجود.
هذا السلوك مرفوض تماماً في شريعتنا الإسلامية الغراء، سواء في القرآن الكريم أو في الحديث الشريف، بل هو سلوك مرفوض في كثير من الثقافات والمجتمعات البشرية، ولا غرابة في هذا، كونه ممارسة تنم عن الجبن، والانتهازية، وفيها قسوة وظلم للآخر.
المشكلة الأكثر خطورة في هذا السلوك، عندما يمارس التعدي على حقوق الآخرين، وظلم إنجازاتهم، وتكوين صورة سلبية وخاطئة تماماً عنهم، وبالتالي تشويه مسيرتهم الحياتية ومبادئهم وقيمهم وأفكارهم، ولا يقع في ممارسة هذا السلوك المؤذي إلا من هو مريض نفسي، وقد تلبست به مشاعر الحسد، أو نحوها من المشاعر التي تنم عن الكراهية، والتي قد لا يكون لها سبب وجيه أو منطقي.
وغني عن القول إن الغيبة، والتحدث بشكل سلبي عن الآخرين، مدمرة للعلاقات البشرية، ومدمرة لأواصر الود والإخاء وانتشار قيم المحبة، كونها لا تكتفي بتمزيق سمعة الغائب، بل أيضاً تزرع الشك والريبة في نفوس الحاضرين، الذين يدركون أنهم غداً قد يكونون الغائبين، ومن يتم التحدث عنهم.
من المهم التنبه لهذا السلوك ورفضه تماماً، وتعليم أطفالنا وتوعيتهم حول هذا السلوك الخاطئ، لأنه لا يتماشى مع الثقة بالنفس، من المهم أن نرفضه ليس بتجنبه فحسب، بل برفض سماعه أيضاً، حتى لو اضطررت لمغادرة المجلس الذي يتم فيه التحدث عن الآخرين بشكل سلبي، وأؤكد أن هذا الموقف سيُكسبك الاحترام أمام الجميع.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
مقالات أخرى للكاتب



