وصفة حبّ لمرض الحرب

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

بعيداً عن لغة الحرب، وبعيداً عن مصطلحات المحلّلين السياسيين وقواميس الرعب وأبجدية الموت العالمي المتدرّج في الجوّ وفي الأرض، اذهب معي إلى الحب وإلى شعراء القلب حيث اللغة خضراء، ويوم الإنسان أخضر بلا شوك ولا حديد ملتهب.
هكذا يتحدث أوكتافيو باث إلى امرأة خضراء: «أحدّثك بلغة الحجر، فتردّين بنبرة خضراء، أحدّثك بلغة الثلج، فتردّين بمروحة من النحل، أحدّثك بلغة الماء، فتردّين بزورق من البرق. أحدّثك بلغة الدمّ، فتردّين ببرج من الطيور». (ترجمة: حيدر الكعبي).
أما ماكس بيكارد، فيفلسف الحب على هذا النحو: «في الحب، لا يتحرك شخص نحو آخر من نفسه ذاتها، بل من مستوى أعلى هو ذلك المستوى المُعطى سلفاً كأب، أو أمّ، أو محب، أو غافر». (ترجمة: عبدالوهاب المقالح).
الحب فعل تطهير وتطهّر، لكن لكي يصبح بهذا المستوى الوجودي الرفيع، لا بدّ من قلب جميل يحمله. الشاعرة فروغ فرخ زاد تحمل مثل هذا القلب. تقول: «يا من تلوّن ليلي بسبب رؤياك في أحلامي. وثقل صدري بتأثير عطرك وعبيرك. يا مَنْ بَسَطتَ نفسك أمام عيني، ومنحتني السعادة أكثر من الحزن. مثل الأمطار التي تغسل جسد الأرض، وطهّرت كياني من كل الأدران». (ترجمة: محمد نور الدين عبدالمنعم).
الحب ليس له عدّاد أرقام. إنه رقم لا نهائي. وقلب الإنسان لا يجري تصفيره مثل ماكينة بنزين. يقول رسول حمزاتوف: «لو أعدّ ألف رجل في هذا العالم، ليُرسلوا إليك طالبين يدك. اعلمي من بين أولئك الرجال سأكون أنا رسول حمزاتوف، ولو عشقك عشرة من الرجال الحقيقيين الذين لا يخافون نار قلوبهم، بينهم أنا متلوياً متحسراً سأكون أنا رسول حمزاتوف». (ترجمة: مسوّح مسوّح).
إليك، أيضاً، هذا الهمس الناعم الذي يرسله أحمد شاملو إلى امرأة ريفيّة مولودة من الشمس: «قولي أجمل ما لديكِ. اكشفي تعذيب صمتك الخفيّ. ولا تخافي ممّا يقولون، لأن الحب ليس حرفاً عبثياً، لأن الحب هو الغد، لأن الحب هو الامتداد، أجلب لكِ أعظم حب في العالم». (ترجمة: مريم العطار).
بابلو نيرودا معجون بالحب من رأسه حتى أخمص قدميه، وفي الوقت نفسه هو شاعر إنساني عظيم حوّل ثقافة الحرب إلى شعر مولود من القلب. «أعطني جوادك وعينيك. أعطني الظلمة المنحرفة. أعطني أم الذُّرة. أعطني لسان الفرس. أعطني الوطن بلا أشواك». (ترجمة: صالح علماني).
لويس أراغون هو الآخر معجون بالحب، كما لو أن شعراء القلب في العالم ينحدرون من ظهر رجل واحد. «بلا حراك، أنتظر فجرك بعد الفجر. أمسك إلى ما لا نهاية بذراعك الحلوة في يدي. آنئذ يزهر فيّ شيء لا يوصف». (ترجمة: د. سامي الجندي).
أيها العالم، جرّب وصفة الحب، فربما تشفى من مرض الحرب.
[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"