الاقتصاد الصيني ورعب إدارة بايدن

22:46 مساء
قراءة 3 دقائق
1

أوليفر سوليفان *

على الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الذي فتح نار الحرب التجارية على الصين بفرض الرسوم الجمركية على صادراتها، تحفظت بكين في الترحيب بمنافسه الديمقراطي، جو بايدن.

فقد سارع رؤساء الدول إلى تهنئة الرئيس المنتخب جو بايدن، حيث كان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من بين أول من اتصل بنائب الرئيس الأمريكي السابق في 7 نوفمبر. وأعقب ذلك المزيد من الاتصالات بعد ذلك بوقت قصير، سعياً إلى إعادة تأكيد التحالفات وبناء علاقات مبكرة مع الرئيس المقبل للولايات المتحدة.

وامتنع الرئيس الصيني شي جين بينج عن تهنئة الرئيس المنتخب جو بايدن على فوزه في الانتخابات، وانتظر حتى تأكيد فوزه - لمد يده أخيراً. وينم تحفظ شي عن ارتياب الحكومة الصينية العميق بالولايات المتحدة، وربما في الإدارة القادمة أكثر من الإدارة المنتهية ولايتها.

على الرغم من أن الحزب الشيوعي الصيني ظل صامتاً إلى حد كبير بشأن بايدن في البيانات الرسمية، فقد أعلن عن آرائه في أماكن أخرى. جاء في مقال افتتاحي نُشر في صحيفة جلوبال تايمز الحكومية يوم الأحد: «لا ينبغي للصين أن تعلق الأمل على أوهام بأن انتخاب بايدن سيخفف التوتر أو يؤدي إلى تغيير في العلاقات الصينية الأمريكية، كما لا يجب أن تضعف إيمانها بتحسين العلاقات الثنائية بين الجانبين لكن المنافسة الأمريكية مع الصين سوف تشتد».

قد لا يرى البعض هذا الكلام منطقياً للوهلة الأولى. فمن المرجح أن تكون رئاسة بايدن مفيدة للحكومة والاقتصاد الصيني من عدة جوانب. فمن أبرز العناصر في سياسة إدارة ترامب الخارجية هو فرض رسوم جمركية على سلع صينية تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات، مما أثار حرباً تجارية وصفها بايدن بأنها «الطريقة الخاطئة» لمواجهة الصين. ومن المرجح أن يتراجع عنها خلال فترة ولايته. ومن المؤكد أنه سيتم رفع القيود الصارمة التي تفرضها إدارة ترامب على تأشيرات الطلاب الصينيين، وإلغاء الكثير من الإجراءات التي اتخذتها الإدارة المنتهية ولايتها. والأهم من ذلك كله، أن إدارة بايدن لن تفاجئ العالم بقرارات غير متوقعة مثل سابقتها، حيث تشيد أحياناً بالرئيس الصيني شي بينج وبجديته وشفافيته.

ومع ذلك، تختلف إدارة بايدن عن إدارة ترامب في أحد الجوانب الحساسة وهي رغبتها في تبني التعاون على الساحة العالمية، وبالتالي، محاصرة الصين وتقليص فرص توسعها.

وقد شهدنا موقف إدارة ترامب من التحالفات الدولية مؤخراً في رفضها الانضمام إلى تحالف «كوفاكس» لمواجهة وباء كوفيد-19، باعتباره من صنع الصين ومنظمة الصحة العالمية الفاسدة حسب وصفها. لكن القرار الأمريكي بمقاطعة التحالف الذي يضم 170 دولة ترك الباب مفتوحاً للصين كي تتزعمه.

وكان آخر قرارات إدارة ترامب المتسرعة الحظر الممنهج لمرشحي هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية، ما يجعلها عاجزة عن توفير النصاب القانوني اللازم للفصل في النزاعات التجارية الدولية وحلها. وقد أضعفت تلك القرارات حلفاء أمريكا وبددت الجهود المبذولة لإنشاء جبهة دولية موحدة ضد تهديدات مثل الهيمنة الاقتصادية المتنامية للصين.

ويجب إزالة أسباب هذا التشتت في ظل إدارة بايدن، التي وضعت أهدافاً واضحة تتمثل في العمل مع حلفاء واشنطن للوقوف في وجه الصين وإعادة الولايات المتحدة إلى «موقع القيادة العالمية».

إن اندفاع القادة الأجانب لبناء علاقات مع بايدن، يوضح بشكل أكبر أن التحالفات القديمة تتطلع إلى العودة إلى الواجهة. لذا فإن الحذر الصيني مبرر خاصة وأن اقتصادها، على الرغم من المظاهر الخارجية، ليس منيعاً ضد الركود. وحتى قبل تفشي وباء كوفيد-19، تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 إلى أدنى مستوياته منذ أوائل التسعينات، وكان النزوح المستمر للكفاءات الشابة بمثابة ناقوس خطر يعلو صوته كل يوم.

* مجلة فاينانس مانثلي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب في مجلة فاينانس مانثلي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"