عادي

البرنامج النووي السلمي الإماراتي.. ركيزة مستقبلية لاستكشاف الفضاء

01:50 صباحا
قراءة 4 دقائق

وام

قبل أكثر من ستة عقود، انطلقت أولى رحلات البشر إلى الفضاء لسبر أغوار هذا العالم وما كان لهذه الرحلات أن تصل إلى وجهاتها في الفضاء السحيق من دون الطاقة النووية، والآن تستعد البشرية لبدء عصر جديد من استكشاف الفضاء عبر السفر إلى المريخ ونظامنا الشمسي وما بعده، وذلك بالاعتماد على الطاقة النووية والتقنيات ذات الصلة، بجعل السفر بين الكواكب أسرع وأكثر كفاءة وجدوى اقتصادية، بحسب ندوة للوكالة الدولية للطاقة الذرية عقدت العام الماضي وحملت عنوان «ذرات للفضاء: أنظمة نووية لاستكشاف الفضاء».

وهنا في دولة الإمارات، يستعد رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي للانطلاق إلى محطة الفضاء الدولية في أطول رحلة لرائد فضاء عربي تصل إلى 6 أشهر وذلك بعد نحو 4 أعوام من رحلة مماثلة لمواطنه هزاع المنصوري، وبعد 3 أعوام على انطلاق مسبار الأمل الإماراتي نحو المريخ في سابقة هي الأولى في العالم العربي.

وحرصت القيادة الرشيدة على تطوير استراتيجية مستقبلية متكاملة، تعتمد على ركائز النهضة الحضارية الشاملة، ولا سيما أن الطاقة النووية لا يقتصر دورها على توفير طاقة كهربائية وفيرة وصديقة للبيئة على مدار الساعة، بل تمتد التطبيقات المدنية للطاقة النووية لتشمل العديد من المجالات وفي مقدمتها استكشاف الفضاء.

وتركز مؤسسة الإمارات للطاقة النووية حالياً على البحث والتطوير والابتكار في التقنيات المتقدمة للطاقة النووية، ولا سيما أن خبراء وكالة «ناسا» الأمريكية للفضاء يجمعون على أن التقدم في كل من الانشطار والاندماج النووي سيكون أمراً لا غنى عنه للسفر في الفضاء البعيد، كما اتفقوا على أن الطاقة النووية يمكن أن توفر الكهرباء للأنظمة والأجهزة الموجودة على متن الرحلات الفضائية، وأن تمكن البشر من التواجد المستدام على مختلف الكواكب في نظامنا الشمسي وربما ما بعده.

وبحسب ميخائيل شوداكوف، نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رئيس إدارة الطاقة النووية: «لعبت التكنولوجيا النووية منذ فترة طويلة دوراً حيوياً في مهمات الفضاء البارزة، لكن المهمات المستقبلية يمكن أن تعتمد على أنظمة تعمل بالطاقة النووية لمجموعة واسعة من التطبيقات»، مشدداً على أن الطريق إلى النجوم يمر عبر الذرة».

وفي المستقبل القريب ستعتمد الصواريخ التي تنطلق من الأرض إلى الفضاء على الوقود الكيميائي. ومع ذلك، بمجرد دخولها في المدار، يمكن للمحركات النووية أن تتولى زمام الأمور وتوفر الدفع لتسريع حركة المركبات الفضائية.

وتتركز تقنية الدفع النووي الحراري، في أن يقوم المفاعل الذي يعتمد على الانشطار النووي بتسخين الوقود السائل، مثل الهيدروجين. ثم تعمل الحرارة على تحويل السائل إلى غاز، والذي يتمدد عبر فوهة لتوفير قوة دفع كبيرة للمركبة الفضائية.

وتتمثل مزايا هذه التقنية في أن الرحلات الفضائية ستحتاج إلى وقود أقل ولا حاجة لتخزين الوقود على متن الرحلة، وأن المحركات التي تعتمد على تقنية الدفع النووي الحراري ستقلل من أوقات الرحلات، وهو ما يقلل وقت السفر إلى المريخ بنسبة تصل إلى 25% مقارنة بالصواريخ الكيميائية التقليدية، وسرعة أعلى تؤدي إلى تقليل وقت الوصول إلى المريخ بأكثر من 60% مقارنة بالصواريخ الكيميائية التقليدية، إلى جانب قوة الدفع للإبحار في الفضاء.

وتم تسليط الضوء على مولدات الطاقة النووية، التي زودت المركبات الفضائية بالطاقة على مدى عدة عقود بعيداً عن الشمس، وذلك لقدرتها على توفير الحرارة والكهرباء على المدى الطويل لأنظمة المركبات الفضائية المستقبلية في ظل درجات الحرارة المتدنية جداً ومن دون الحاجة إلى الصيانة، وبحسب دراسة الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء في عام 2015، فإن مهمة البشرية إلى المريخ لن تكون ممكنة بدون المفاعلات النووية الفضائية.

وتعد المفاعلات التي تنتج الطاقة اللازمة للاستخدام على سطوح الكواكب عن طريق الانشطار النووي، مفاعلات دقيقة يمكنها توفير طاقة كهربائية في نطاق عشرات الكيلوواط لفترة تمتد إلى عدة عقود، ومنذ عام 1961، أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» أكثر من 25 رحلة فضائية تعتمد على الطاقة النووية من خلال شراكة ناجحة مع وزارة الطاقة الأمريكية، التي توفر أنظمة الطاقة ووقود البلوتونيوم.

وبعد 6 عقود من إطلاق أول مهمة فضائية تعمل بالطاقة النووية، عبر المركبة «ترانزيت 5 إي»، وضعت وكالة «ناسا» خططاً مستقبلية جريئة لاستكشاف الفضاء البعيد، وذلك بالاستناد إلى تاريخ عريق من إطلاق وتشغيل رحلات فضائية تعمل بالطاقة النووية في الفضاء بأمان.

وبحسب الدكتور توماس زوربوشن، المدير المساعد لدائرة المهام العلمية في «ناسا» فإن الطاقة النووية فتحت النظام الشمسي للاستكشاف، مما سمح برصد وفهم الكواكب المظلمة والبعيدة التي يصعب الوصول إليها.

وهناك طريقتان عمليتان فقط لتوفير طاقة كهربائية طويلة المدى في الفضاء هما، ضوء الشمس أو الحرارة التي تنتجها الطاقة النووية، وسيحتاج رواد الفضاء إلى طاقة وفيرة ومستمرة للبقاء على قيد الحياة في الليالي القمرية الطويلة واستكشاف الفوهات المظلمة على القطب الجنوبي للقمر، أو الوصول إلى المريخ.

ومع بدء دولة الإمارات مرحلة استكشاف الفضاء تبدو مهمة مؤسسة الإمارات للطاقة النووية من أجل تحقيق الأهداف الأوسع للبرنامج النووي السلمي، في منتهى الأهمية، حيث المستقبل يتركز في البحث والتطوير في التقنيات المتقدمة للطاقة النووية من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من تطبيقاتها السلمية التي تخدم البشرية سواء على سطح الأرض أو الكواكب الأخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdzk2err

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"