«النصرة» تغير جلدها

04:43 صباحا
قراءة دقيقتين
يقول المثل العربي «لن يستقيم الظل والعود أعوج»، وعندما تغير «جبهة النصرة» اسمها إلى «جبهة فتح الشام»، ويعلن زعيمها، أبومحمد الجولاني، الذي ظهر للمرة الأولى حاسر الوجه، أنه سحب بيعته لتنظيم القاعدة، بعدما سمح له قائده، أيمن الظواهري بذلك، فذلك لا يعني أن «جبهة النصرة» باسمها الجديد تغيرت أو لم تعد منظمة إرهابية، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر بتاريخ 30 مايو/أيار 2013.
هي غيرت اسمها فقط، ولم تغير نهجها وفكرها وسلوكها الإرهابي التكفيري المتطرف.. هي تحاول تلميع وجهها بتغيير جلدها والظهور بمظهر الاعتدال، نزولاً على رغبات ومحاولات تُبذل منذ أكثر من سنة ونصف السنة، لجعل «الجبهة» مقبولة عربياً ودولياً، وعدم معاملتها كتنظيم إرهابي مثل «داعش»، وتصبح بالتالي تنظيماً معتدلاً يشارك التنظيمات «المعتدلة» الأخرى، المعركة ضد النظام السوري. وكان الشرط لذلك إعلان انفصالها عن «القاعدة»، وهو ما تم بعد سماح الظواهري بفك بيعة «الجبهة» للقاعدة، أي أن هذا الفكاك الصوري هو أقرب إلى التدليس منه إلى الواقع، ذلك أن الجولاني يحاول الحصول على استقلالية أكثر عن «القاعدة» من دون أن يتخلى البتة عن نهجها وفكرها.
لذلك كانت ردود الفعل الدولية على قرار الجولاني غير إيجابية، ولم يصدقه أحد، حتى أن واشنطن رأت فيه مجرد «خطوة تكتيكية» وأكدت «مازلنا نعتبر النصرة منظمة إرهابية»، فيما رأى مدير الاستخبارات الأمريكية، جيمي كلابر، أن تغيير جبهة النصرة اسمها «خطوة دعائية لتجنب ضربات الطيران وخصوصاً الروسية». كما أعلنت الأمم المتحدة أن «جبهة النصرة ستبقى على قائمة عقوبات مجلس الأمن» و«أن تغيير اسمها لا يغير في الواقع شيئاً».
هذا يعني أن محاولات إخراج «جبهة النصرة» من قائمة المنظمات الإرهابية قد فشلت، وهي لاتزال مدرجة على قائمة الإرهاب مع «داعش»، ولن تكون بالتالي بمأمن من استهدافها من جانب سلاح الجو التابع لقوات التحالف وروسيا.
عندما تغير الأفعى جلدها، فهذا لا يعني أنها تغير سلوكها، أو تصبح غير سامة، فهذه طبيعتها. وعندما تغير الحرباء لونها على سبيل التمويه، فهذا لا يعني أنها لم تعد حرباء، بل هي تحاول التخفي أمام الآخرين. وعندما تغير «جبهة النصرة» اسمها، فهذا لا يعني أنها لم تعد «جبهة النصرة» المصنفة إرهابية في المحافل الدولية والإقليمية.
إن محاولة البعض استغفال العالم وحمله على تصديق أن «جبهة النصرة» هي غير «داعش» فشلت، وهذا البعض مطالب بإعادة حساباته ومواقفه.. ولعل ما يدعو للشبهة أن جماعة «الإخوان» سارعت إلى الترحيب بتغيير الاسم، واعتبرته «خطوة أولى نحو محلية الثورة وأهدافها».. فهل نصدق بعد ذلك أن «جبهة النصرة» تغيرت؟!
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"