الطائرة الكهربائية أقرب إليك من السيارة

03:42 صباحا
قراءة 3 دقائق
أدم منتر
ليست فكرة استبدال السيارة بوسائل نقل كهربائية أسرع، تحمل أعداداً كبيرة من المسافرين فكرة غير مألوفة. فقد طبقتها الصين بتكاليف باهظة في بناء شبكات القطار السريع. لكن الأسبوع الماضي شهد انطلاق مشروع جديد مشترك بين شركة «بوينغ» و«جيت بلو» الأمريكيتين، يقوم على الاستثمار بسخاء في إنتاج طائرات كهربائية.
وفي حال نجحت رهاناتهما فسوف يكون بوسع المسافرين الانتقال بنموذج «تيسلا» الجوي في ظرف عشر سنوات.وهذا لا شك سوف يحدث نقلة نوعية في طرق تنقل الناس من النقطة ألف إلى النقطة باء، بما يحقق الكثير من المزايا لكل الأطراف.
وليست فكرة الطائرات الكهربائية وليدة هذه الأيام، بل إن المبشرين بها وعدونا بانطلاقها قبل عدة عقود. إلا أن التطورات الأحدث التي طرأت على تقنيات البطاريات ومحركات الدفع الكهربائية جعلت الحلم أقرب إلى الواقع. وتؤكد كل من بوينغ وجيت بلو عن قناعة راسخة بإحياء مشروع الطائرة «زونوم» التي كانت حلم شركة «زونوم إيرو» الشركة الناشئة التي تأمل في إنجاز مشروع الطائرة النفاثة بالبطاريات بحلول عام 2020.
والحقيقة أن الحاجة لمثل هذه النوع من الطائرات باتت ملحة. فالطائرات الكهربائية يمكن أن تحول الخطوط الجوية الخاسرة بسبب تكاليف الوقود إلى طرق مربحة. فطبقًا لإحصاءات هيئة الطيران المدني الأمريكية تتركز نسبة 70% من حركة المرور الجوي الأمريكي في 30 مطارًا تقريبًا. وهذا التمحور يتسبب في تقطع السبل بالعديد من المسافرين الذين يعيشون بعيدًا عن تلك المطارات الكبرى، لأن أسعار التذاكر في المطارات الصغيرة مرتفعة جدا وهي تعتمد على الدعم الحكومي في استمرار خدماتها (وتريد إدارة ترامب وقف هذا الدعم).
وبدلا من أن يسافروا جوًا، يضطر هؤلاء المسافرون للانتقال براً لمسافات تعادل أكثر من نصف مسافة رحلتهم التي تقل عن 750 ميلًا، أو قيادة سياراتهم لأقرب مطار كبير من أجل توفير المال.
وهذا ليس حلًا يكرهون عليه فحسب بل إن آثاره مدمرة على البيئة، لأن نسبة استهلاك الوقود لكل مسافر بالسيارة أعلى من نفس النسبة عند السفر جوًا.
وتسعى الاقتصادات الناشئة الكبرى مثل الصين والهند إلى تعميم ثقافة السفر الطويل بالسيارة. لكنها إذا ما سارت على نهج الولايات المتحدة في تعميم تجربة السفر برًا، فلا بد أن تتفاقم مشاكل الضباب الدخاني في سماء مدنها، وتعجز عن تحقيق أهداف خفض نفث الكربون المحددة لها.
ولهذا فإن الطائرات الكهربائية تشكل ضرورة قصوى لربط المناطق الريفية الأقل تطوراً بوسائط النقل الجوي. وفي هذه الحالة تصبح الطائرات الكهربائية الوسيلة الأعلى سرعة والأقل نفثًا للكربون وبالتالي المنافس القوي لركوب السيارات أو السفر بالقطارات السريعة أو الحافلات ما بين المدن.

وحتى عهد قريب كانت الرحلات الجوية الكهربائية مجرد حلم أكثر من اعتبارها منفذ قطاع الطيران المدني نحو المستقبل. أما طائرات الطاقة الشمسية فلعبت دورًا مهما في رفع الوعي حول نظافة البيئة أكثر مما أقنعت الناس باعتمادها وسيلة نقل مريحة. لكن تطور صناعة المواد خفيفة الوزن والمحركات الكهربائية، والأهم من ذلك كله تطور تقنيات البطاريات، يفتح آفاقًا جديدة أمام تطوير الطائرات الكهربائية.

فقد سجلت طائرة من صنع جامعة شتوتغارت الألمانية تحمل راكبين عام 2011 رقمًا قياسيًا عندما قطعت 62 ميلًا بخمسة وعشرين كيلوواط من الكهرباء لا تتجاوز تكلفتها 3 دولارات. وبعدها بثلاث سنوات أجرت «إيرباص» تجربة على طائرة براكبين اسمها «إي فان» تعمل ببطارية ليثيوم.

وتركز شركات صناعة الطائرات حاليا على التقنيات الهجينة التي يمكن أن تزيد المسافة التي تقطعها الطائرات الكهربائية وتزيد من سرعة استخدامها عمليًا.

وفي معرض ترويجها للتقدم التي أحرزته أعلنت شركة «إيرباص» مؤخرا عن تخليها عن برنامج طائرة «إي فان» لصالح برنامج طائرة هجين يمكن أن توضع في الخدمة خلال 3 سنوات.

وتتعاون وكالة الفضاء الأمريكية ناسا مع شركة «كيب إير» في إنتاج طائرة كهربائية تحمل ما بين 60 و90 راكبًا. وتراهن ناسا على خفض تكلفتها التشغيلية بنسبة 30% وعلى نفثها صفر كربون عند وضعها موضع التجربة الأولى هذا العام.
وفي إطار برنامج «بوينغ» المشترك مع «جيت بلو» سوف يتم التركيز على طائرات تقطع مسافة 700 ميل وتحمل ما بين 10 و50 راكبًا بحيث تنخفض تكاليف تشغيلها بنسبة 80% مقارنة مع نظيرتها التقليدية.كما تتضمن الخطة إنتاج طائرة تحمل 100 راكب بحلول عام 2030.
ولا تزال تقنيات البطاريات العقبة الأساسية أمام حلم«زونوم» وغيرها من أحلام الخيال العلمي.
وهذا ليس مستحيلا فقد سجلت تقنيات البطاريات زيادة في سعتها بنسبة 8% سنويا خلال السنوات الثلاثين الماضية. وسوف تسهم استثمارات شركات بطاريات مثل «تيسلا» في استمرار ذلك التطور. فلا داعي للاستهجان أن تكون رحلتك المقبلة على طائرة تأخرت حتى يستكمل شحنها كهربائيًا.

*محرر اقتصادي في «بلومبيرج»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"