أخطاء الأطباء.. والعقوبات

00:14 صباحا
قراءة 3 دقائق

علياء الملا *

كثُر الحديث في الآونة الأخيرة في الإعلام التقليدي وكذلك الإعلام الجديد وفي سائل التواصل الاجتماعي عن الأخطاء الطبية، وتتناقل وسائل الإعلام أخطاء جسيمة وقع فيها بعض الأطباء تسببت بأضرار خطرة لبعض المرضى.

وأجمعت تلك الأصوات على المطالبة بتغليظ العقوبات على الأطباء الذين قد يقعون في أخطاء طبية ومحاسبتهم بشدة على ذلك. وتكمن المشكلة هنا في أن ما تنقله وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من أخبار قد يكون مبتسراً ويشمل جزءاً من الحقيقة من دون الإلمام بكافة تفاصيل الواقعة المعنية.

ومن ذلك ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي عن طبيب قام بوصف دواء لمريضة عن طريق الهاتف وتبين أن المريضة لديها حساسية من ذلك الدواء ما أدى إلى وفاتها. ونسب الخبر الخطأ في ذلك إلى حصول التشخيص عن طريق الهاتف مع أن الخطأ والقصور كان في التشخيص ذاته، وكان وقوع الخطأ ممكناً حتى لو كان التشخيص حضورياً. ‏وحصول التشخيص عن طريق الهاتف لم يكن السبب الرئيسي الذي أدى إلى وقوع تلك الفاجعة. ‏

بداية، لا بد من الإشارة الى أن هناك قانوناً خاصاً ينظم المسؤولية الطبية وهو المرسوم بقانون اتحادي رقم 4 لسنة 2016 بشأن المسؤولية الطبية. ولقد حددت المادة 6 من القانون الخطأ الطبي والحالات التي يصبح فيها عمل الطبيب خطأ طبياً. وهذه الحالات هي:

* جهله بالأمور الفنية المفترض الإلمام بها في كل من يمارس المهنة من ذات درجته وتخصصه.

* عدم اتباعه الأصول المهنية والطبية المتعارف عليها.

* عدم بذل العناية اللازمة.

* الإهمال وعدم اتباع الحيطة والحذر.

وأوضحت المادة 17 من القانون أن المسؤولية الطبية لا تقوم إذا لم يكن الضرر ناتجاً عن أي من الأسباب المحددة أعلاه.

كما عرفت المادة 5 من اللائحة التنفيذية للمرسوم المذكور أعلاه الخطأ الطبي الجسيم بأنه «يعتبر الخطأ الطبي جسيماً إذا تسبب في وفاة المريض أو الجنين، أو استئصال عضو بالخطأ، أو فقدان وظيفة عضو، أو أي ضرر جسيم آخر».

بالإضافة الى توفر أحد المعايير التالية التي يكون الخطأ الطبي نتيجة لها:

1- الجهل الفادح بالأصول الطبية المتعارف عليها وفقاً لدرجة وتخصص مزاول المهنة.

2- اتباع أسلوب غير متعارف عليه طبياً.

3- الانحراف غير المبرر عن الأصول والقواعد الطبية في ممارسة المهنة.

4- وجود الطبيب تحت تأثير سكر أو تخدير أو مؤثر عقلي.

5- الإهمال الشديد أو عدم التبصر الواضح في اتخاذ الإجراءات الطبية المتعارف عليها كترك معدات طبية في جسم المريض أو إعطائه جرعة زائدة من الدواء أو عدم تشغيل جهاز طبي أثناء أو بعد العمليات الجراحية أو الإنعاش أو الولادة أو عدم إعطاء المريض الدواء الملائم طبياً، أو أي عمل آخر يدخل في إطار الإهمال الشديد.

6- ممارسة المهنة بصفة متعمدة خارج نطاق التخصص أو الامتيازات السريرية التي يتمتع بها الطبيب بموجب الترخيص الممنوح له.

7- استعمال الطبيب وسائل تشخيص أو علاج، من غير أن يكون قد سبق له إجراؤها أو التدرب عليها، دون إشراف طبي.

كما نص القانون في المادة 34 على إيقاع العقوبة على ممارس المهنة في حالات ارتكاب الخطأ الطبي الجسيم.

والاتجاه الذي ذهب إليه القانون في قصر إيقاع العقوبة على الخطأ الطبي الجسيم اتجاه أراه صحيحاً. إذ لا يجوز معاملة كل خطأ يقع فيه الطبيب كأنه فعل يستوجب المساءلة الجنائية. بل يجب في نظري التفرقة بين الفعل العمد الذي يرتكبه الطبيب والذي يرقى إلى مستوى الفعل الجنائي، والخطأ الذي يقع فيه من دون قصد ومن دون باعث إجرامي. فالفعل الذي لا تشوبه شبهة العمد أو الإهمال الجسيم قد يستوجب المساءلة المدنية وربما الإدارية لكنه قطعاً ليس جرماً جنائياً يخضع لقانون العقوبات. والقول بغير ذلك يؤدي إلى ابتعاد الأطباء عن القيام بواجباتهم الطبية وتجنبهم تقديم العناية اللازمة للمريض خوفاً من المساءلة الجنائية، وفي هذا ضرر على الصالح العام.

أما الإهمال الجسيم الذي يتجاوز أبسط مبادئ الطب وقد يرقى إلى مستوى الفعل العمد فيجب معاملته معاملة الخطأ الطبي الجسيم ويستوجب العقوبة اللازمة على ذلك.

كما يجب أن تتحرى وسائل التواصل الاجتماعي مصادر الأخبار والوقائع الصحيحة قبل نشر تفاصيل الأخطاء الطبية بين الجمهور حتى لا تتسبب فى بلبلة لا داعي لها.

* محامية أولى في مجموعة ممارسات تسوية المنازعات (حبيب الملا ومشاركوه)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ynb76eh8

عن الكاتب

محامية أولى في مجموعة ممارسات تسوية المنازعات. (حبيب الملا ومشاركوه)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"