عادي

تعرف إلى فلسفة «رودلف أويكن» المثالية

20:45 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة – «الخليج»

كتاب «الأخلاق والفكر الحديث.. نظرية العلاقات التي تربط بينهما» للكاتب والمفكر رودلف أويكن (ترجمة مارينا أشرف) محاضرات مجمعة، ألقاها في جامعة نيويورك، عام 1913 أي بعد حصوله على جائزة نوبل بخمس سنوات، وكان يهدف من ورائها إلى تقديم فلسفته بطريقة مبسطة، تساعد الجمهور العام المثقف على فهمها، وإيصالها لهم بطريقة تتصف باليسر.

ربما لذلك لم تحتو المحاضرات على هوامش، فكل الهوامش العربية المكتوبة في هذه النسخة من الترجمة هي من اجتهاد المترجمة مارينا أشرف، لتوضيح مصادر بعض الاقتباسات، والتعليق على بعض النصوص الأخرى داخل الكتاب.

يعد مفتاح فهم فلسفة أويكن في دعوته لإنشاء مثالية جديدة، أصبحت سلاحه في مواجهة المذهب الطبيعي أو الطبيعانية، وكذلك بعض المذاهب الأخرى مثل المذهب العقلي والمذهب الوضعي الذي يُعد أحد ضروب المادية، والحياة الروحية هي حجر الأساس لهذه الفلسفة الجديدة، وعنصرها الأساسي هو العنصر الأخلاقي، لذلك كان من الطبيعي تركيز محاضرته التي ألقاها بعد حصوله على جائزة نوبل في مدينة ستوكهولم عاصمة السويد يوم السابع والعشرين من شهر مارس لعام 1909 عن الفرق بين المذهب الطبيعي والمذهب المثالي تحت عنوان «الطبيعانية أم المثالية؟».

لكن قد يتساءل القارئ عما يعنيه المذهب الطبيعي، يمكننا القول: إنّ المذهب الطبيعي هو المذهب الذي يعتمد على الطبيعة اعتماداً كلياً، فالطبيعة هي الوجود، ولا وجود خارج هذه الطبيعة، وبالتالي ينكر المذهب الطبيعي وجود قوى عليا، لكن المذهب الطبيعي أكبر مما يبدو عليه، والمقصود أنّه يحوي العديد من الاختلافات داخله، فبعض الطبيعيين يستنكرون المناهج الفلسفية الخاصة، والبعض الآخر يعتنق التحليل المفاهيمي.

تُشير مقدمة الكتاب إلى أنّه يمكن تعريفه على أنّه المذهب الذي له أساس واحد وهو الطبيعة، أي المذهب الذي يرجع إليه كل الأشياء والظواهر والتطورات، بما فيها الإنسان ذاته، والكون بأكمله إلى الطبيعة وحدها، لكن حتى هذا الحين لم ينكر «أويكن» دور الطبيعة، فقد رأى أنّ الإنسان نفسه يخلق داخل حدود هذه الطبيعة، ولكن ما أنكره هنا هو الخضوع لهذه الطبيعة والتماهي التام داخلها، أي سيطرة الطبيعة على روح الإنسان وجعلها عنصراً من عناصرها.

يبدو أنّ المجتمع الذي يسعى إليه أويكن مجتمع مثالي، وتشبه فلسفته دعوته إلى يوتوبيا قائمة على الأخلاق، وهو لفظ ليس غريباً على الفلسفة والأدب، حيث ظهرت الكلمة لأول مرة في رواية توماس مور التي تُشير إلى البلد الذي يعمه السلام والخير والعدل والمساواة والأمان، ويوضح عبد الرحمن بدوي هذه الفكرة في ملحق «موسوعة الفلسفة» أنّها: «النظام الأمثل للحكم الذي يضمن الحرية والعدالة والمساواة لجميع المواطنين، ويكفل لهم رخاء العيش بأقل مجهود».

*الوحدة والتماسك

ربما لجأ أويكن إلى فكرة اليوتوبيا وعنصرها الأخلاقي، رغم عدم ذكر هذا المصطلح صراحة، ليشير إلى المجتمع السلمي، من أجل مواجهة «انحراف المدينة الحديثة وفساد العمل الثقافي المفتقر للمشاركة الشخصية ويتجاوزها لحياة عقلية وروحية أصيلة ومتجددة».

ويقوم هذا النموذج من المجتمع على مبدأ الكل والوحدة والتماسك الاجتماعي، المبدأ الذي يُعد غاية عليا للأخلاق، فمن أجل تحقيق عالم شامل من الخير والجميل، ينبغي السعي وراء إظهار كل عظيم، على حد قول أويكن في محاضراته.

ظلت شهرة أويكن كبيرة معاصرة للوقت الذي يعيش فيه حتى توفي في الرابع عشر من سبتمبر 1926 وترجمت أعماله إلى لغات عدة، ثم اضمحل ذكره بعد ذلك واختفى اسمه من الأوساط الأكاديمية على عكس فلسفة غيره من المعاصرين له، ويعلل البعض ذلك بسبب موقفه الذي أعلنه متضامناً مع ألمانيا في الحرب العالمية الأولى.

ينتمي رودلف كريستوف أويكن إلى التيار الروحاني، فهو فيلسوف مثالي ألماني حاصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1908 عن مجمل أعماله الفلسفية، وقد ولد في الخامس من يناير عام 1846 ودرس في جامعة جوتنجن تاريخ الفلسفة القديمة والحديثة والأخلاق والميتافيزيقا وعمل مدرساً في مدرسة ثانوية لمدة أربعة أعوام من عام 1867 إلى 1871 وبحلول عام 1871 عمل في جامعة بازل السويسرية وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وكان يعمل معه في الجامعة نفسها نيتشه وبوركهارت.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yw9x3ufz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"