سرطان المثانة السطحي

14:29 مساء
قراءة 7 دقائق

سرطان المثانة هو واحد من أكثر الأورام الخبيثة التي تصيب الجهاز البولي عند الإنسان، وهو سابع انواع السرطان الأكثر انتشاراً عند الرجال، والسابع عشر من انواع السرطان الأكثر انتشاراً عند النساء، ولذلك فإن تشخيص الإصابة به هو الأكثر انتشاراً عالمياً، حيث تحدث 330000 إصابة بهذا السرطان سنوياً، وتكون إصابة الرجال مقارنة بالنساء (8 .3 : 0 .1) .
تختلف نسبة الإصابة بسرطان المثانة حسب الموقع الجغرافي في العالم، حيث بات يلاحظ حديثاً انخفاض الإصابة بهذا السرطان في البلاد الصناعية بسبب الوقاية الأولية التي تؤدي إلى انخفاض عوامل الخطورة الرئيسية وخاصة التدخين والتلوث البيئي والتعرض إلى المواد المسرطنة بيئياً وصناعياً .
أما التعرض إلى خطورة الوفاة من جراء هذا السرطان فقد انخفضت في السنوات العشر الماضية لتحسن وسائل التشخيص والعلاج .
ومن تصنيفات سرطان المثانة ما يعرف ب"سرطان المثانة السطحي"، ويشمل الأورام السطحية الموجودة على ظهارة المثانة والتي تكون عادة ذات خبث قليل ولا تشكل خطراً على حياة المريض رغم معاودتها بنسبة حوالي 70% في معظم الحالات .
وتحدث الإصابة بسرطان المثانة السطحي بنسبة 75%، ويكون غير متوغل في عضلة جدار المثانة (NMIBC)، ولهذا فإن نسبة الشفاء منه تكون عالية في أي مرحلة قبل توغله في عضلة المثانة مقارنة بالنوع الثاني منه وهو سرطان المثانة المتوغل (MIBC) والذي يعتبر ذا خطورة عالية قد تؤدي إلى الوفاة مبكراً .

عوامل الخطورة

دلت الدراسات الكلينيكية على أن سبب الإصابة بسرطان المثانة له علاقة وطيدة بالاستعداد الجيني والشخصي للمصاب وخاصة بعد التعرض إلى عوامل الخطورة التالية:
1- تدخين التبغ - التدخين من أكثر العوامل المؤدية إلى سرطان المثانة وهو يسبب الإصابة بنسبة 50%-65% عند الرجال و7%-20% عند النساء . وحدوث الإصابة بسرطان المثانة له علاقة بفترة التدخين وعدد السجائر المدخنة يومياً من قبل الشخص، وتكون نسبة الإصابة مرتفعة عند الذين بدأوا التدخين في وقت مبكر من حياتهم وخاصة بعد بلوغ سن الرشد، وكذلك من يتعرضون أيام طفولتهم إلى وسط بيئي يوجد فيه تدخين للتبغ . أما سبب الإصابة فهو احتواء التبغ على المواد المسرطنة للمثانة وخاصة الأمينات العطرية (Aromatic Amines ) والهيدروكربونات العطرية ذات الحلقات المتعددة(Polycyclic Aromatic Hydrocarbons) .
2- التعرض المهني للكيميائيات - التعرض مهنياً وبيئياً من خلال العمل في مصانع الأصباغ وحفر البترول والمعادن والتعرض بيئياً ومهنياً إلى الكيميائيات هو السبب الثاني للإصابة بسرطان المثانة مع العلم بأن الدراسات الكلينيكية الحديثة أثبتت أن الإصابة مهنياً بهذا السرطان تتراوح ما بين 20% و 25%، أما المواد الكيميائية التي أثبتت خطورتها فهي مشتقات البترول (البنزين) والأمينات الأريلية (Aryl Amines) مثل الأنيلين ومنتجات الأصباغ ومنتجات المطاط والمواد الصناعية للمنسوجات وكذلك الأصباغ والجلود والكيميائيات التي تستعمل في هذه المصانع لتحضير وتصنيع هذه المواد . وتمتد فترة الإصابة بعد التعرض لهذه العوامل حتى عشر سنوات، أما فترة الكمون حتى نشوء السرطان فتكون 30 سنة تقريباً . أما الأمينات المكلورة (Chlorinated Amines ) فهي الأكثر خطورة للإصابة بسرطان المثانة بنسبة 10% من مجموع عوامل الخطورة الأخرى المؤدية إلى هذا السرطان .
3- تناول كميات كبيرة من الماء المكلور: تعتبر المياه المكلورة من المواد المسرطنة للخلايا في الجسم عامة والمثانة خاصة، ويزيد الخطر باحتواء مياه الشرب على مادة الزرنيخ الذي يرفع نسبة الإصابة بهذا السرطان .
4- التعرض إلى الإشعاعات الأيونية وخاصة بعد العلاج الإشعاعي للسرطانات الأنثوية وكذلك السرطانات الذكرية كسرطان البروستاتا .
5- أثبتت الدراسات الكلينيكية وجود علاقة وطيدة بين الإصابة بعدوى البلهارسيا وبين تكون سرطان المثانة الحرشفي، حيث إن هذه العدوى تؤدي إلى التهابات مزمنة في المثانة مسببة نشوء هذا النوع من السرطان في المثانة .
6- التعرض للكيميائيات العلاجية في حالة علاج السرطانات الليمفاوية وخاصة المضاد الكيميائي السيكلوفوسفاميد (Cyclophosphamide) وقد تؤدي هذه إلى سرطان المثانة بعد مدة كمون من (6 - 13) سنة .

التصنيف التشريحي المجهري:

سرطان المثانة بدون غزو العضلة المثانية: يصنف الورم الحليمي الذي يصيب الطبقة البطانية للمثانة فقط بأنه ورم المرحلة البدائية (Ta)، ويصنف الورم الذي ينتشر إلى الصفيحة المثانية في المرحلة البدائية (T1)، ولكن هذه الأورام يمكن استئصالها منظارياً .
وقد تكون هنالك إصابة بسرطان المثانة الداخلي أي في داخل الطبقة البطانية (Tis ) والذي لا يرى بالمنظار ذي الضوء الأبيض ولكن يمكن تشخيصه بواسطة المنظار البنفسجي الضوء بعد تثبيت مادة ملونة (HLA) في المثانة قبل التنظير أو يتم تشخيص هذا السرطان فقط من خلال الخزعة النسيجية مع العلم بأن مميزات هذا السرطان البيولوجية تكمن في ارتفاع درجة الخبث السرطاني له، أما التصنيف الجديد لمنظمة الصحة العالمية لسنة 2004 فإن له مميزاته التشخيصية والعلاجية وهو كالآتي:
* السرطان الحليمي ذو كامنية خبث قليلة .
* السرطان المثاني ذو درجة خبث قليلة .
* السرطان المثاني ذو درجة خبث عالية .
1- التشخيص:
القصة المرضية للمصاب بهذا السرطان وعلاقته بعوامل الخطورة المؤدية إلى سرطان المثانة وخاصة التدخين ، التعرض الكيميائي المهني .
2- الأعراض:
أكثر الأعراض انتشاراً هو النزيف البولي بدون آلام مع أعراض قد تحدث في بعض الأحيان في التبول كالتردد والحرقة أو انقطاع مفاجئ أثناء التبول .
3- التصوير:
1- تصوير الجهاز البولي العلوي والسفلي بواسطة الأشعة السينية الملونة لمعرفة وجود أو عدم وجود انتشار لسرطان المثانة في الحالب أو في الحوض الكلوي، حيث تحدث إصابة المسالك البولية العليا ( الحوض الكلوي والحالب) بنسبة (8 .1%) ونسبة إصابة مثلث المثانة تكون (5 .7%) .
2 . التصوير المقطعي (CT) يستطاع الكشف عن انتشار السرطان المثاني إلى الحوض الكلوي أو الحالب بنسبة أعلى من التصوير بواسطة الأشعة السينية الملونة وكذلك الكشف عن إصابة الغدد الليمفاوية أو عدمها من جراء هذا السرطان .
3- التصوير المقطعي: (MRI) أو التصوير بواسطة الرنين المغناطيسي المقطعي الملون للكشف عن إصابة أعضاء أخرى في البطن وما خلف البريتون بهذا السرطان وخاصة الغدد الليمفاوية .
4- الموجات فوق الصوتية تستعمل هذه الآلية التشخيصية كوسيلة مبدئية لتشخيص الورم في المثانة وبنسبة عالية وذلك بسبب الفعالية التصويرية والتشخيصية للمحول الطاقي (Transducer ) للأجهزة الحديثة ويتم ذلك بواسطة الموجات فوق الصوتية من خلال التصوير بواسطة هذا المحول الطاقي من فوق المثانة ، وفي نفس الوقت يتم تشخيص أي توسع أو عدمه في الحوض الكلوي من جراء انتشاره في المسالك البولية العليا (الحالب والحوض الكلوي) أو بسبب تضيقه لفتحة الحالب في المثانة .
5- الفحص الخلوي للبول ويتم ذلك بواسطة فحص البول للبحث عن خلايا سرطانية ويمكن تشخيص 28%-100% من السرطان المثاني السطحي مع العلم بأن هذه الوسيلة التشخيصية يكمن بحساسيتها التشخيصية العالية للخلايا السرطانية في المسالك البولية المثانية أو الحالبية أو المتواجدة في الحوض الكلوي .
6- الواسمات الجزئية في البول .
7- المنظار المثاني: يجرى هذا الفحص التشخيصي فقط في حالة عدم التأكد من ورم مثاني بواسطة الوسائل التشخيصية التصويرية المذكورة أعلاه، وذلك لأن المريض المصاب بسرطان المثانة سيخضع عاجلاً أو آجلاً إلى القلع المنظاري بعد تشخيصه مسبقاً بواسطة الوسائل التشخيصية المذكورة أعلاه .

العلاج:

هناك نوعان من العلاجات لسرطان المثانة السطحي (NMIBC) وهما:
1) العلاج المساعد : العلاج الحديث والناجح في المرحلتين الأولى والثانية لهذا المرض هو قلع الورم بواسطة المنظار مع العلاج المناعي في الوقت نفسه بعد قلع الورم بأسبوعين، حيث يتم تقطير المادة المناعية (BCG) في المثانة أسبوعياً لمدة 30 دقيقة ولمدة ستة أسابيع متتالية، وبعد ذلك ولمدة سنة كاملة كل ثلاثة أسابيع، حيث أثبت الدراسات كلينيكياً بأن هذا العلاج قد أدى إلى نسبة شفاء عالية في السنوات الأخيرة مقارنة بالعلاجات التقليدية الأخرى .
أما إذا حدث رجوع للورم ونما مجدداً في المثانة بعد قلعه منظارياً وعلاجه مناعياً بعد ثلاثة أشهر فإن هذا يدل على ان السرطان لم يستأصل بصورة جذرية، أو أن علاجه لم يتم بصورة صحيحة وكافية، ولهذا من الضرورة أن يجرى العلاج المساعد أولاً لجميع المرضى المصابين بسرطان المثانة البدائي وغير المتوغل في عضلة المثانة (NMIBC) من دون استثناء .
2) تقطير مادة كيميائية داخل المثانة
يستخدم هذا العلاج بعد القلع المنظاري مباشرة أو بعد أسبوعين، وقد يكون هذا العلاج جذرياً للسرطان حيث أثبتت الدراسات الكلينيكية الحديثة انخفاض نسبة رجوع سرطان المثانة السطحي بنسبة 11% بعد إعطاء المصابين تسييلة واحدة بعد القلع المنظاري مباشرة، ولكن هؤلاء المصابين كانت إصابتهم بورم واحد فقط في المثانة وليس عدة أورام سطحية، حيث استعملت المادة الكيميائية ميتومايسين (Mitomycin أو أبيروبسين) (Epirubcin) أو دوكسوروبسين (Doxorubicin )، وقد دلت على استجابة علاجية إيجابية لها ورجوع السرطان بنسبة أقل، ولكن تقطير المادة المناعية (BCG) في المثانة بعد أسبوعين من القلع المنظاري لهذا السرطان السطحي في المثانة كانت له إيجابيته العلاجية في حالة تقطيرها في المثانة المصابة، وقد دلت الدراسات الحديثة على انخفاض نسبة رجوع السرطان في المثانة بنسبة عالية جداً وخاصة بعد تقطيرها لمدة ستة أسابيع مباشرة بعد أسبوعين من القلع المنظاري لهذا السرطان وتقطيرها في المثانة كل ثلاثة أسابيع ولمدة سنة كاملة .

المتابعة والمراقبة:

بعد الخضوع إلى العلاج المذكور أعلاه يجب على المصاب أن يخضع إلى المتابعة والمراقبة الطبية الدورية الخاصة لمتابعة نتائج هذا العلاج ولمدة ثلاث إلى خمس سنوات عند طبيب اختصاصي في علاج وجراحة أمراض المسالك البولية والتناسلية ليجري له الفحوص الدورية اللازمة كالمنظار التلفزيوني للمثانة كل ثلاثة أشهر مع أخذ عينة بول للتحليل المجهري الخلوي أو خزعة من المثانة إذا استدعت الحالة المرضية ذلك .

البروفيسور سمير أحمد السامرائي

مدينة دبي الطبية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"