عادي
خزانة المعرفة

التشيؤ

03:10 صباحا
قراءة دقيقتين
يعني مصطلح التشيؤ تَحوُّل العلاقات بين البشر إلى ما يشبه العلاقات بين الأشياء (علاقات آلية غير شخصية) ومعاملة الناس باعتبارها موضعاً للتبادل.
يعد الفيلسوف المجري جورج لوكاش أول من بحث في موضوع التشيؤ في الفكر الفلسفي المعاصر، وقد أفرد لهذا الموضوع فصلاً كاملاً في كتابه «التاريخ والوعي الطبقي». ومن المؤكد أن النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت مدينة بالكثير لكتاب لوكاش الذي شغل حيزاً مهمًا وأساسيًا من أعمالها، حيث استند روادها في المرحلة الأولى من تأسيس النظرية النقدية إلى تحليل لوكاش للتشيؤ، وعلى دراسته النقدية لوضع الإنسان في المجتمعات المتقدمة، وتكنولوجيا، خاصة حينما ارتبط بمختلف أشكال السيطرة الشاملة التي تتم على الطبيعة والإنسان، والتي أدت في نهاية المطاف إلى تشيؤ كلي أصبح يعيشه الإنسان المعاصر في شتى ميادين الحياة، على مستوى النظام الاجتماعي والحياة الاقتصادية والدولة والثقافة والحضارة.
ويعرف لوكاش التشيؤ بأنه تحول الصفات الإنسانية إلى أشياء جامدة واتخاذها لوجود مستقل، واكتسابها لصفات غامضة غير إنسانية، وهذا يعني أيضا على حد تعبير لوكاش اغتراب الإنسان في ظل العلاقات الرأسمالية حيث لم تعد السلع تقاس بقيمتها الواقعية، وإنما تتحدد بقيمة مجردة تحدّدها السوق.
وحينما يتشيأ الإنسان، فإنه سينظر إلى مجتمعه وتاريخه (نتاج جهده وعمله وإبداعه) باعتبارهما قوى غريبة عنه، وتصبح العلاقات الإنسانية أشياء تتجاوز التحكم الإنساني، ويصبح الإنسان مفعولاً به لا فاعلاً.
وقد خلص كل من لوكاش وأعضاء مدرسة فرانكفورت في تحليلهم هذا إلى أنّه رغم التقدم العلمي والتكنولوجي في المجتمعات الرأسمالية، إلا أنّ هذا التقدم لم يمنع من تعرّض هذه المجتمعات لأزمات مختلفة ومتعددة. بل وجعل الإنسان يشعر بالاغتراب، وأضحى ترساً في آلة، وأصبحت قيمته الحقيقية تقاس بمدى ما يحقق من إنتاج، وهنا حدثت أزمة في القيم، لأنّ قيمة الإنسان الحقيقية أصبحت تقاس بعلاقات الإنتاج، وقوانين السلع وتبادلها.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"