عادي
وسط مخاوف أممية من تزايد حدتها مع حلول فصل الصيف

أزمة المياه تعيد سكان الموصل إلى عصر النقل بالقناني

03:57 صباحا
قراءة دقيقتين
تحمل رقيّة ابنة السنوات الخمس بيديها الصغيرتين المتسختين قارورة بلاستيكية فارغة، وتسلك بحذائها الرياضي الزهري الطريق نزولاً إلى النهر، لتأتي بالماء إلى عائلتها القاطنة في قرية الصيرمون، التي استعادتها القوات العراقية أخيراً من تنظيم «داعش»، في وقت أبدت الأمم المتحدة خشيتها من تفاقم الأزمة مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
وتقع الصيرمون على ضفاف نهر دجلة، في أطراف الشطر الغربي لمدينة الموصل. وليست رقية الوحيدة التي تسلك طريق النهر لجلب المياه المقطوعة عن المنطقة. منذ 19 فبراير/‏ شباط، تاريخ بدء هجوم القوات العراقية لاستعادة الجانب الغربي لمدينة الموصل، انقطعت المياه بالكامل عن الصيرمون، وعن ثلاث قرى أخرى مجاورة؛ بسبب تضرر الشبكة الكهربائية التي كانت تزود محطة التكرير بالكهرباء، وتعرض المولد الكهربائي التابع لمحطة التكرير إلى السرقة، بحسب مختار القرية أحمد فتى أحمد.
وترفع مريم التي غطت شعرها بمنديل أزرق سروالها الزهري، بينما تتقدم في الماء برفقة والدها الخمسيني المريض على خطى رفيقتها رقية، حتى الوصول إلى جزيرة صغيرة في وسط النهر. ويوضح غانم سلطان (35 عاماً) أن «المياه على الشاطئ المحاذي للقرية ضحلة، وتلك التي أمام الجزيرة أكثر نظافة نسبياً». وأصبحت طريق النهر اليوم تعج بالمارة، بشراً... وحيوانات. وقفز سعر الحمار أو الجحش من مئتي ألف دينار قبل شهرين إلى خمسمئة ألف اليوم. «وماكو حمير للبيع»، أي لا حمير للبيع، كما يقول حسين محمد إبراهيم (47 عاماً)؛ لأن من لديه دابة في قرية الصيرمون يعتبر اليوم محظوظاً. ويشير إبراهيم بسبابته إلى حمار صغير يشق طريقه صعوداً وعلى ظهره قارورتان ضخمتان معبأتان بالمياه، وخلفه جحش وحصان ينقلان أحمالاً مماثلة. في المخيمات التي تستضيف نازحين في محيط الموصل، الحصول على الماء ليس سهلاً أيضاً. ولا تكفي قناني المياه الموزعة حاجات النازحين، الذين بلغ عددهم أكثر من أربعمئة ألف. أما المياه التي يتم استقدامها بالصهاريج، فلا تخضع لأي تكرير.
في مخيم حمام العليل، أحد أكبر المخيمات في المنطقة، يملأ ياسر أحمد جالون ماء من خزان مشترك. ويقول رب العائلة البالغ من العمر 37 عاماً، «يعطوننا عبوات مياه، لكنها لا تكفينا للشرب وللطبخ؛ لذلك نستخدم هذه المياه بعد تصفيتها وغليها». وتعبر منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق ليزي غراندي عن خشيتها من أزمة أكبر مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة التي يمكن أن تصل إلى خمسين درجة. وتقول: «الناس بحاجة إلى مياه للشرب، وسيكونون بحاجة أكبر في الأسابيع والأشهر القادمة». ويبذل برنامج الأمم المتحدة للتنمية «كل جهده لتصليح محطات تكرير المياه؛ لتعود وتعمل بسرعة. إننا نتقدم، لكن لا يزال هناك عمل كثير».

(ا ف ب)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"