الإعلام الأمريكي يتجاهل قنص الفلسطينيين

03:31 صباحا
قراءة 3 دقائق

جوان كول *

العقيدة العسكرية «الإسرائيلية» الآن، هي أنه يمكن إطلاق النار على الفلسطينيين دون اعتبار لقيمتهم كبشر، سواء كانوا يشكلون خطراً وشيكاً أم لا.
ثارت ثائرة وسائل الإعلام الأمريكية، من اقتراح إطلاق النار على أرجل المهاجرين، الذي نُفيَ فيما بعدُ.. ولكن قنص الفلسطينيين الجاري على قدم وساق، لا يثيرها، في ما يبدو
تحدثت وسائل الإعلام الأمريكية عن الاقتراح المذكور بفزع، دون أن تذكر أن هذه الممارسة، من إطلاق النار على أرجل أشخاص متجمهرين عند الحدود، أصبحت خلال الشهور ال18 الماضية، سياسة «اسرائيلية» روتينية، إلى درجة أن الوفيات والإصابات التي يوقعها قناصة الجيش «الاسرائيلي» بالمحتجين الفلسطينيين المسالمين في غزة، لم تعُد تشكل أنباءً تستحق النشر على الأغلب في الولايات المتحدة.
اللهم إن بإمكانك العثور بجهد جهيد، على بعض التقارير المنشورة عبْر الانترنت، على الرغم من أنها مكتوبة بلغة منتقاة بعناية.
ولكن يبدو أن هذه الأنباء، لا تظهر أبداً على «أخبار» الدوائر التلفزيونية المغلقة الأمريكية، وإذا ظهر منها شيء في الصحف، فسيكون مدفوناً في الصفحات الخلفية.
ولكن، يمكن الرجوع إلى بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، لرؤية ما فعلته القوات «الإسرائيلية» للمحتجين خلال الأسبوعين الماضيين، ولاحظ الأعداد المروعة التالية، كما نُشرت على موقع الانتفاضة الالكترونية: «قُتل أكثر من 210 فلسطينيين، بينهم 46 طفلاً خلال احتجاجات مسيرة العودة الكبرى منذ بدئها في أوائل عام 2018. كما جُرح نحو 9200 آخرين بالرصاص الحيّ، بما في ذلك 1900 طفل. ويحتاج ما لا يقلّ عن 1200 من أولئك المصابين، إلى إعادة بناء أطرافهم، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.»
والحقيقة إذاً، أن جميع هؤلاء الأشخاص الذين يقارب عددهم 10 آلاف شخص، والذين أصيبوا بنيران حيّة على أيدي قناصة محترفين «اسرائيليين»، كانوا مدنيين عزل لا يشكلون أي خطر على أحد. ويملك القناصة مناظير قويّة، ويُثبت نمط الإصابات أنهم يضربون أولئك الأطفال عن عمد، ويستهدفون أرجلهم.
والعقيدة العسكرية «الإسرائيلية» الآن، هي أنه يمكن إطلاق النار على الفلسطينيين دون اعتبار لقيمتهم كبشر، سواء كانوا يشكلون خطراً وشيكاً أم لا، لمجرد وقوفهم بالقرب من السلك الشائك «الاسرائيلي» الذي يحصر الفلسطينيين في غزة داخل أكبر سجن في الهواء الطلق في العالم.
في فبراير/‏ شباط من هذا العام، أشارت لجنة تحقيق مستقلة شكلها مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إلى أن إطلاق النار على المحتجين الذين لا يشكلون أي خطر، جريمة حرب.
ويرقى النمط المنظم من جرائم الحرب، إلى جريمة ضدّ الإنسانية، وفقاً لنظام روما الأساسي لعام 2002، الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، والذي صادقت عليه معظم دول العالم.
وكان رئيس الوزراء «الاسرائيلي» الذي يُحاكم الآن بتُهم الفساد، قد هدد ضِمناً بالانتقام من محكمة الجنايات الدولية إذا اتخذت في أي يوم إجراءات ضدَّ «اسرائيل». وبالنظر إلى موقف الكونجرس الأمريكي الحماسيّ تجاه الحكومات «الإسرائيلية» اليمينية المتطرفة، ومع الأخذ في الاعتبار أن الولايات المتحدة تقدّم تمويلاً مهمّاً للمنظمة التابعة للأمم المتحدة (محكمة الجنايات الدولية)، فإنه لا يمكن الاستهانة بتهديد نتنياهو أبداً. كما هدد مجلس الشيوخ الأمريكي محكمة الجنايات الدولية بشأن هذه القضية، بتحريض من جماعات الضغط «الإسرائيلية».
ولذا، فقد تستسلم محكمة الجنايات الدولية للتخويف، وتركز بدلاً من ذلك على الحكام المستبدين الأفارقة المخلوعين، ولكن إذا تولت محكمة قانونية موضوعية النظر في سياسة «إسرائيل» المتمثلة في القنص الاختياري للمدنيين الأبرياء الذين لا يشكلون خطراً على أحد في غزة، فمَن المؤكد أن مسؤولي هذا البلد الرسميين، الذين أمروا بالقنص، سوف يُدانون بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية.

* أستاذ التاريخ في جامعة ميتشجان. موقع: إنْفورْمْد كومِنْت

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"