الإنعاش الروسي قصير الأجل

23:42 مساء
قراءة دقيقتين
ربما يكون عام 2016 قد منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شعوراً بالارتياح حول أداء اقتصاد بلاده يتجاوز ما يشعر به الروس. فسوق الأسهم في موسكو واحد من بين البورصات الأفضل أداء في العالم خلال العام المذكور رغم العقوبات المفروضة من الغرب على البنوك وشركات النفط الروسية. وقد سجلت الأسهم الروسية مكاسب بلغت 27% بشروط الروبل و47% بشروط الدولار.
إلا أن المحللين يعتقدون أن هذا الانتعاش مرتبط بعوامل خارجية قصيرة الأجل وليس بعوامل طويلة الأجل تستند إلى أساسيات الاقتصاد الروسي. فأسعار النفط وهو شريان حياة الاقتصاد، ارتفعت 50% مقارنة مع ما كانت عليه قبل عام. ولذلك من غير المستغرب أن تنتعش أسواق الأسهم ويسجل الروبل تحسناً ملحوظاً. ويراهن المستثمرون على «تداولات ترامب» التي قد تنشط في حال تم إبرام صفقة بين الرئيس الروسي والرئيس الأمريكي الجديد تؤدي إلى رفع العقوبات أو تخفيفها على الأقل.

لكن الوضع العام للاقتصاد الروسي يبقى معلولاً. فالبلاد لم تكد تخرج من كساد طال أمده حتى تجاوز السنتين حيث تقلص الناتج 0.6% خلال 2016. وفي حال بقيت العقوبات يقدر المحللون نسبة النمو في الاقتصاد الروسي بين 1.2% عام 2017 و1.5% عام 2018 وما بعده. وهذه المستويات أدنى من مستويات متوسط النمو في الاقتصادات المتقدمة لكل من أوروبا والولايات المتحدة.

وهناك طرق مختلفة للحكم على النمو الاقتصادي. فقد تفيد عملية رفع العقوبات في إضافة نقطة مئوية واحدة لمعدلاته. ويمكن تحقيق نقطة أخرى من خلال تعزيز جهود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مجال مكافحة البيروقراطية ورفع كفاءة الإدارة الحكومية وتقليم أظفار الفاسدين.

لكن المشكلة أن المستثمرين الروس والأجانب المتشككين في فرص حماية حقوق الملكية العقارية لا يضخون الكثير من الأموال في المحاور الرئيسية لرفع الإنتاجية.ولا تزال الاستثمارات تراوح في حدود 20% من الناتج العام، بينما وعد بوتين في 2012 برفعها إلى حدود 27%.
ولمعالجة مشاكل الاستثمارات ينبغي على روسيا تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تأجلت كثيراً وتعميم الإصلاح السياسي ليشمل كامل الهرم التنافسي في الدوائر السياسية وضمان سيادة القانون من خلال نظام قضائي مستقل.
وقد طلب من وزير المالية الإصلاحي ألكسي كوردين الذي لا يزال يحظى بثقة الرئيس بوتين، وضع خطة شاملة للإصلاحات المالية يتم الكشف عنها بداية 2017. لكن درجة التفاؤل بوضعها موضع التنفيذ لا تزال في حدودها الدنيا. وتوصل مجتمع الأعمال فيما مضى إلى قناعة بأن الإصلاحات المطلوبة لن ترى النور طالما أن بوتين وفريقه من المقربين يمسكون بزمام الاقتصاد. ويخشى هؤلاء من إجراء إصلاحات حقيقية وشاملة تهدد وجودهم في مناصبهم ودورهم في قيادة البلاد.
ولا تزال صورة تحرير الأسواق مشوهة نتيجة معاناة الروس في عقد التسعينات بسبب فوضى ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. ولم تعد النماذج التي تقدمها تجارب أوروبا والولايات المتحدة على صعيد إدارة الاقتصاد تجذب الكثير من الشعب الروسي.
ويجب على زعماء آخرين في دول العالم أن يعتادوا على فكرة بقاء بوتين في مركز السيطرة لوقت طويل حتى وإن لم يفلح في منح الاقتصاد الروسي فرصة للانتعاش.

الاندبندنت

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"