التسليح الروسي لإيران

05:13 صباحا
قراءة 3 دقائق

أفادت تقارير إعلامية نشرت في موسكو، في منتصف كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بأن روسيا قد بدأت تصدير أنظمة دفاع جوي متوسطة المدى إلى إيران، من طراز (S-300PMU1). وذلك بعد نحو عامين من استكمالها تصدير منظومات (Tor M -1).

وفي السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول، قال ألكسندر فومين، نائب رئيس جهاز التعاون الفني والعسكري الروسي: إن التعاون العسكري والفني بين روسيا وإيران له تأثير ايجابي في الاستقرار في المنطقة.. وسنستمر في تطوير هذا التعاون. وبُعيد هذا التصريح، طار إلى موسكو رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، محاولاً إقناع المسؤولين الروس بعدم تزويد إيران بمنظومات (S-300PMU1).

وكان قد ذهب إلى موسكو، للغرض ذاته، رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل إيهود أولمرت، في سبتمبر/أيلول الماضي. بيد أن الروس كانوا دبلوماسيين في الرد على مطلبه، حيث صرحوا أنهم ملتزمون بعدم تزويد أي طرف بأسلحة من شأنها الإخلال بالتوازن الاستراتيجي في المنطقة. وهنا، تهرّب الروس عملياً من الرد، ذلك أن أنظمة الدفاع الجوي لا تدخل ضمن هذا التعريف، بما فيها صواريخ (S-300PMU1). وعلى الرغم من ذلك، فقد رأت صحيفة هآرتس أن الصفقة المحتملة سوف تخل بميزان القوى العسكري في الشرق الأوسط. وربما ذهبت الصحيفة إلى هذا الاستنتاج انطلاقاً من الفكرة القائلة إن تعزيز دفاعات أحد الأطراف يعني في التحليل الأخير تقليصاً في القدرات الهجومية للطرف الآخر.

كذلك، عبرت وسائل الإعلام الإسرائيلية حينها عن شكوكها في إمكانية نجاح تل أبيب في إيقاف بيع الأسلحة الروسية إلى إيران، معتبرة أن أبلغ دليل على ذلك هو تهرب رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، من استقبال أولمرت. فقد غادر بوتين موسكو عندما وصل إليها هذا الأخير، متوجهاً إلى بيلاروسيا، ثم إلى مدينة بطرسبرغ الروسية، حيث احتفل بعيد ميلاده السادس والخمسين.

والحقيقة، أن ما لم يصرح به بوتين تولى الإعلان عنه رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الروسي، ميخائيل مارغيلوف، الذي قال إنه ليس لدى روسيا ما يدعوها لوقف تصدير الأسلحة إلى إيران.

والقضية الأساسية، المثارة اليوم، هي مدى إمكانية تنفيذ العقد الروسي الإيراني، الخاص بصواريخ (S-300PMU1)، الذي لم يوقع سوى بالأحرف الأولى. كان من المقرر، وفقاً لبعض المصادر، توقيع الاتفاق بصورته النهائية في مارس/آذار من العام ،2006 بيد أن الجانب الروسي أوقف المباحثات في يناير/كانون الثاني من العام ذاته، لأسباب تتعلق بالملف النووي الإيراني. وتشير مصادر أخرى إلى أن موسكو وطهران كانتا تبحثان هذه الصفقة قبل العام ،1998 حينما وقع الروس مع الولايات المتحدة اتفاقية خاصة، فرضت قيوداً على تعاونهم العسكري مع إيران، ولم يتخذ أي قرار حينها بهذا الشأن.

وكان بعض العسكريين الروس قد دعوا، بعد حرب القوقاز الأخيرة، إلى المضي قدماً في الصفقة، رداً على التسليح الإسرائيلي والأطلسي للقوات الجورجية. وبدوره، أعلن وزير الدفاع الإيراني، مصطفى نجار، في ديسمبر/كانون الأول ،2007 أن روسيا سوف تصدّر لبلاده عدة منظومات من صواريخ (S-300PMU1). وفي الشهر ذاته، أكدت الهيئة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري التقني أنها تدرس هذا الطلب.

من جهتها، أفادت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية، بأن روسيا ربما جهزت إيران في الفترة الأخيرة (بعد حرب القوقاز) بأجزاء من صواريخ (S-300PMU1)، إلا أن منصات الإطلاق لم تصل للإيرانيين بعد كما تقول الصحيفة. وهو الأمر الذي نفته إيران، في الأول من سبتمبر/أيلول الماضي، على لسان الناطق باسم وزارة خارجيتها حسن قشقاوي.

واستناداً إلى بعض التقارير الروسية، فإن إيران تمتلك حالياً عشر منظومات من صواريخ (S-200) المضادة للجو، وست منظومات من الطراز القديم ل(S-300). وقد حصلت على المنظومات الست من بيلاروسيا بصورة سرية، في أواسط التسعينات من القرن الماضي.

وكان من المقرر أن يعتمد نظام الدفاع الجوي الإيراني على صواريخ (S-300PMU1) Favorit ، ويستعين بصواريخ (Tor M- 1) في حماية أنظمة (S-300PMU1) من الصواريخ المضادة للرادار. أما منظومات (S-300PMU1) ذاتها، فقد صممت لاعتراض الصواريخ الجوالة والباليستية على مديات متوسطة، ولها مزايا متقدمة من حيث مسافة اكتشاف الهدف، ومواصفات الصواريخ المستخدمة فيها، والقدرة على مقاومة التشويش. وتستطيع هذه الصواريخ ضرب 24 إلى 36 هدفاً في آن واحد، على بعد يصل إلى 300 كيلومتر، وعلى ارتفاع يتراوح بين 10 أمتار و30 كيلومتراً.

وعلى الرغم من ذلك، فإن قرار تزويد طهران بمنظومات (S-300PMU1) يبقى قراراً سياسياً بالدرجة الأولى، وهو سيرتبط بالمسار الذي سترسو عليه العلاقات الروسية الأمريكية، مع تولي الرئيس المنتخب باراك أوباما لمقاليد السلطة في البيت الأبيض. وخاصة لجهة رؤيته للعلاقة مع كل من جورجيا وأوكرانيا، وموقفه من الدرع المضادة للصواريخ التي قررت واشنطن إقامتها في شرق أوروبا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"