الحرب الباردة بين الماضي والحاضر

05:50 صباحا
قراءة 3 دقائق
غاريث إيفانز

هناك الآن مخاوف من أزمة دبلوماسية خطرة وتجميد العلاقات بين روسيا والغرب، ما يثير شبح حرب باردة مرة أخرى.
وماذا كانت الحرب الباردة؟ يستخدم هذا التعبير لوصف العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي من 1945 إلى 1989. ولم يحارب أي من الطرفين الآخر مباشرة، لأن الخوف من حرب نووية كان مرعباً إلى درجة أن أياً من الطرفين لم يكن يفكر في حرب مباشرة. وبدلاً من ذلك، يعتبر المؤرخون أن ذلك الصراع كان حرباً باردة بين نظامي حكم متعارضين. فالولايات المتحدة والغرب مثلوا الرأسمالية، والاتحاد السوفييتي مثل الشيوعية.
وكلا الطرفين كانت لديه أفكار مختلفة حول كيفية إدارة بلد، وكلاهما اعتقد أن نظامه هو الأفضل. وكان أحد عوامل التوتر الحاد بين الطرفين هو أن كليهما كان يعتقد أن الطرف الآخر كان يحاول نشر نظامه عبر العالم.
وهناك آراء مختلفة حول متى بدأت تلك الحرب الباردة، ولكن المؤرخين يشيرون عموماً إلى نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945 باعتبارها منعطفاً رئيسياً. وسبب ذلك هو أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي كانا حليفين خلال الحرب، ولكن علاقة التحالف التي بنيت على أساس وجود عدو مشترك، هو ألمانيا النازية، لم تستمر عقب انتهاء الحرب. وهكذا انقسمت أوروبا، وبرز المعسكران الغربي والسوفييتي باعتبارهما القوتين العظميين المسيطرتين عالمياً. ونظراً إلى التعارض بين النظامين، فقد كانت هناك خلافات حول كيفية تنظيم عالم ما بعد الحرب وكيفية تقاسم أوروبا. وهذا أشعل تنافساً ضارياً، وأدى إلى علاقات شديدة التوتر نتيجة لتنافس المعسكرين من أجل السيطرة العالمية.
وقد انتظم الطرفان في حلفين كبيرين: الولايات المتحدة والغرب شكلوا حلف الأطلسي، والاتحاد السوفييتي وبلدان أوروبا الشرقية شكلوا حلف وارسو. وكان كل من الطرفين يتخوف من الآخر، فانطلقا في بناء جيوش مسلحة بشكل مكثف. وبحلول الستينات، أصبح بإمكان كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إطلاق صواريخ نووية عابرة للقارات بسرعة كبيرة. وما لبث الطرفان أن طورا أنظمة دفاع مضادة للصواريخ.
وفي تلك الأثناء، أصبح الطرفان يخوضان حروباً بالوكالة احتدمت عبر ما عرف بالعالم الثالث. ولكن الحرب الباردة لم تكن باردة بالفعل، كما يقول المؤرخون عموماً. فقد قتل ملايين الناس في تلك الحروب الساخنة.
واليوم، يمكن مقارنة التوترات المحتدمة بين روسيا والغرب بالحرب الباردة. وتبادل طرد الدبلوماسيين مؤخراً له سوابق، مثلما حدث في عام 1986، عندما أخذ المعسكران يتبادلان طرد الدبلوماسيين على أساس قاعدة «واحدة بواحدة».
ولكن الصراع اليوم يختلف عنه في أيام الحرب الباردة. فإن كلا الطرفين الغربي والروسي يملك قوة ردع نووية مخيفة، إلا أن هناك أوضاعاً مختلفة اليوم، مثل وجود علاقات اقتصادية واسعة بين روسيا والاتحاد الأوروبي. كما أن هناك العديد من الروس الذين يعيشون في الغرب.
ويقول البروفيسور مالكولم كريغ، المحاضر في التاريخ الأمريكي بجامعة جون مورس في بريطانيا: «روسيا ليست الاتحاد السوفييتي، والوضع الدولي مختلف تماماً اليوم. إذ إن روسيا مندمجة اليوم بصورة وثيقة في النظام الاقتصادي العالمي. وهذا يجعل روسيا أكثر تأثراً بالضغوط الاقتصادية. وأنا لا أتصور أن (الرئيس الروسي) بوتين سيرغب في جمود طويل الأمد في العلاقات أو سيتقبل المزيد من العقوبات الاقتصادية».

حقوقي أسترالي ووزير خارجية سابق - موقع محطة ال «بي بي سي»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"